يلجأ العديد من الجزائريين مع اقتراب فصل الصيف بحرارته المرتفعة وشمسه الساطعة، لوضع نظارات شمسية، باختلاف أشكالها وألوانها لحماية عيونهم من أشعة الشمس القوية، والكثير منهم يقتنيها على ممر الأرصفة، فنجهل إن كان أحد خطوط الموضة أم لحماية العينين من أشعة الشمس وهو ما لاحظناه خلال الجولة التي قادتنا إلى عديد الأماكن التي تباع فيها هذه النظارات الشمسية وأمام تجاهل الكثيرين للمشاكل الناتجة عن هذه النظارات التي قد تجلب الأنظار وتؤدي إلى عدة أضرار، وعن الرواج الذي تعرفه هذه النظارات المعروضة على أرصفة الطريق وإقبال المستهلك الجزائري عليها، دون المراقبة والتحقيق في مكوناتها الصناعية ومصدرها والتي لا تخضع للمعايير الصحية، قررت «السياسي» التقرب من العديد من المواطنين لمعرفة مختلف الآراء حول الظاهرة المطروحة بشدة خلال فترة الصيف. مواطنون يضربون بصحتهم عرض الحائط وخلال جولتنا الاستطلاعية التي شملت العديد من الأسواق، شدت انتباهنا هذه الأخيرة تملأ الأسواق عن آخرها إذ تباع في المحلات أو على الأرصفة بأثمان زهيدة، وهو ما جعلها تلقى رواجا كبيرا من طرف جميع الأعمار خاصة الشباب الذين يستمتعون بوضعها بهدف الأناقة والجمال متجاهلين تأثيرها وخطورتها على العينين والكثير منهم يعمد على ارتداء هذه النظرات ومنهم من لا يعرف حتى أوقات استعمالاتها إذ يلبسونها حتى في الشتاء وذلك للبهاء بها ولكن قد يتجاهل العديد ما هو مخفي وراء هذا الجمال والبهاء، وخلال تنقلنا إلى السوق البلدي لبلدية الشراڤة، التقينا بالشاب مروان الذي كان يقتني النظرات عند احد بائعي الأرصفة قال «أجد النظرات التي تلائمني وبأسعار زهيدة في هذه المحلات، فما يهمني هو أنها جميلة وإذا اشتريتها من عند بائع النظارات الطبية لوجدتها بأثمان تذهب العقل، لذا أفضّل أن اشتريها من هنا»، وتؤكد راضية أنها لا تستطيع اقتناء نظارات أصلية بسبب ثمنها المرتفع، وهي مضطرة لشراء نظارات رخيصة، وتضيف أنها لا تعلم ما قد تسبّبه لها من أمراض لكن الأهم عندها هو الخروج إلى الشارع بمظهر جميل وجذاب. ..وحتى بعض الباعة يتجاهلون مخاطرها وخلال تجوالنا بأسواق العاصمة، كان علينا التقرب من بعض الباعة وحينما سألنا أول بائع عن مصدرها، أجاب أنه يقوم بشرائها من أصدقائه الذين يحضرونها من الصين ليعيد بيعها بأثمان تناسب الفرد الجزائري، فهو، كما قال، لا يعرف إن كانت مضرة أو نافعة، فهمه الوحيد هو كسب رزقه من خلال بيع هذه السلعة، وفي ذات السياق، يضيف احد البائعين قائلا «إنها نظرات جميلة وأنيقة ولكنها غير صحية ولكن لا اظن أنها ذات خطورة على صحة الفرد لأنها لا تتوفر على ما قد يحدث المخاطر»، ومع هذا التجاهل من الطرفين، تمكن «الشناوة» من تمرير هذه السلع إلى الجزائر وذلك ما ساهم في زيادة إقبال الجزائريين عليها، فكان هذا كمؤشر بسماح الجنس الأصفر من فرض منتجاته، فالثمن الزهيد زاد شدة التوافد عليها، فقد أصبح كل ما يهم المواطن الجزائري السعر وليس الجودة بعد أن كان هذا مقتصرا على ذوي الدخل المحدود، بل أصبح حتى أصحاب «الشكارة» يتوافدون على كل ما هو زهيد دون المراقبة والتحقيق في مكوناتها الصناعية ومصدرها. المختصون: «لابد من الإهتمام بالجانب الصحي واستشارة الطبيب» وفي هذا السياق، أكد الدكتور أوس، أخصائي في جراحة العيون بالشراڤة، أن للنظارات الشمسية فوائد على العين كما لها عدة مخاطر، خاصة إن لم تتوفر فيها الشروط الصحية، فهي تعكس الأشعة فوق البنفسجية التي تسبّب حروقا وتعرّض العين للأذى، لان من مهام النظرات هو حماية العين وإبعاد الأشعة ما فوق البنفسجية عنها بنسبة 50 بالمائة، وفيما يخص النظرات التي تباع على الأرصفة، فهي تفتقر للمواصفات الطبية وهذا ما قد يشعر حدقة العين بوجود حاجز داكن، فتفتح وتتسع تلقائيا، مما يؤدي إلى دخول أشعة الشمس نحوها مباشرة وبقوة، مما قد يؤدي مع مرور الوقت إلى الإصابة بمرض المياه البيضاء وهو عبارة عن عتمة تصيب العدسة الشفافة طبيعيا مما يؤدي إلى عدم الرؤية بوضوح، لذا، من الأفضل تجنّب وضع هذه النظارات لأنها لا تفيد العين بل تدمرها، بينما النظارات الأصلية تحميها ورغم ذلك، يؤكد المتحدث على ضرورة مراجعة طبيب مختص في العيون قبل شراء أي نظارة حتى وإن كانت مرتفعة الثمن، فهناك أشخاص مصابون مسبقا بأمراض في العين يحتاجون لنظارات شمسية وفي نفس الوقت لتصحيح الرؤية، فإذا كان للجانب الجمالي أهمية، فإن للجانب الصحي أهمية أكبر لا يستهان بها «لذا استشيروا الطبيب وكوني مختص في جراحة العيون، أحذّر بشدة من شراء هذه النظارات، خاصة الملونة، العين جوهرة ثمينة أهدانا الله إياها لذا لا يجب أن نستهين بها». البعض يبتعد عن ارتدائها.. لمخاطرها منير موظف قال «لا ألبس النظارات التي تباع في الأسواق أو على الأرصفة بطريقة عشوائية، لأنني أعلم جيّدا أنها خطرة على البصر، إن لم يكن آجلا، فعاجلا ستصاب العين بأمراض أو بالعمى لذا أنا أتجنّبها نهائيا»، أما إسلام، فقال: «لا أحب ارتداء النظارات الشمسية سواء الغالية أو الرخيصة، فالخيار يكون حسب الاستطاعة»، وفي ذات السياق تقول مليكة «قد أخاطر بشراء ملابس أو أحذية مقلدة، إنما النظارات المغشوشة فلا أشتريها، فالبصر هو أكبر نعمة من الله ويجب الحفاظ عليه». زبدي: «الأفضل عدم وضع النظارات الشمسية لأنها تضر أكثر مما تنفع» وعما تشهده مختلف الأسواق من الرواج الذي تعرفه هذه النظارات المعروضة على أرصفة الطريق وإقبال المستهلك الجزائري عليها، دون المراقبة والتحقيق في مكوناتها الصناعية ومصدرها والتي لا تخضع للمعايير الصحية، أكد مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلك، أن استيراد السلع المغشوشة هي ظاهرة عالمية وليست محتكرة فقط على الجزائر أو الدول العربية، والأرقام الرسمية تشير إلى أنه من 10 إلى 15 بالمائة منها مقلد مثل النظارات وما شابه، مؤكدا على ضرورة تكثيف عمل المراقبة ومحاربة كل ما هو ضار ومغشوش ولا يفي بالغرض أو يوفر الأمان للمستهلك، ويضيف المتحدث أن دور جمعية حماية المستهلك نصح وإرشاد الناس لتفادي هذه المنتجات الرخيصة القادمة من الصين والأفضل عدم وضع هذه النظارات الشمسية، لأنها تضر أكثر مما تنفع، حسب رئيس جمعية حماية المستهلك.