يعتزم أعضاء الاتحاد الأوروبي عقد إجتماع استثنائي، الأسبوع المقبل، لبحث تداعيات الأزمة في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا، التي أعادت هاجس تدفق ملايين المهاجرين واللاجئين الى القارة العجوز، في مشهد ينذر بتكرار سيناريو 2015. وجاء الاستنفار الاوروبي بعد اعلان تركيا فتح حدودها مع اوروبا أمام اللاجئين، في اعقاب التصعيد العسكري في محافظة إدلب السورية، الأسبوع الماضي، اثر مقتل 34 جنديا في غارات جوية ألقت تركيا باللوم فيها على الحكومة السورية، التي تشن من جهتها هجوما واسع النطاق ضد الإرهابيين منذ ديسمبر الماضي لاستعادة كامل المحافظة، آخر معاقل المسلحين في البلاد، على الحدود مع تركيا. وكان الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قد أعلن الاحد عن عقد اجتماع استثنائي الأسبوع الجاري لوزراء خارجية دول الاتحاد لبحث تداعيات الوضع في إدلب السورية، مشددا على انه لا يوجد سوى حل سياسي لهذه الأزمة بعد أن دخلت تركيا الحرب في المنطقة. وأكد المسؤول الاوروبي، أن قرار عقد اجتماع عاجل يعكس المخاوف الاوروبية من استمرار القتال المتجدد في محافظة إدلب وما حولها والذي يمثل، حسبهم، تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين ويسبب بمعاناة إنسانية لا توصف بين السكان، وله تأثير خطير على المنطقة وخارجها، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى مضاعفة الجهود لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية الرهيبة بكل الوسائل المتاحة له. كما شدد الاتحاد الاوربي على ضرورة مواصلة حشد الموارد لتقليل معاناة السكان المدنيين لتوفير المأوى والغذاء والدواء، حيث أكدت الدول الأعضاء بمواصلة القيام بدورها لضمان وصول المساعدات الإنسانية بما في ذلك المناطق النائية، حيث يوجد الأشخاص الأكثر ضعفا. واستدعى التصعيد تكثيف المباحثات بين مختلف الاطراف التركية الروسية والاوروبية والتي عجزت كلها للوصول الى حل يرضي الاطراف المتنازعة، وهذا في ظل تمسك تركيا بتواجد قواتها وتعزيزها في نقاط المراقبة وتهديدها بشن حملة عسكرية ضد الجيش السوري في المنطقة من جهة، ودعوة القوات السورية للجانب التركي لضرورة الانسحاب من الاراضي السورية، حيث جددت مرارا رفضها لأي تواجد على أراضيها، وقالت إن النظام التركي يستمر في عدوانه على سيادة وحرمة أراضي الجمهورية العربية السورية من خلال نشر المزيد من قواته في إدلب وريفها وريف حلب شمال سوريا. واعتبرت أن أي تواجد تركي يشكل إنتهاكا سافرا للقانون الدولي واعتداء صارخا على السيادة السورية، ويتناقض مع بيانات آستانا وتفاهمات سوتشي بخصوص منطقة خفض التصعيد في إدلب، الأمر الذي يؤكد إصرار نظام أردوغان على عدم احترام أي تعهدات. وجددت السلطات التركية تأكيدها عزمها وتصميمها على التصدي بكل حزم للعدوان التركي على أراضيها غداة اعلان أنقرة عن عملية عسكرية تحت اسم (درع الربيع) ضد الجيش السوري في إدلب. ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا)، عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية، قوله إن بلاده تعرب عن إدانتها الشديدة ورفضها القاطع للعدوان التركي الغاشم على سيادة وحرمة الأراضي السورية، وذلك حفاظا على سلامة ووحدة الأراضي السورية. إستنفار أوروبي لمواجهة أمواج اللاجئين بمجرد ما أعلن الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، عن فتح حدود بلاده أمام المهاجرين حتى تدفق الالاف منهم نحو اليونان برا وجواً، مما دفع بالعديد من الدول الغربية لإتخاذ إجراءات أمنية عبر حدودها لوقف هذا التدفق مذكرين أنقرة باتفاقية اللاجئين التي وقعتها مع الاتحاد الاوروبي في 2016. وكثفت من جهتها بلغاريا واليونان اجراءاتها الامنية على الحدود في سبيل وقف التوافد الكبير لللاجئين، خاصة السوريين الذين يقدر عددهم بأكثر من 3 ملايين هربوا إلى تركيا منذ بدء النزاع في سوريا سنة 2011. ونقلت تقارير اعلامية، أن أكثر من ألف مهاجر وصل الى جزر شرق بحر ايجة اليونانية منذ صباح الاحد، حيث سجل وفاة أحدهم كان يسعى الى العبور الى اليونان لكنه توفي متاثرا بجروح أصيب بها إثر تدخل قوات الامن اليونانية لمنع عبور مهاجرين تجمعوا على الحدود. كما حاول أكثر من 10 آلاف مهاجر المرور عبر الحدود البرية التركية مع اليونان، حيث أطلق الحراس الغاز المسيل للدموع على الحشود التي حوصرت في المنطقة الواقعة بين السياجين الحدوديين بين البلدين. وقال المتحدث باسم الحكومة اليونانية، ستيليوس بيتساس، إن تركيا تدفع وتشجع هذا التحرك، لافتا إلى أن هذا الوضع يمثل تهديدا خطيرا وغير متوازن للأمن القومي اليوناني، على حد تعبيره. في غضون ذلك، دعت الأممالمتحدة اليونان إلى عدم استخدام القوة المفرطة في مواجهة آلاف المهاجرين القادمين من تركيا، خلال محاولتهم الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، وحثت في هذا السياق مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين أثينا للتحلي بالهدوء وخفض التوتر على الحدود، مشيرة إلى أنه بالرغم من أن الدول تملك حقا شرعيا في السيطرة على حدودها، لكن يجب عليها الامتناع عن استخدام القوة المفرطة ووضع نظام يسمح بتقديم طلب لجوء بشكل منظم. لكن الحكومة اليونانية، قالت إنها تواجه تهديدا وصفته بالخطير من آلاف المهاجرين الذين تجمعوا على حدودها بعد أن فتحت تركيا أبوابها أمامهم. وكان أكثر من 47 ألف لاجئ قد تجمعوا في المنطقة الحدودية البرية الفاصلة بين تركيا واليونان، منذ يوم الجمعة الماضي، وفقا لوزير الداخلية التركي، سليمان صويلو. ويسعى الاتحاد الاوروبي جاهدا الى تجنب تكرار فوضى تدفق المهاجرين عامي 2015 و 2016 واتخاذ موقف بعدما قالت تركيا انها لن تلتزم بعد الان بالاتفاق الموقع مع الإتحاد الاوروبي في هذا الشأن. وكان الاتفاق قد نجح، منذ 2016، في خفض اعداد المتوافدين على القارة العجوز من تركيا بدرجة كبيرة، وقال الاتحاد على أنه عازم على الإبقاء على نفس الاتفاق مع أنقرة مما يعني احتمال تقيم المزيد من الدعم المالي لها للعدول عن الموقف التركي.