يبدو أن الأسباب التي تشعل النزاعات داخل الأسرة قد تعددت في الآونة الأخيرة، ما جعل الراتب الشهري للمرأة يمثل أحد الأسباب لنشوب الخلافات التي وصلت البعض منها للطلاق لإعتبار بعض الأزواج راتب الزوجة حقا مكتسبا له لقبوله خروجها من المنزل، وأنه مساهمة منها في الأعباء الأسرية، الأمر الذي فتح بابا واسعا أمام الشقاق والتنازع الذي قد يصل إلى ساحات المحاكم وينتهي بالطلاق.. وهو ما كشف عنه بعض المواطنين ممن إلْتقتهم السياسي خلال جولتها الاستطلاعية. الراتب الشهري للمرأة محلّ طمع بعض الرجال يعتمد بعض الرجال على زوجاتهم أو بناتهم في توفير مصاريف البيت، ويستولي البعض منهم على راتبهن، مستخدمين معهن أساليب العنف أو التهديد، ما يتسبب في العديد من المشاكل والخلافات داخل الأسر، وهو ما أعرب عنه العديد من المواطنين ممن التقتهم السياسي خلال جولتها الاستطلاعية حيث قالت (وهيبة) من القليعة وهي أستاذة بإحدى المتوسطات، والتي إلْتمسنا منها ضغوطات العيش مع زوجها العامل كحارس ليلي بمركز التكوين مطالباً إياها براتبها كل شهر مقابل حريتها -على حد قولها- مضيفة بقولها (من المفترض أن يكون الراتب الشهري خصوصية من خصوصيات المرأة العاملة، وواجب على الرجل احترامه). وفي ذات السياق، يرى بعض الشباب أن عمل المرأة حقاً من حقوقها وراتبها الشهري مساهمةً منها لتطوير الحياة وتخفيف المسؤولية عن الرجل. وفي سياق متصل تقول أمال (وجدت الطلاق حلاًّ بديلاً أمام المساس بخصوصياتي، وهو الأمر الذي نشب عنه عدة خلافات أسرية، فكان الطلاق الحل الوحيد لنهاية المشاكل التي ألقت على عاتقها كامل المسؤولية). ومن جهة أخرى، يرى مروان 30 سنة وهو موظف بالبلدية متزوج من معلمة أن الراتب الشهري للمرأة العاملة يكون سلطة لها تمارسها على زوجها خاصة إذا ساهمت في مسؤولية الأسرة وسبيلاً لإحترام الزوج، وهي تجربة عاشها (مروان) مع نصفه الآخر... ولأصحاب الميدان آراء متباينة في ذات الموضوع، إذ ينظر إليه كل من زاويته الخاصة وحسب حالات المعاينة. إجتماعيون: الراتب الشهري من بين أسباب التفكك الأسري وفي خضم هذا الواقع الذي تعيشه العديد من العائلات، أكد (ب. سيدعلي) مختص في علم الاجتماع أن للموضوع أبعادا إجتماعية عديدة يجب الوقوف عندها ودراستها، إذ أن الراتب الشهري للمرأة العاملة كما له أن يكون حق المرأة وواجب عليها مراعاة أسرتها وتحمل مسؤوليتها، بإمكانه أن يعتبر نقطة الاختلاف مع أسرتها وإذا تعلق الأمر بزوجها، فإن ذلك ينتج عنه في بعض الأحيان الطلاق، مما يزيد في ظاهرة التفكك الأسري وتنامي حالات أخرى داخل المجتمع. نفسانيون: التفاهم هو الحل الوحيد للإبتعاد عن هذه المشاكل من جهته، قالت (شباكي عائشة) مختصة في علم النفس: (من المعروف أن الرجل هو المسؤول عن مصاريف البيت وتحمل أعباء العائلة من احتياجات الحياة اليومية، ولكن ما أصبح متداولا في مجتمعنا اليوم هو انعكاس الأدوار واعتماد بعض الرجال على زوجاتهم أو بناتهم في توفير متطلباتهم الخاصة، لتنقلب الموازين وتصبح المرأة هي من تضطر إلى العمل لتوفير مصاريف البيت، وهناك من تمارس عليها القوة في حال رفضت المساهمة براتبها في مصاريف البيت. لتجد العديد من النساء بأن التنازل عن العمل يعتبر الحل البديل لمشاكلها اليومية، والتي قد تؤثر على نفسيتها وتنجم عنها شخصية غير سوية في المجتمع نتيجة القلق والعصبية، مما يخلّف أمراضا عضوية عديدة كارتفاع ضغط الدم والسكري، فالتفاهم بين الزوجين هو الحل الوحيد لتفادي تداعيات هذه المشاكل والتي قد تؤدي حتما إلى الطلاق، حسبما كشفت عنه ذات المختصة. إمام: سلب راتب المرأة الشهري يخالف تعاليم ديننا الحنيف وفي ذات السياق، يؤكد الإمام خير الدين (إن ديننا الإسلامي لم يجبر الزوجة بضرورة الإنفاق على الزوج، لأنه كلف الرجل بالإنفاق على الزوجة، وإن كانت تملك مالا، لكن ما نلاحظه في مجتمعنا هو عدم إلْتزام بعض الأزواج بتعاليم وقيم دينهم، والسبب في انتشار هذه الظاهرة هو ابتعاد بعض الرجال عن الوازع الديني، فالمرأة واجبها فقط هو العناية ببيتها وأولادها ولا مانع من أن تعمل وتساعد في مصارف البيت مع زوجها إذا كان هذا بإرادتها ولا يجوز أن يجبرها الرجل على ذلك بالإكراه أو الابتزاز، لأن الإسلام أوصى باحترام المرأة وعدم سلب حقوقها باستعمال أساليب العنف غير المبرر، والذي يضر المرأة من الناحية النفسية ويدمر العائلة ويهدد استقرار المجتمع، لأن الأسرة هي نواة المجتمع، فالدين حدد واجبات للرجل تجاه أسرته وهو الإنفاق على أطفاله وزوجته وتحمل مسؤولية وأعباء منزله، ولم يذكر ذلك في واجبات المرأة فهي عندما ترى أن الزوج بحاجة وهي تملك المساعدة وترغب في ذلك، فالإسلام لا يمنعها من ذلك، ولكن لا يمكن للرجل إجبارها على ذلك بالقوة، فالأصل أن الإنفاق يكون من قبل الزوج، ولا يحق له إجبارها على الإنفاق).