كثيرا ما أدى الإقبال الكبير على اقتناء الكباش من سلالة أولاد جلال الى ارتفاع الأسعار بولاية المسيلة، رغم كونها إحدى أهم الولايات الثلاث وطنيا المعروفة بالطابع الرعوي وبعدد رؤوس الماشية الذي يتجاوز المليوني رأس. ولا يدرك المتجول في أسواق كل من عين الحجل وسيدي عيسى وعين الملح وأولاد ماضي عبر تراب ولاية المسيلة بوجود فارق في الأسعار ما بينها وبين أسواق الشمال الكبرى بالعاصمة أو قسنطينة وحتى عنابة وتبسة بل على العكس من ذلك قد يجد أن سعر الخروف من سلالة أولاد جلال بهذه الولايات أقل منه بولاية المسيلة وذلك للعديد من الأسباب. سلالة ولاد جلال ترتحل للعاصمة. وتكمن هذه الأسباب أساسا في تطور وسائل النقل وتوافرها مما يجعل الموالين يحبذون نقل ماشيتهم المراد بيعها الى المناطق الشمالية من الوطن والتي تعرف بشراء سلالة أولاد جلال بأسعار مرتفعة خصوصا بعاصمة البلاد، إذ يجمع البعض من الموالين في هذا الشأن، أن نسبة تتجاوز ال70 بالمائة مما يعرضونه للبيع خلال العيد الأضحى من كل سنة تتم عبر الأسواق الشمالية للبلاد، واوضح ذات المصدر أن هذه الطريقة أدت الى غلاء الأسعار وارتفاعها عبر تراب ولاية المسيلة قبل أن كان الفارق في السعر في ثمانينيات القرن الماضي ما بين الأسواق المحلية ونظيرتها في الشمال يتجاوز ال25 بالمائة. وكثيرا ما عمد البعض من الباعة الى اقتناء رؤوس الماشية قبل عيد الأضحى بنحو شهر من الزمن ووضعها في الزرائب أو المستودعات في بعض ولايات الشمال على غرار الجزائر العاصمة ليتم رفع أسعارها الى ما يزيد عن 20 بالمائة عن سعر الشراء وهذه الطريقة يضيف نفس المصدر ينتهجها البعض من الموالين ومعيدي السوق أي الوسطاء. وحسب الموالين، فإن هذين السببين عملا في اتجاه رفع الأسعار عن المعتاد وفي كل سنة مقابل بقاء الذهنية المحلية مقترنة بترابط الأسعار مع الطابع الرعوي للولاية. وفي مثل هذه الأوقات أي قبل عيد الأضحى، فإن حركية دؤوبة كثيرا ما تبرز على مستوى محاور الطرقات الوطنية والولائية التي تربط المسيلة بالمناطق الأربع للوطن والتي تكون مسرحا لشاحنات محملة برؤوس الأغنام من مختلف الأحجام. حيث تؤكد مصادر ذات الصلة بدراسة سوق الماشية على المستوى المحلي بأن هذه الفئة من الوسطاء كثيرا ما يحملون شاحناتهم برؤوس الماشية دونما مناقشة الأسعار لسببين أولهما العلم بأن بيع رؤوس الماشية سيتم بدون صعوبة مهما كانت الأسعار والثاني لجوء البعض من الوسطاء الى قبض الأموال من قبل المعارف والأصدقاء والأقارب والجيران قبل استقدام رؤوس الماشية، فهم بذلك على علم بهامش الربح الذي يستفيدون منه خلال عمليات البيع. وفي سياق آخر، أكد المصدر أنه من بين ارتفاع الأسعار وعدم ملاءمتها للقدرة الشرائية بولاية المسيلة رغم كونها ولاية ذات طابع رعوي بامتياز هو التعامل في فترة عيد الأضحى مع الزبائن العاديين كما لو كان ذلك يتم مع كبار مستهلكي اللحوم الحمراء أي المؤسسات والهيئات العمومية التي تقتني الضان للإطعام والتي لا تطرح إشكالية الأسعار مهما طرحت من قبل الموالين، كون هذه المؤسسات زبائن دائمين لبعض موالي الولاية ومثل ذلك ان خروفا ذو ال6 أشهر يقتنى ببعض المؤسسات ذات الإطعام الجماعي بسعر يفوق ال50 ألف د.ج رغم انه واقعيا لا يتجاوز سعره ال30 ألف د.ج. الوسطاء أحدثوا ثورة عارمة ولعدم تلاءم القدرة الشرائية بولاية المسيلة مع أسعار سوق الماشية عامل آخر يتمثل في كثرة الوسطاء في سوق تسجل فوضى عارمة يغيب عنها أدوات التنظيم حيث يلاحظ أن أسواق الماشية تعج قبل عيد الأضحى بعدة أسابيع بنوع من التجار المتنقلين في جماعات وأيديهم فارغة وبحوزتهم الأموال اللازمة لإعادة السوق أي شراء الماشية على تاجر وبيعها لآخر. حيث يكفي للبعض منهم شراء قطيع من الأغنام ومسك الحبال لمدة لا تتجاوز الساعة حتى يرفع الأسعار بما لا يقل عن 3000 د.ج للرأس الواحد ومن بين هؤلاء حسب شهادات تجار الماشية من يحصل على هامش ربح أسبوعي يتجاوز 200 ألف د.ج دونما بذل أي مجهود يذكر. ويزداد عدد الوسطاء المحليين الذين ينشطون ضمن 21 سوقا للماشية عبر تراب الولاية كلما اقترب عيد الأضحى المبارك لدرجة ان ملاحظتهم في الأسواق لا تحتاج الى الكثير من الذكاء والفطنة ملزمين البعض ممن يعرفون خبايا السوق من الزبائن شراء الأضحية من أول تاجر دخل السوق باعتباره المربي وليس الوسيط أو الطفيلي. ..وتسمين الماشية بعلف الدجاج لخداع المواطن ويعتمد البعض من الوسطاء أسلوبا آخر غير إعادة البيع يتمثل في التسمين حيث يلجؤون الى علف الخرفان بطريقة أقل ما يقال عنها أنها قمة الخداع إذ يعطون للخرفان علف الدجاج ممزوجا ببعض الأدوية المقوية الموجّهة للاستهلاك الآدمي حتى تفتح شهيتها وتتناول العلف دونما توقف، لتصبح منتفخة أياما قبل العيد، وذلك لتباع عبر الأسواق الوطنية بأسعار مرتفعة كأنما تم تربيتها بشكل عادي، غير أن سكان المسيلة والمناطق المعروفة بتربية الماشية يتجنّبون إقتناء مثل هذه الخرفان التي يعرفونها من خلال لون صوفها الذي يتحول الى أبيض ناصع ناهيك عن لحمها الذي يقترب لونا ورائحة من لحم الدجاج.