من ينقذ المتيجة من غزو الاسمنت؟ ..نحتاج إلى امكانيات مادية ويد عاملة اضافية للتمكن من تحقيق منتوج وفير.. كفانا من استنزاف واستغلال أراض المتيجة الخصبة لغير طبيعتها ..؟ هي كلّها استفسارات وتسائلات طرحها عشرات الفلاحون ممن يمتهنون النشاط الفلاحي منذ القدم على مستوى سهول ومزارع المتيجة المعروفة بانتاج الحمضيات بكل أنواعها، تعابير وجوههم تملأها الأسى والتحسّر لما كانت عليه سهول المتيجة سابقا ولما آلت اليه اليوم بعدما زحف الاسمنت على هكتارات من أراضيها وباتت عرضة لتجاوزات تصبّ جلّها حول استغلال العقار الفلاحي لأجل بناء وتشييد سكنات ومركبات سياحية على حساب المنتوج المحلي، مشيرين أن الاسمنت قد قضى على الحياة الفلاحية بمساحات كبيرة عبر هذه السهول . السياسي تنقلت الى عدة ولايات ممن يمتد عبرها السهل المتيجي الذي يشمل ولايات البليدةالمدية تيبازة وبومرداس لتقف على الظروف التي ينشط بها الفلاحون والأسباب الحقيقية وراء تراجع منتوج الحمضيات . التعدي على الأراضي واكتساح الاسمنت لها ..كابوس يعيشه فلاحو البليدة أثناء تنقلنا الى عدد من بلديات السهل المتيجي استقبلنا فلاحوها باستنكارهم الشديد لواقع انتاج الحمضيات التي هي حسبهم في تراجع ملحوظ خلال السنوات الأخيرة حيث أرجع ذات المتحدثين ل السياسي السبب الرئيسي لذلك الى استنزاف الأراضي الفلاحية واستغلالها لإنشاء توسعات عمرانية اضافة للاستغلال الفوضوي لعدد من الأراضي على كما هو الحال بمنطقة بن صالح بالبليدة والتي تعد من المناطق الفلاحية بامتياز، حيث أشار عدد معتبر من فلاحي المنطقة أن الزحف القصديري عل أراضيها ساهم بشكل كبير في انتكاس انتاج الحمضيات في الفترات الأخيرة. موزاية ...من طابع فلاحي بامتياز الى طابع سياحي ! في حين اشتكى فلاحو مدينة موزاية بذات الولاية والمعروفة بانتاجها المميز لكل أنواع البرتقال على غرار اليوسفي والليمون من تحويل مساحات وهكتارات كبيرة من الأراضي الفلاحية لمشاريع سكنية أو مستثمرات ومركبات سياحية مستنكرين بذلك تحويل المنطقة من طابعها الفلاحي الى بلدية سياحية تستقطب السياح من مختلف الولايات المجاورة، كما صرح فلاحو بلدية موزاية الى اكتساح عدد كبير من الفيلات الفخمة للضفة الشمالية للطريق السيار وسط الحقول وذلك بالمنطقة المعروفة ب حوش لمبيزة ، كما أعرب سكان الحوش عن امتعاضهم وتذمرهم الشديدين من تجاهل المسؤولين للوضعية على الرغم من مراسلاتهم المتواصلة ليبقى سماسرة العقار يفرضون منطقهم لاستغلال العقار الفلاحي بالمتيجة خلال السنوات الاخيرة وتحويلها عن طبيعتها الفلاحية وذلك في ظل الصمت المطبق الذي تبديه السلطات المحلية والولائية حسب قاطني المنطقة. فلاحو تيبازة يطالبون بالدعم والإعانات امتدت جولتنا إلى بعض البساتين المتواجدة بولاية تيبازة والتي يمسّها السهل المتيجي على غرار منطقة الحطاطبة واحمر العين وبورقيقة، حيث اشتكى فلاحو مدينة الحطاطبة من تدنّي منتوج الحمضيات خلال السنوات الأخيرة بسبب تقلص عدد المساحات المخصصة لزراعة البرتقال والليمون، عكس ما كانت عليه مسبقا في حين شهدت أراض أخرى بناءات عمرانية وقصديرية مختلفة . من جهة أخرى فقد اشتكى عدد من الفلاحين الذين كانت تعابير محياهم توحي بالتأسف والحيرة والأسى على الواقع الذي يزاولون به نشاطهم المهدد بالاندثار، حيث أكد أحدهم ل السياسي أنهم يتكبدون تكاليف فوق طاقتهم لأجل تحقيق منتوج وفير من الحمضيات على غرار البرتقال واليوسفي (المندرين) المعروفة لدى المستهلك والمندرين عديمة النواة ، مشيرين الى غياب وسائل الحفظ والتبريد التي تعتبر أهم الانشغالات المطروحة وهو ما يهدد المنتوجات الحمضية بالتلف، كما اعتبر فلاحو احمر العين وبورقيقة هجرة العديد من اليد العاملة للنشاط الفلاحي اضافة الى عزوف الشباب عن العمل بقطاع الفلاحة عاملان ساهما في تدهور وتدني المنتوج، ناهيك عن مشكل نقص المياه الذي زاد من تراجع المردود السنوي في حين يعد غياب الاعانات سواءا المالية أو فيما يخص العتاد أمرا لا بد منه للنهوض بذات القطاع يضيف المتحدثون. أسعار البرتقال والمندرين ليست في متناول المواطن البسيط لم يهضم الكثير من المواطنين ممن التقتهم السياسي عدم استقرار اسعار مختلف أنواع الحمضيات على غرار البرتقال والمندرين وكذا الليمون رغم أنها منتوجات فصلية إلا أن أسعارها عرفت التهابا ما سمح بعزوف الكثير منهم عن اقتناؤها حيث أشار أحد المواطنين أن منتوج البرتقال يعرف طلبا كبيرا من طرف الزبائن نظر للفوائد الجمة التي يتوفر عليها ومدى قدرته في مكافحة الانفلوانزا الموسمية والوقاية من عدة أمراض أخرى، غير أنه يضيف المتحدث ليس في متناول المواطن البسيط، قائلا أن سعر البرتقال تراوح بين 120 و250 دج للكلغ فيما قدّر سهر المندرين بين 120 و 180 دج. الاسمنت يتوغل في أكثر من 50 بالمائة من أراضي المتيجة وللإشارة فان المتيجة التي عرفت بوفرة منتوج الحمضيات منذ القدم باتت اليوم تعرف تدنيا ملحوظا وتدهورا جراء غزو الاسمنت لهكتارات من الأراضي الخصبة التي فاقت نسبيتها 50 بالمائة حسب أغلب تصريحات الفلاحين في هذا الصدد الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تراجع منتوج الحمضيات بالسنوات الاخيرة وارتفاع اسعارها التي وصلت بالأسواق المحلية الى اكثر من 250 للكلغ الواحد هاته السنة. مديرية الفلاحية بالبليدة تقفز على حقيقة الاسمنت وتكذب الفلاحين كذبت مديرية الفلاحة لولاية البليدة تصريحات العديد من الفلاحين فيما يتعلق بتراجع المحصول السنوي لإنتاج الحمضيات خلال السنوات الاخيرة بسبب الغزو الاسمنتي مؤكدة أن المنتوج يشهد تحسنا ملحوظا وانتعاشا محسوسا خلال الفترات الاخيرة . وقد أشار مسؤول من مديرية الفلاحة بالبليدة أن ذات الاخيرة وبالتنسيق مع مختلف الجهات تسعى لإعادة الاعتبار لبساتين الحمضيات التي تعرف الكثير منها شيخوخة الأشجار وذلك من خلال برنامجها المسطر ضمن تنمية المتيجة حيث تمكنت ذات المصلحة من غرس 1420 هكتار من الحمضيات مع القيام باستبدال أشجار البساتين المسنة، والتي تعود لأزيد من خمسين سنة أو توسيع المساحة الحالية على مستوى بلديات البليدة وبوفاريك والشبلي ووادي العلايق والأربعاء والشفة وموزاية . الغرفة الفلاحية تدعو الفلاحين لإنعاش الانتاج المحلي من جهته وجه عبري معمر أمين غرفة الفلاحة بالبليدة ندائه الى عدد من الفلاحين المختصين في زراعة الحمضيات الاهتمام أكثر بذات النشاط الذي يسفر عن انتاج كل الانواع التي تعرف تراجعا في السوق المحلية، على غرار الحمضيات المتأخرة كفالونسيا التي كانت تنضج في السابق شهر جوان والتي من شأنها أن تلبي احتياجات الكثير من الزبائن. وأوضح ذات المتحدث في تصريح سابق، أن العديد من الفلاحين أضحوا يسعون لإنتاج أنواع من الحمضيات دون غيرها، على غرار التامسون التي تمثل أكثر من 45 بالمائة من مجموع أصناف الحمضيات ال 27 التي تشتهر بها ولاية البليدة، في الوقت الذي كانت تشتهر فيه المنطقة بتوفرها على عدة أنواع وعلى مدار السنة باستثناء جوان وجويلية وأوت التي يغيب فيها إنتاج ثمار الحمضيات. وقلة وعي الفلاحين عامل من عوامل تدني المنتوج أرجعت رئيسة مصلحة حماية النباتات بمديرية الفلاحة بالبليدة تراجع منتوج الحمضيات عبر السهل المتيجي إلى عدة عوامل يأتي في مقدمتها، الإهمال الذي طال البساتين وهجرة الفلاحين للحقول التي ينشطون بها، كما ذكرت ذات المتحدثة أن عدم استخدام الوسائل التقنية للمحافظة على حياة الأشجار اضافة الى عدم استخدام الأسمدة المناسبة لهذا النوع من الحمضيات قد أثر بشكل سلبي على نوعية وكمية المنتوج. من جهة أخرى، ذكرت ذات المسؤولة عدم اتصال الفلاحين بالتقنيين والجهات المختصة بغية الاستعلام عن الأدوية المناسبة التي تستعمل قبل ظهور بعض الأمراض يعد سباب اضافيا للأسباب المذكورة آنفا خاصة وأنها تصبح غير فعالة في حال عدم استعمالها بالوقت المناسب وبطريقة وقائية، نافية في سياق حديثها عدم وجود أي مرض غريب قد يهدد بساتين منطقة المتيجة، قائلة أنها مجرد إشاعة لا أساس لها من الصحة لأن الظروف المناخية الحالية، لا تساعد على ظهور ذات المرض الذي يهدد الاشجار. تحقيق 4.400 مليون قنطار خلال 2015 وتتوقع مديرية المصالح الفلاحية خلال الخماسي الحالي الممتد من 2014-2019 غرس 3164,5 هكتار من أشجار الحمضيات، وهي العملية التي تعرف إقبالا معتبرا من طرف المزارعين الذين يفضلون كذلك اقتناء أنواع جديدة من ثمار الحمضيات كما ذكر ذات المتحدث أن ولاية البليدة قد تمكنت من تحقيق إنتاج قياسيا فاق 4.400 مليون قنطار خلال السنة الفارطة، أي بمردود وصل إلى 245 قنطار في الهكتار كما يسعى القائمون على القطاع توفير كل الدعم التقني والمادي للفلاحين والمرافقة الميدانية لهم. دورات تكوينية لفائدة مهني القطاع وبغية النهوض بواقع انتاج الحمضيات وإعادة الاعتبار للسهل المتيجي تسعى غرفة الفلاحة لولاية البليدة لإطلاق دورات تكوينية بداية كل موسم لفائدة الشباب المهتم بالفلاحة ومهني القطاع والتي تتمحور حول تقنيات تقليم أشجار الحمضيات. وفي هذا الإطار يشارك أكثر من 130 متربصا في الدورة التي اعلنت عنها ذات الغرفة افللاحية، حيث يتلقى خلالها المهنيون تكوينا نظريا وتطبيقيا حول كيفية تقليم أشجار الحمضيات حيث ستشهد حقول الولاية غرار الاراضي الفلاحية الموزعة ببلديات وبساتين الشبلي وموزاية ووادي العلايق جولات تطبيقية لتفعيل الدورات ليتم بعدها تسليمهم شهادة معتمدة يتمكن من خلالها الشباب المهتمون بالفلاحة من دخول عالم الشغل، في حين تهدف ذات المصلحة من خلال هاته الخطوة إلى تشجيع الشباب على مزاولة المهن الفلاحية بعد عزوف ذات الفئة عن النشاط الفلاحي. ماذا تبقى من سهل متيجة؟ متيجة هي التسمية التي تطلق على مجموعة سهول في المنطقة الوسطي من شمال الجزائر ، والذي يضم اربع ولايات على غرار الجزائر العاصمة، والبليدة وتيبازة وبومرداس، والتي كانت في وقت عبارة عن مستنقعات مائية، قبل أن تحول إلى مزارع للحمضيات والعنب ويحتضن السهل مدنا معروفة كالبليدة وبوفاريك والعفرون وغيرها، حيث يتربع على مساحة إجمالية تقدر ب: 1300 كلم مربع طوله من الشرق الى الغرب يصل الى 100 كلم ومن الشمال نحو الجنوب يتراوح بين 15 و 20 كيلومتر، يحده قبالة البحر تلال الساحل اين اعلى نقطة تصل الى 268 متر ونحو الغرب يرتبط بجبل شنوا 905 متر فوق سطح البحر ثم يلتقي بهضبة فجانة من جهة الشمال الغربي ليتصل بجبال الأطلس. متيجة إذن منطقة توجد بين جبال الأطلس التلي وبين التلال المطلة على البحر المتوسط، تلال تمنع أي منفذ بحري يسمح بمياه واد مراد وواد بوركيكة بالوصول إلى البحر، فيتكون بهذا بحيرات ومستنقعات على طول المنطقة الممتدة ما يسمى حاضرا ب سيدي عمار وواد العليق وهم ثلاثة منخفضات مائية رئيسية فالمنخفض الأول يسمح بتشكل بحيرة حلوله، المنخفض الثاني يتواجد بالقرب من حطاطبة والمنخفض الثالث فيوجد بالقرب من واد العليق ما يعرف الآن تسالة المرجة هذا في الجهة الغربية من السهل، أما الجهة الشرقية فنجد وديان أكثر سيلان والتي تنبع من جبال الأطلس البليدي وتجد منافذ بحرية سهلة لتصب فيها، ورغم كل هذه الخصائص التي يتميز أكبر سهول الجزائر في انتاج الحميضيات والكروم، ومختلف انواع المنتوجات الفلاحية، تسائل اليوم مواطنو المنطقة وحتى المواطنين عبر كامل التراب الوطني، الذين لا يعرفون عن هذا السهل سوى ما درسوا عنه في مقررات دراسية، على انه اكبر سهول الجزائر انتاجا، ماذا بقي من سهل متيجة في ظل زحف الاسمنت المسلح ؟. هل يطبق المستثمرون الخواص تعليمة الحكومة ؟. وقد أصدرت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية مؤخرا منشورا وزاريا جاء على شكل تحذير من التحويل المفرط للأراضي الفلاحية لغرض التعمير والتصنيع. وأشار المنشور الوزاري الذي وقعه وزير الفلاحة والتنمية الريفية عبد الوهاب نوري يوم 3 سبتمبر الفارط من العام الماضي، إلى أن الحصيلة المعدة مؤخرا المتعلقة بعملية إلغاء تصنيف الأراضي الفلاحية عبر الولايات والموجهة لغرض التعمير والتصنيع كشفت عن استهلاك مفرط وغير مسبوق للأراضي الفلاحية، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية عن الوزارة. وحذّر الوزير بالقول إنه "في حالة ما إذا تم الاستمرار على هذه الوتيرة فإنها ستقوّض لا محالة كل الجهود التي تبذلها لتحقيق الأمن الغذائي المستدام لبلادنا، ونظرا لمحدودية المساحات الفلاحية المتوفرة التي لا تمثل سوى 3.5 بالمائة من المساحة الإجمالية للبلد". وأشارت الحصيلة إلى أن هذه الوضعية غير المسبوقة في عملية تحويل الطابع الفلاحي للأراضي كانت بسبب خرق قوانين وتنظيمات الجمهورية وذلك باللجوء للحلول السهلة في اقتطاع الأراضي الفلاحية والتي غالبا ما تكون على حساب الأراضي الفلاحية بما فيها الخصبة والمسقية والمغروسة". وينص المنشور على أن "كل عملية اقتطاع للأراضي الفلاحية لغاية التعمير والتصنيع يجب أن تخضع لقواعد صارمة ولن تتم مستقبلا إلا بالموافقة المسبقة للمصالح المركزية لوزارة الفلاحة". وبقرار من الحكومة ساري المفعول منذ 2011 يتم تخصيص أراض فلاحية لمشاريع تنموية بمقتضى مرسوم. وجاء في المنشور أنه لأجل ذلك فإن حماية الأراضي الفلاحية والحفاظ عليها تشكلان أولوية لكل سياسة تهدف إلى ترقية الإنتاج الفلاحي. وبالتالي يدعو المنشور السلطات المحلية وخاصة مدراء المصالح الفلاحية ومحافظي الغابات للولايات إلى اتخاذ التدابير الضرورية لتطبيق القانون، بما في ذلك اللجوء إلى المحاكم المختصة لوضع حد لهذه الوضعية التي تضر بقوة الاقتصاد الفلاحي للبلد. وجه هذا المنشور للأمين العام للغرفة الوطنية للفلاحة والمدير العام للديوان الوطني للأراضي الفلاحية والمصالح الفلاحية ومحافظي الغابات، حيث طلب الوزير من هؤلاء المسؤولين التطبيق الصارم للأحكام المتضمنة فيه.