وفي سيرته صلى الله عليه وآله وسلم نجده يعامل أصحابه معاملة تدل على حبه لهم جميعًا، وكأنه يخص كل صحابي من صحابته بحب خاص يختلف عن باقي أصحابه، وكان الحبيب يحرص أن يجعل لأصحابة كنية أو صفة حميدة وطيبة يناديه بها مما يعزز الألفة والحب والتقارب بينه وبينهم، فكان يصف سيدنا أبو بكر بالصديق ووصف عبيدة بن الجراح بأمين الأمة، وسيدنا عمر بن الخطاب بوزيره، والإمام علي بن أبي طالب باب مدينة العلم، وحذيفة بن اليمان كاتم سره، والزبير بن العوام بحواريه، وغيرها من الأوصاف التي كان يصف بها صحابته الكرام. وكان صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله دائمًا ما يداعب أصحابه ويمزح معهم، فكان إذا جاء أبو عمير قال له: (يا أبا عمير ما فعل النغير)، والنغير هو طائر صغير كان يلعب به. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له ممازحًا: يا ذا الأذنين. وببشاشة وجه وابتسامة جميلة كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتلقي أصحابه، ويسمعهم الكلام الطيب، ويتقبل شكواهم بصدر رحب وأدب جم، فعن جرير رضي الله عنه، قال: (ما حجبني النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي، ولقد شكوت إليه إني لا أثبت على الخيل، فضرب بيده في صدري وقال: اللهم ثبته، واجعله هاديًا مهديًا).