نعود لسلسلة الأمراض والمشاكل الهضمية، وهذا الأسبوع قد اخترت لكم موضوع القولون التهيجي (أو العصبي)، سأعرفكم عليه جيداً، عن مسبباته، عن علاجه، والتدابير الوقائية الخاصة بهذا المرض المنتشر جداً لدينا. - أكثر من 20 بالمائة في المجتمع يعانون من هذا المشكل الهضمي. - يتحدث العلماء عنه تحت عدة مسميات: التهاب القولون المخاطي، التهاب القولون التشنجي، القولون العصبي، القولون التهيجي... الخ. - داء القولون التهيجي نجده عند النساء أكثر من الرجال، ويعتبر السبب الثاني بعد الزكام للتغيب عن العمل. - القلق والقولون التهيجي متلازمان، مع أن الأول ليس سببا مباشراً للثاني، إلا أنه يرتبط به غالباً، فالقلق يزيد من تهيج القولون، والقولون المتهيج يثير القلق. - ولعلاقته بالقلق، فإنه يصيب الشباب البالغ المقبل على الحياة العملية والحياة الأسرية، والذي يتأهب لحمل مسؤوليات كبيره على عاتقه، ومن الملاحظ أن داء القولون التهيجي المزمن يتناقص مع التقدم في السن بالنسبة لأولئك. - من المعلومات المهمة التي يجب أن تعلمها أن القولون التهيجي لا يتطور أبداً إلى مرض آخر، لا يتسبب لا في سرطان الأمعاء، ولا في أمراض التهابية أخرى، ولا يتسبب في الوفاة، هو اعتلال حميد وظيفي، يتسبب في انزعاج وضيق وقلق، وحلوله متوفرة وبسيطة. الأعراض: - انتفاخ في البطن، تشنج في عضلاته، وجود الغازات. - آلام في البطن بعد تناول الوجبات، أو خلال فترات الاكتئاب، التي تدوم عند البعض حتى أكثر من ساعتين. - إسهال، إمساك، يكونان بصفة متناوبة. - الإحساس بالضيق وعدم الراحة. - أحيانا يكون ذلك مصحوباً بالشقيقة والأرق. - عسر وتباطؤ في الهضم. الأسباب: - كان يُعتقد أن القولون التهيجي هو نتيجة لالتهاب الأمعاء، لكن مع ما قام به العلماء من أبحاث أخيرة، تم الخلاص إلى أن السبب ليس التهاب المعي، وإنما هو فقط ينتج عن حساسية مفرطة للأمعاء وعن ضعفها. إذن: القلون العصبي = ضعف في الأمعاء - الأمر كله عبارة عن وجود تقلبات في العمل الوظيفي للمعي الغليظ، والذي ينتج عنه تشنجات وآلام في البطن، يتم ذلك بوجود عوامل كالقلق اليومي الناتج عن بعض الحوادث (فوضى العمل، البيروقراطية، البطالة، الطلاق، حوادث المرور..الخ). - عامل آخر مهم أيضاً وهو التغيرات الهرمونية، وهو موجود لدى النساء بكثرة. - تناول بعض الأطعمة التي تثير هيجان القولون، لكن ذلك يختلف من شخص لآخر، إلا أن المصاب بالقولون العصبي تمنع عليه عموما أطعمة خاصة مثل: الشوكولا، المقليات، المشروبات الغازية، العجائن، ومن يعاني من التشنجات والانتفاخ بعد تناول مشتقات الحليب، أو الطعام المحتوي على الكافيين، فقد تكون لديه عدم القدرة على تقبّل السكر أو اللاكتوز أو الكافيين، وهو مشكل يعاني منه الكثيرون. - لم يحدد العلم بعد السبب وراء ضعف الأمعاء، لكن تم التأكيد على أنه ليس مشكلاً وراثياً، وأنه (ضعف الأمعاء) هو السبب الوحيد لداء القولون العصبي. نصائح عملية: للتخفيف من الألم: - عند بداية الألم، استرخ مباشرة، تمدد، وقم بوضع قارورة صغيرة بها ماء ساخن، أو وسادة مسخنة على البطن إن أمكن. - قم بعملية تنفس عميقة، وحاول الترفيه عن نفسك في تلك اللحظات. محاربة القلق: - قم بالترفيه عن نفسك: القلق مرتبط ارتباطا وثيقا بالقولون العصبي، ولذلك فالابتعاد عنه وتسلية النفس من شأنها أن تخفف من الأعراض، خذ لك وقتا يوميا ترتاح فيه، تأخذ فيه حماما ساخنا، تقوم بعمل مَسَاج، ترفه عن نفسك وتخرج نفسك من ضغط وفوضى الحياة اليومية، وليس أفضل من الصلاة لحصول ذلك، فهي راحة للنفس والجسد، فقد كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه: ''أَرِحْنَا بِهَا يَا بِلاَل''. - القيام بالتمارين الرياضية على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع هو طريقة ناجعة لمحاربة القلق والاكتئاب. - تذكر دائماً الأمور التي تثيرك وتسبب لك القلق والضيق النفسي، وحاول الابتعاد عنها قدر المستطاع. بالنسبة للنظام الغذائي: - قم بالتقليل من تناول بعض الأطعمة: تلك الذهنية، المقليات، الحلويات، المعجنات، وجبات الأكل السريع، الفلفل، الحليب ومشتقاته، لأنها يمكن أن تسبب تقلصات مؤلمة في الأمعاء. - راقب وجباتك، وتوقف أو قلل من تناول أي عنصر تحس بأنه تسبب لك في تهيج القولون. - تجنب أيضاً البهارات، وأي طعام يسبب انتفاخ البطن (البصل، الكرنب، الفاصولياء، المشروبات الغازية..الخ)، لأنها عموما لا يتقبلها القولون. - يمكن للقهوة أن تكون أيضا مصدراً لهذا المشكل الهضمي، لأن الكافيين غالبا ما لا يتقبله المعي الضعيف (ضعف المعي هو سبب القولون العصبي)، ونشير كذلك إلى أن الشاي يمكن أن يكون مصدر إزعاج كذلك. - تناول وجباتك بشكل منتظم، وبعيدا عن الفوضى والضوضاء، وامضغ الطعام جيدا وبهدوء. - احرص على أن يكون الطعام مطهيا جيداً، سهل الهضم. - تناول الألياف، والتي نجدها في الخضر والفواكه الطازجة، وهي مفيدة جدا في حالتي الإمساك والإسهال اللذان يكونان مصاحبان للقولون العصبي عادة، لكن، إذا لم تكن معتادا على تناول الألياف، فقم بذلك تدريجيا، لأن الزيادة السريعة في كمية الألياف في الوجبات من شأنها إحداث انتفاخ البطن. - أكثر من شرب الماء، لأن ذلك يضمن قيام الأمعاء بعملها جيداً، شرب الماء (حتى 8 أو عشرة أكواب في اليوم)، أو عصائر الفواكه الطبيعية أو الخضار. متى يجب عليك زيارة الطبيب؟ - إذا كانت تلك الأعراض تسبب لك إزعاجا كبيراً، وكانت أكثر حدة. - إذا صاحب الأمر إسهال أو إمساك مستمر. - في حالة الشعور بالغثيان أيضا أو التقيؤ مع الأعراض الأخرى. - إذا تزامنت الأعراض مع فقدان في الوزن. - وجود ارتفاع في درجة الحرارة مصاحب للأعراض. - إذا كان عمرك أكثر من 50 عاماً، وكان هذا أول ظهور لتلك لأعراض. - إذا لاحظت وجود دم في البراز (هذا يشير دوما لوجود مرض). العلاج: - يكون بإتباع النصائح العملية كلها، فإن ذلك عادة كافٍ للتخلص من المشكل. لكن إذا استمرت الأعراض، قد يصف لك الطبيب مضادات تشنج من شأنها تعديل حركة الأمعاء والتخفيف من الانتفاخ، وقد يصف لك مضادات للقلق والاكتئاب إذا كان هذان الأخيران عاملان أساسيان لديك. - يعتبر العلاج بمضادات الاكتئاب مهما عند البعض، أولئك الذين يعانون من القلق المستمر والذي لا يجعلهم يشعرون بالراحة حتى بعد تناول مضادات التشنج، وهذا يشير إلى ما أثبتته الدراسات العلمية الحديثة أن الانفعالات والعواطف تؤثر بشكل مباشر على الحركة المعوية. - العلاج بالأدوية وحده ليس كافياً، بل لابد من إتباع النصائح العملية، وأن يتابع المريض حالته جيداً بأن لا ينسى دائما الأطعمة التي تسبب له تهيج القولون، وأن يخبر طبيبه بذلك وبكل أمر يطرأ على حالته. من إعداد الصيدلي: ''مسعودي عبد القادر'' من لديه استفسار أو سؤال فلا يتردد في مراسلتنا عبر العنوان الإلكتروني: هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته