حظيت حرية الصحافة في الجزائر بمكانة أكبر خلال السنوات الأخيرة، حيث شهد قطاع الإعلام إصلاحات عديدة وجوهرية تحققت من خلالها مكاسب هامة تم تجسيدها على أرض الواقع، والتي تدرجت لتصل إلى استحداث سلطتَي الضبط بالنسبة للصحافة المكتوبة وكذلك السمعي البصري، فضلا عن تجسيد مشروع البطاقة المهنية للصحفي والتي رسخها قانون الإعلام الجديد فضلا عن القوانين المنتظر استصدارها . 22 أكتوبر .. ترسيم للإحترافية بمرجعية تاريخية جاء الإختيار ليوم 22 أكتوبر لترسميه كيوم للصحافة الوطنية، باعتبار ارتباطه بتاريخ صدور أول صحيفة جزائرية ألا وهي المقاومة سنة 1955 الناطقة باسم جبهة وجيش التحرير الوطني، حيث يظهر مدى استمرار المرجعية تاريخية للمقاومة الإعلامية والنضالية ، وكان تأسيس جريدة المقاومة وعنوانها في حد ذاته، رسالة للمستعمر، وحدثا بارزا خلّد مآثر ثورة نوفمبر المجيدة وإنجازاتها وأهدافها، لذلك كان لا بد والجزائر تنعم باستقلالها وتسير في تحديات هامة، أن يكون يوم تأسيس هذه الجريدة خالدا؛ والذي تم تخصيصه يوما وطنيا للصحافة الجزائرية، حيث أن الذين أشرفوا على تأسيس أول نشرية جزائرية، ومنهم محمد حربي وشريف ساحلي وعزيز بن ميلود وصالح الونشي كانوا يحملون رسالة تدعو لمقاومة الاستعمار، وتطالب الجنود الفرنسيين بعدم الالتحاق بصفوف قوات الاستعمار بالجزائر. ويعتبر اتخاذ هذا القرار من قبل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة منذ 3 سنوات أمر غاية في الأهمية بعد أن تحول هذا اليوم بمثابة الوقفة لتقييم التطورات الحاصلة في الساحة الإعلامية، و لطالما حظي قطاع الإعلام باهتمام رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي يركز في كل مرة على استكمال مسار عصرنة منظومة الاتصال والإعلام بما يسمح لوسائل الإعلام بالاضطلاع بنقل المعلومة الصادقة وتحليل الأحداث على حقيقتها، وقد أعلن هذه السنة خلال الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة المصادف ل3 ماي، عن تأسيس جائزة رئيس الجمهورية للصحافي المحترف حيث أوضح الرئيس بوتفليقة أن هذه الجائزة تأتي تعبيرا عن اعتراف الأمة بعطاء الصحافي المحترف وبلائه الحسن في تكريس مبادئ حرية التعبير وإشعاع فضائلها . واغتنم رئيس الجمهورية هذه المناسبة ليجدد حرصه على ترسيخ وتعميق ممارسة حرية التعبير وتعميقها وعلى تعزيز مكاسب الصحافة الجزائرية ومساعدتها على الارتقاء بأدائها إلى أعلى مراتب الاحترافية والصدقية .
زخَم إعلامي ضخم بعدد هام من العناوين والقنوات الإعلامية وقد باشرت الدولة العمل على تكريس مبدأ التكامل بين مختلف القطاعات والإعلام، عن طريق الخطط والاستراتيجيات التي تمت مباشرتها في السنوات الأخيرة، ولاسيما منها استراتيجية تطوير وتأهيل المنظومة الوطنية للإعلام والاتصال التي تبنتها الحكومة في شهر فيفري 2007، والقائمة على أساس تشخيص وضعية القطاع وإعادة تأسيس المنظومة الوطنية للإعلام، بشكل يسمح بتكييفها مع التحولات الداخلية والخارجية، ويضمن مساهمتها الفعلية والإيجابية في إعادة الجزائر إلى مكانتها المرموقة سياسيا واقتصاديا وثقافيا على الساحة الدولية، وقد مكن العدد الهائل للعناوين الصحفية الذي وصل إلى 321 دورية بين يومية وأسبوعية ونصف شهرية بالإضافة للصحافة المؤسساتية وذلك حسب إحصائيات قامت بها وزارة الإتصال حسب دورة الإصدار واللغة إلى غاية مارس 2015، من احتلال الجزائر لمكانة هامة من حيث حرية التعبير عربيا وإقليميا، حيث تشهد الساحة الإعلامية في الصحافة المكتوبة تنوعا لا يستهان به في العناوين، مما يبرز أهمية الإنفتاح الإعلامي الذي تعيشه الجزائر، وقد سجلت تجربة الصحافة الخاصة نجاحا بارزا لا يعكسه عدد الصحف اليوم في الجزائر فحسب، بل أيضا من حيث المحتوى والمعالجة مما أثرى الساحة الإعلامية، وعزز هذا الهامش الهام لحرية التعبير خوض الجزائر اليوم تحدي فتح مجال إعلامي ثقيل وحساس ويتعلق الأمر بالقطاع السمعي البصري تزامنا مع التحولات الجذرية التي تعيشها الجزائر على جميع المستويات السياسية والثقافية والإقتصادية والإجتماعية، حيث يذكر أن ظهور عدد القنوات الخاصة التي تم إطلاقها تمكنت من فرض نفسها في يوميات الجزائريين، باعتبار أنها أصبحت مرآة لنقل انشغالاتهم، وهو ما يستحسنه الشارع الجزائري ويعتبر خطوة كبيرة نحو تعزيز مكانة حرية الرأي والتعبير. هذا ما قدمه قانون الإعلام الجديد حمل قانون الإعلام الجديد الكثير من المكاسب للساحة الإعلامية الجزائرية حيث فتح لأول مرة مجال السمعي البصري للقطاع الخاص الوطني والذي يتم حاليا العمل على تنظيمه، حيث تتعلق الخطوط الكبرى الأخرى، بعودة سلطات الضبط، واحدة خاصة بالصحافة المكتوبة والأخرى بالسمعي البصري، بالإضافة إلى حماية الحقوق المعنوية والاجتماعية للصحافيين، حيث ألغى نهائيا وطبقا لتعليمات رئيس الجمهورية، العقوبات المانعة للحرية التي كانت موجودة في القانون 07-90، وقلص الجنح من 24 إلى 11 مع غرامات لمرتكبي القذف، أو عدم احترام القوانين المذكورة. الصحفيون يتحصلون على بطاقاتهم المهنية تحصل عدد هام من الصحفيين على بطاقة الصحفي المحترف وتم الشروع في العملية مباشرة بعد تنصيب وزير الإتصال حميد ڤرين للّجنة الوطنية المؤقتة المكلفة بتسليم بطاقة الصحفي المحترف. وتتمثل المهمة التقنية لهذه اللجنة المكونة من 13 عضوا من بينهم 11 صحفيا يمثلون القطاعين الخاص والعام في إحصاء مجموع الصحفيين المحترفين بهدف تسليم بطاقة الصحفي المحترف. وفي مداخلته بهذه المناسبة أبرز ڤرين أهمية تنصيب هذه اللجنة واصفا إياها ب الخطوة المعتبرة . وفي نفس الصدد، صرح الوزير أن التشكيلة النهائية لهذه اللجنة هي ثمرة عمل قامت به دائرته الوزارية بكل صرامة ومسؤولية وبالتشاور مع مهنيي القطاع . كما أكد ڤرين أن التنظيم ساري المفعول يخول لنا تشكيل هذه اللجنة المكونة حصريا من خبراء، غير أننا فضلنا إشراك الصحفيين وتحميلهم المسؤولية ، وأشار الوزير أن مهمتها تقنية بحتة تتمثل في إحصاء الصحفيين المحترفين على أساس أحكام القانون العضوي المتعلق بالإعلام، مضيفا أنه بحوزتها مدة سنة كاملة للقيام بمهمتها. وأردف يقول أن هذه اللجنة هي بمثابة تمهيد لتشكيل اللجنة (الدائمة) المكلفة بتسليم البطاقة الوطنية للصحفي المحترف وسلطة ضبط الصحافة المكتوبة والمجلس الأعلى لأخلاقيات المهنة . وبخصوص أهمية بطاقة الصحفي المحترف، أوضح الوزير أنها تعطيه حق الوصول إلى مصادر المعلومات وستسمح خاصة بالتمييز بين الصحفي المحترف ومن ليس كذلك . كما اعتبر أنه بعد تسليم بطاقة الصحفي المحترف فإن مهمة تنظيم القطاع ستصبح أكثر سهولة . كما تعززت الساحة الإعلامية بتنصيب لجنة ضبط السمعي البصري والتي يترأسها مولود شرفي والتي لها دور استشاري وآخر في حل النزاعات وكذا في مراقبة سير القطاع، والتي تعتبر لبنة جديدة تضاف إلى صرح ما حققه قطاع الاعلام في الجزائر. أحمد السيد النجار رئيس مجلس ادارة مؤسسة الأهرام المصرية : الاعلام في الجزائر يتمتع بحرية كبيرة علق الدكتور أحمد السيد رئيس مجلس ادارة مؤسسة الأهرام المصرية، على هامش الندوة التي نظمتها وزارة الاتصال امس، في المدرسة العليا لصحافة، على تقيمه لواقع الصحافة في الجزائر، حيث قال ان الصحافة الجزائرية خطت خطوات كبيرة من حيث التنوع واتساع هامش الحرية ايضا، موضحا انه اذا وضعنا مقارنة للصحافة الجزائرية في وقت سابق والحالي، نجد ان هناك فرق كبير جدا، حيث فيه تنوع كبير من حيث المنابر الاعلامية، يضاف اليه ايضا ان هناك مساحة نهمة من الحرية، فقط يجب أن يتم توسيع هذه المساحة اكثر،مع العمل بمنطق المسؤولية التي يجب ان يتحلى بها مهنيو القطاع . سعود: الصحافة الجزائرية قطعت أشواطا كبيرة نحو الاحترافية أكد المحلل السياسي صالح سعود ل السياسي أن حرية التعبير في الجزائر قد قطعت أشواطا معتبرة سواءا من الناحية التنظيمية أو بالصياغات القانونية، مشيرا أن المسألة تخضع لما يسمى بالثقافة الاجتماعية والتي تدرك المعنى الحقيقي لحرية التعبير وكيفية الالتزام بالمبادئ الوطنية وخصوصية الالتزام أيضا بالمصلحة الوطنية من حيث المنطلقات والأهداف، لان مسألة الحرية تبقى نسبية كما عبر عليها العديد من الفلاسفة والعلماء منذ القدم الى يومنا هذا والحرية الحقيقية يضيف سعود هي التي تنطلق من احترام القيم والإيديولوجيات المعتمدة من قبل المجتمع وعليه فان حرية التعبير ليست رهينة لشئ وإنما هي عملية التزام وعملية أخلاقية وتفعيلها يخضع إلى تطوير الثقافة والارتقاء بالتنشئة السياسية والاجتماعية للمجتمع وهو ما جعل كل الدول تلتزم من أجل مصلحتها بوضع مفهوم خاص بها لحرية التعبير التي هي ليست قوانين فقط إنما هي تعبير عن ثقافة مجتمع. منّاس: نثمن الخطوات الايجابية في مجال حرية التعبير أكد مصباح منّاس أستاذ في العلوم السياسية، أن حرية التعبير تؤكد أن لكل دولة خصوصيتها مع التأكيد أن هاته الأخيرة تتخذ إجراءاتها حسب الظروف الراهنة خاصة تلك التي لها علاقة بأمن الوطن، ورغم كل ما يقال فان الجزائر قد حققت خطوات هامة ايجابية ونحن نثمن هاته الخطوات المعتبرة وفيما يتعلق بانفتاح السمعي البصري فيشترط أن لا يكون هناك مساس بالثوابت الوطنية والأمن الوطني . يوسف بن يزة الجزائر كانت سباقة في مجال حرية التعبير بالمقارنة مع المحيط الاقليمي لها أما الاستاذ يوسف بن يزة أستاذ العلوم السياسية بجامعة باتنة 1، فيرى ان الجزائر في مجال الحريات كانت سباقة اذا ما تم مقارنتها بالعديد من الدول الاخرى، حيث قال : إذا ما قارنا وضع الحريات وحرية التعبير بالذات في الجزائر بالمحيط الإقليمي فالجزائر كانت سباقة إلى إطلاق الحريات وماتزال تتوفر على حد مقبول منها. ويضيف المتحدث ل السياسي ان منسوب الحرية يزداد يوما بعد يوم رغم بعض الحوادث العرضية التي تحمل على أنها تضييق على الحريات بيد أنها تتقاطع مع الضوابط القانونية وماتقتضيه الأعراف في التعبير عن الرأي أما إذا قارناها مع بعض الأنظمة العريقة في الديمقراطية فالجزائر بلد نامي في هذا المجال، وهي تشهد مرحلة انتقالية بين ممارسة الحرية والشعور بالمسؤولية أثناء ممارستها.