الكولون العصبي هو اضطراب مزمن يتسم بظهور نوبات من الإمساك والإسهال، أو الاثنين معا، إضافة إلى آلام في البطن، والانتفاخ، والغازات. ويشيع أكثر بمرتين لدى النساء مقارنة بالرجال. وهو ثاني أكثر التشخيصات المرضية شيوعا التي يجريها الأطباء الإختصاصيون في الأمراض الهضمية. كما يأتي في المرتبة الثانية، بعد نزلات البرد، في أسباب التغيب عن العمل. والكولون العصبي، إضافة إلى ذلك، اضطراب وظيفي، وذلك يعني أنه لا يرتبط، حسب علم الأطباء حتى الآن، بوجود أي مرض أو أي تشوه بنيوي. ويعتقد أن عددا من العوامل تتداخل وتتفاعل فيه: العدوى، واختلال الاتصالات بين المخ والأمعاء، والحساسية الشديدة للألم، والهرمونات، والحساسية بأنواعها، والتوتر العاطفي. ومن الأمور الجيدة -حسب الأطباء- أن الكولون العصبي لا يقود إلى ازدياد خطر الحالات المرضية الأكثر خطورة مثل القولنج (الْتهاب غشاء الكولون المخاطي) التقرحي ulcerative colitis أو سرطان الكولون. إلا أنه لا يوجد أي سبب معروف لهذا الاضطراب الذي يؤدي، في أفضل الأحوال، إلى الإزعاج، وفي أسوأ الأحوال إلى ظهور أعراض مؤذية. وعملية التعايش مع الكولون العصبي تعتمد عادة على التجربة والخطأ، التي تمثل تحديا للمرضى وللأطباء على حد سواء. وتوجد اختبارات أو طرق متعددة للتحقق من انتفاء أية حالات مرضية أخرى. وتستخدم علاجات متنوعة كثيرة، أغلبها لم تثبت فاعليتها، في علاج أعراضه، ومنها المضادات الحيوية، ومضادات تقلصات البطن، ومضادات الاكتئاب، وإجراء تغييرات غذائية، وطرق الاسترخاء، والعلاج النفسي، إضافة إلى أدوية تخفيف الإمساك أو الإسهال. وقد تقدم إرشادات الكلية الأمريكية لأطباء الأمراض الهضمية ACG المساعدة في البحث عن استراتيجيات فعالة للتعايش مع الكولون العصبي. وتنصب التوجيهات التي أعدها فريق من الاختصاصيين في الأمراض الهضمية، التي نشرت في ملحق عدد جانفي 2009 من المجلة الأمريكية للأمراض الهضمية ، على تجديد التوصيات والإرشادات التي نشرت عام 2002. وتضم أحدث الدلائل حول العلاجات الجديدة، مثل منتجات بروبايوتيك probiotics (المستحضرات والمنتجات الحاوية على البكتريا المفيدة) وبعض الأدوية المخصصة لعلاج الكولون العصبي، إضافة إلى العلاجات القديمة. ووفقا لتوصيات عام 2009، فإن الاختبارات الموسعة (فحص مكونات الدم الكامل، فحص وظيفة الغدة الدرقية، فحص البراز لرصد الطفيليات، والمسح التصويري للبطن) ليست ضرورية للأشخاص المصابين بأعراض الكولون العصبي المعهودة، الذين لديهم تاريخ عائلي بسرطان القولون، أو مرض الْتهاب الأمعاء inflammatory bowel disease أو مرض التجويف البطني السبروي celiac sprue من الذين لا توجد لديهم أعراض مقلقة مثل نزف الدم من المستقيم، فقدان الوزن، أو فقر الدم الناجم عن نقص الحديد. أما الأشخاص المصابون بالكولون العصبي، الذين تكون لديهم أعراض الإسهال هي المهيمنة، أو لديهم أنواع خليطة من الكولون العصبي، فينصحهم الأطباء بإجراء فحص للدم لرصد مرض التجويف البطني، وعليهم التفكير في إجراء فحص لرصد اللاكتوز في أنفاسهم، إن كانت حالة التحسس من اللاكتوز موجودة لديهم على الرغم من تغيير نمط الغذاء. كما تبسط الإرشادات الجديدة اللغة المستخدمة لوصف الكولون العصبي. وكانت المعايير السابقة التي تشتمل على قائمة من الأعراض الخاصة (دوام التبرز وتكراره مثلا) قد حدّت من أهمية رصد الكولون العصبي، وفقا لرأي الخبراء. وتم تعريف هذا الاضطراب الآن ببساطة على أنه (ألم أو شعور بعدم الارتياح، في البطن، يظهر بالترابط مع التغير في عادات حركة البطن خلال فترة لا تقل عن ثلاثة أشهر). أبرز علاجات المرض وقد راجع فريق الإختصاصيين المشار اليهم سابقاً 300 دراسة حول مسيرة الكولون العصبي الطبيعية، وعلاجه، وتقدم بسلسلة من التوصيات الجديدة التي تصنفه على أنه: شديد (1)، أو ضعيف (2) مع الأعراض الدالة عليه بأنها قوية (A) أو معتدلة (B) أو ضعيفة (C). وفي ما يلي بعض أبرز النقاط المهمة التي تداولها هؤلاء الاختصاصيون: - مضادات وحيدة النسيل إن الاستخدام قصير المدى لدواء ريفاكسيمين rifaximin (زيفاكسان Xifaxan) وعلاج لا يمكن امتصاصه (إذ يبقى داخل الأمعاء)، يساعد في تقليل مجمل الأعراض، خاصة الانتفاخ (درجة B1). إلا أنه لم تثبت سلامة استخدامه وفاعليته على المدى الطويل، كما لم تتم إجازته لعلاج الكولون العصبي. ودواء ريفاكسيمين مجاز لعلاج إسهال السفر بجرعة 200 مليغرام (مرتان في اليوم) لمدة ثلاثة أيام. وقد أجريت تجارب مبكرة على العقار على المصابين بالكولون العصبي تناولوا جرعات كبيرة منه لفترة أطول: (400 ملغرام، مرتان إلى ثلاث مرات يوميا، لعشرة أيام أو 555 ملغرام يوميا ل14 يوما). وتجدر الإشارة إلى أن ريفاكسيمين غالي الثمن جدا، في حين يمكن للمضادات الحيوية الأخرى أن تؤدي نفس المهمة لبعض المرضى، بثمن ضئيل.