لم تعد القسرة أو القعدة التي اعتادت الوهرانيات إقامتها طيلة السهرات الرمضانية تنحصر داخل محيط بيوتهن، بعد انتشار الفضاءات الخضراء بعاصمة غرب البلاد، وما تقدمه من خدمات ثقافية وترفيهية. وبعد أن نما لدى الوهرانيات ثقافة التنزه، أضحت القسرة أو التقسيرة تقام في الهواء الطلق لكسر الروتين وأخذ قسط من راحة الأعمال المنزلية وهروبا من الحرارة المرتفعة، كون شهر الصيام يتزامن معه موسم الصيف منذ سنوات. وفي هذا الشأن، أوضحت السيدة مختارية، في العقد الرابع، ماكثة في البيت، قائلة: إن زمن التقسيرات ولى ولا يمكن أن أبقى حبيسة أربعة جدران واستقبال الضيوف، فالخروج إلى المنتزهات فرصة لا تعوض في شهر رمضان من أجل الاستمتاع بجمال مدينة وهران ليلا وبأضوائها التي تخطف الأنظار . ومباشرة بعد تناول وجبة الفطور، تتوجه الوهرانيات جماعات وفرادى الى الفضاءات الخضراء والترفيهية القريبة من أحيائهن أو تلك المتواجدة في التجمعات السكنية الجديدة للفوز بمقعد في ذلك الفضاء المفتوح أو تضطر بعض المتأخرات إلى افتراش الأرض لقضاء ساعات إلى غاية وقت السحور. وتحاول بعض الوهرانيات بمعية أقاربهن أو جيرانهن أو الرفيقات اللائي قد التقت بهن في أحد الفضاءات القريبة من أحياء الصباح والياسمين والنور إنشاء قعدة نسائية، غير أنها تفتقد إلى تلك اللمة النسائية الموروثة عن السلف الذي حرص على توريثها من جيل إلى جيل. وفي هذه الصدد، تقول نعيمة، أن نمط العيش المعاصر ذابت فيه كل العادات والتقاليد منها التقسيرات الرمضانية التي كانت لا تحيد عنها امرأة وكانت لها حصنا منيعا مهما كلفتها من مصاريف أو جهد لا تتخلى عنها. وتعتبر القسرة ، التي تتمثل في جلسات للسهر والترفيه في رمضان، جزء من عادات وتقاليد وهران لا يمكن الاستغناء عنها في الحر أو القر حيث كانت تضفي على ليالي هذا الشهر الفضيل نكهة خاصة.