أصبح بيع التين الشوكي أو الهندي، منذ اشتداد درجة الحرارة في أوت الجاري، تجارة رائجة في العديد من الأحياء الشعبية والأسواق، حيث لم يعد الإقبال يقتصر في هذه الفترة على مختلف أنواع الفواكه الموسمية اللذيذة كالعنب، البطيخ والدلاع، التفاح والموز، بل امتدت شهية المستهلكين إلى التين الشوكي الذي يجدون فيه نكهة خاصة، لغناه بالسكريات والفيتامينات، ما جعله يزاحم الفواكه الرائجة خلال هذا الموسم. طاولات بيع التين الشوكي تنتعش فلا شك أن المار عبر الأسواق والأحياء الشعبية بالعاصمة، يلاحظ انتشار بيع هذه الفاكهة من قبل الباعة المتجولين، الذين وجدوا فيها فرصة لكسب بعض الأموال، خاصة الأطفال والشباب الذين يأتون من مناطق بعيدة لممارسة هذا النشاط، الذي يعرف إقبالا من قبل محبي هذه الفاكهة حيث تجد الباعة يعتمدون على نقالات خاصة بالتين الشوكي ويجتهدون في تنظيفه لإرضاء زبائنهم الذين يدرك بعضهم أهميته الغذائية، حيث أصبح هذا المشهد يتكرر يوميا بأحياء بلدية الشراڤة والقبة وغيرها من أحياء العاصمة وخارجها، خاصة في هذا الشهر الذي يكثر فيه الهندي. فقد استطاعت ثمرة الهندي أو التين الشوكي، هذه الفاكهة البرية المتميزة بأشواكها البارزة التي استوطنت منذ قرون عدة جبال وسهول ووديان الجزائر، أن تحتل مكان الفاكهة المحلية الأصلية على غرار التين والبطيخ. وفي السوق المغطاة بباب الوادي، نجد العديد من الباعة الذين يشتهرون ببيع كرموس النصارى التي يتم جنيها بصعوبة بسهول بوزريعة. ومن المعروف عموما أن أفضل وألذ أنواع التين الشوكي هو ذلك الذي ينمو ويثمر بحرية على الجبال حيث ينعم بأشعة الشمس عكس ذلك الذي يقوم سكان الأرياف بغرسه واستعماله كسياج للحماية في السهول. ويتهافت الناس عموما على شراء هذه النبتة حيث ليس من الغريب مثلا أن ترى في مدن الجزائر والبليدة وعنابة والشلف وسطيف طوابير طويلة أمام بائع ثمرة الهندي. الهندي كول ودي.. والموس من عندي كما انه ولشهرة هذه الفاكهة اللذيذة، انتشرت في الستينيات والسبعينيات عبارة شهيرة تقول أياو الهندي كول ودي والموس من عندي ، هذه ثمرة الهندي خذ وكل والسكين من عندي وذلك من اجل جلب الزبائن لهذه الثمرة التي يستطيع كل واحد أن يحصل عليها في القرى أو حتى في أعالي الجزائر العاصمة ببوزريعة. تعدت شهرة هذه الفاكهة الآفاق حيث لا يختلف اثنان على لذتها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب حتى وإن كانت تسبب أحيانا إمساكا شديدا. ولكن ما هي أصول هذه النبتة البرية المقاومة للحرارة الشديدة والتي كانت تستعمل في الماضي كسياجات لحماية القرى والبيوت الريفية وبساتين الجزائر العاصمة من الحيوانات مع استعمالها صيفا كفاكهة يسيل لها اللعاب. ..وأطفال يتخلون عن عطلتهم لبيع التين الشوكي وقد وجد العديد من الأطفال في التين الشوكي فرصتهم لشراء مختلف المستلزمات التي تنقصهم لضمان دخولهم المدرسي بشكل عادي كغيرهم من الاطفال الآخرين، الامر الذي دفعهم للعمل خلال عطلة الصيف بدلا من الراحة، وهو حال الطفل كريم، 15 سنة، المنحدر من ولاية بومرداس والذي قرر بيع التين الشوكي على حافة الطريق حيث أضحى التين الهندي هو الرزق المناسب إن لم نقل الوحيد لعشرات الأطفال باختلاف أعمارهم ومن الجنسين لتوفير مستلزمات تجهيزات الدخول المدرسي. وأمام هذا الوضع الذي تشهده العديد من شوارع العاصمة، اقتربت السياسي من بعض الأطفال الذي وجدناهم يعرضون هذه الفاكهة على قارعة الطرقات، فاقتربنا من محمد الذي لا يتجاوز سنه ال15 عاما والذي كان بصدد التحضير لعرض الفاكهة على الطاولة لبيعها، فقال إن الظروف الاجتماعية القاسية التي نمر بها في الأسرة دفعتني لبيع التين لمساعدة عائلتي قصد شراء بعض اللوازم الضرورية الخاصة بالبيت وحتى أتمكّن من شراء مستلزمات الدخول المدرسي ، وغير بعيد من هنا، التقينا بطارق بأحد الأحياء ببلدية الشراڤة والذي كان مستلقيا تحت ظل الشجرة ينتظر إقبال الزبائن على شراء هذه الفاكهة لعل وعسى ان يسترزق ببعض المصروف الذي يمكّنه من إعالة عائلته المعوزة، حيث قال بفضل هذه المهنة الموسمية التي أقوم بها في كل سنة، أتمكّن من شراء بعض الملابس . وبالرغم من صعوبة المسالك وامتلاء هذه الفاكهة البرية بالأشواك، إلا انه، وكما يقول طارق، أصبحت يداه متعودتان على الشوك، وبذلك، يقوم ببيعها ب10 دج للحبة الواحدة، لتأمين مصاريف الدخول المدرسي الذي هو على الأبواب. وتحت لفحات الشمس الحارقة في عربات خشبية، وجدنا عمي كمال يعمل لكسب قوت عياله بعدما سدّت في وجهه كل الأبواب لإيجاد منصب شغل دائم، مضيفا انه يبيع الفواكه في الصيف ويلجأ في باقي أيام السنة للعمل في ورشات البناء.