لا يستطيع المرء الهروب بشكل كامل من ماضيه، ويبدو أن هذا هو أيضا شأن نوع لا يزال شاباً من الخلايا الجذعية حيث »تتذكر« شيئا من النسيج الذي جاءت منه، وليس هذا بالضرورة عيبا حسبما أكد باحثون من أمريكا وألمانيا. العالم الياباني »شينا ياماناكا« رشح لجائزة نوبل بعد أن أعلن عام 2006 توصله إلى طريقة علمية خاصة لتحويل خلايا الجسم العادية إلى خلايا جذعية وذلك من خلال إدخال أربع جينات إلى الخلايا البالغة. وتتحول هذه الخلايا إلى حالة من الخلايا الجذعية الجنينية أو على الأقل إلى حالة شبيهة جدا بهذه الخلايا. يبدو أن هذه الخلايا »نسيت« كل ما كانت تفعله من قبل وبذلك يمكن أن تتحول مرة أخرى إلى جميع أنواع خلايا الحيوان الثديي التي يقدر عددها بنحو مئتي نوع. وهناك أمل في أن يمكن استخدام هذه الخلايا الجذعية التمايزية المستحثة »أي بي أس« للتوصل إلى جميع أنواع الخلايا ليصبح دورها بذلك مثل دور الخلايا الجذعية الجنينية. ويمكن أن تصبح هذه خلايا (أي بي أس) يوما ما خطوة مرحلية تنتهي بأنسجة سليمة أو حتى أعضاء كاملة لمساعدة المرضى. ودرس العديد من فرق الباحثين من بينهم مجموعة البروفيسور »يورجين هيشلر« من مستشفى كولونيا الجامعي السؤال العلمي التالي: ما هو مدى استعداد خلايا الجسم العادية للاستجابة لإعادة برمجتها إلى خلايا جذعية. وبسؤال آخر: هل الخلايا المتعددة الوظائف تتساوى مع الخلايا الجذعية الجنينية؟ أم أنها تشبهها فقط؟ فإذا كانت متشابهة فقط فإلى أي مدى؟ وهل لها نفس القدرة العلاجية؟ لقد برهن العلماء منذ عام 2009 على أن خلايا »أي بي أس« يمكن أن تسفر عن فأر كامل كما أن هذا الفأر يمكن أيضا أن ينتج عن خلية جذعية جنينية وهذا هو أحد أقوى الأدلة على التشابه الهائل بين الخليتين. وتم خلال السنوات الماضية إدخال الكثير من التعديلات والتنقيح على طريقة »ياماناك« وأصبح يكفي اليوم إضافة عدة بروتينات قليلة إلى خلايا البشرة على سبيل المثال في مزرعة خلايا في طبق كي تتحول هذه الخلايا إلى خلايا »أي بي أس« أصغر سنا وأكثر شبابا. وكان العلماء يضطرون من قبل لوضع فيروسات في موروثات البروتينات وهو ما كان ينطوي على خطر الإصابة بالسرطان. وأصبح من الممكن الآن تحويل الكثير من الخلايا البالغة مثل الخلايا الدموية وخلايا المعدة وخلايا الكبد والخلايا السابقة لبناء الخلايا العصبية إلى خلايا »أي بي أس«. ويعتبر البروفيسور »كونراد هوخ أيدلينجر« من جامعة هارفارد واحدا من العديد من الباحثين الذين يتخصصون في دراسة هذه الخلايا. وكتب هوخ »أيدلينجر« في العدد الأخير من مجلة »نيتشر بايوتكنولوجي« البريطانية يقول إن خلايا »أي بي أس« التي تكونت من خلايا عضلية أو دموية أو خلايا رابطة بين الأنسجة »تتذكر أصلها«. ويظهر ذلك فيما يعرف بالكود الجيني. فرغم أن الخلايا الدموية وخلايا العظام لديها على سبيل المثال نفس المكونات الجينية إلا أنها تتعرف فقط على بعض الجينات الهامة لها. أما الموروثات التي لا تحتاجها فيتم إيقاف نشاطها