تتمتع مدينة جانت الواقعة بولاية إليزي بأقصى الجنوب الشرقي للجزائر، بثراء طبيعي وثقافي وحضاري يؤهل هذه الواحة لأن تصبح وجهة للسياحة الداخلية وكذا قطب لجلب السياح الأجانب المولعين بالصحراء إذا توفرت مرافق الإيواء وفضاءات الترفيه. وتراهن شركات السياحة على هذه الواحة لترقية وجهة السياحة الصحراوية، على غرار الديوان الوطني الجزائري للسياحة أونات الذي نظم مؤخرا زيارة لفائدة الصحافيين لإكْتشاف الثراء السياحي لهذه المدينة وتاريخها العريق الضارب في التاريخ. ولعل ما يلفت الانتباه في هذه المنطقة الصحراوية، تلك البنايات والقصور القديمة لمدينة تعاقبت عليها أجناس وأجيال وكذا تلك الكثبان الرملية والجبال الصخرية بمنطقة طاسلي ناجر التي تزخر بفسيفساء من آثار ورسومات صخرية تعبر عن حضارة إنسانية تعود إلى آلاف السنين. وتثير منطقة جانت بالذات إحساسا فريدا من نوعه نظرا للتنوع الكبير الذي يميزها، فهي تتوفر على مواقع استثنائية مثل الواحات ومواقع أثرية ذات قيمة إنسانية فريدة من نوعها تعتبر إرثا وأرشيفا للإنسانية جمعاء. وتجسد منطقة ديدر ثراء الطاسيلي الذي يجمع في متحف متواجد بالهواء الطلق عدة نقوش ورسومات أثرية قديمة وكذا قلتات بأهرير، وهي منطقة رطبة مصنفة على قائمة رمسار العالمية تعيش فيها الأسماك في قلب الصحراء. وتزخر صخور منطقة تاسات بنقوش قديمة تعبر عن حياة إنسان ما قبل التاريخ، في حين تحيط بمنطقة تيغرغرت جبال صخرية شامخة نقشت عليها وقائع التاريخ الغابر للمنطقة، بينما يوجد بمنطقة أدمير كثبانا رملية ذهبية لها جاذبية فريدة من نوعها. فالمنتوج السياحي بجانت يتميز بخصوصياته ويسوق على شكل مسارات سياحية تنظم حول مواضيع مختلفة ثقافية ودينية وتاريخية وعلمية وأثارية وبيئوية وكذا رياضية. ومن بين هذه المعالم الاثرية نقش على صخور يروي واقعة البقرة الباكية بمنطقة تيغرغرت والتي تجسد قصة تعود لآلاف السنين لبقرة -تقول الروايات- أنها حزنت وبكت على فقدان صغارها بسبب ندرة المياه، وكذا متحف الهواء الطلق لطاسلي ناجر الذي يحتوي على رسومات وتحف فنية ناهيك عن المنظر الجميل لغروب الشمس الذي طالما أبهر السياح الذين زاروا المنطقة. وتجسد غالبية النقوش والرسومات المتواجدة في الصخور والتي تعود الى ما قبل التاريخ، مشاهد لأشخاص يقومون بنشاطهم اليومي ونقوش لحيوانات أخرى كانت تعيش في المنطقة، كذلك النقش لفيل ضخم مما يؤكد أن هذا الحيوان عاش في المنطقة. وفي ظل هذا الثراء السياحي، تحتاج جانت إلى تنويع العروض السياحية يجعل منها مقصدا للسياحة الصحراوية بإمتياز. وفي هذا الإطار، أوضح المدير العام أونات محمد شريف سلاطنية، أن النهوض بالمنتوج السياحي مرهون بالقدرة على تحويل هذه المقومات السياحية الخاصة بمناطق الجنوب من مادة خام إلى عروض ومنتجات ذات مواصفات دولية، مؤكدا على ضرورة إنشاء مرافق الإيواء وفضاءات الترفيه والتسلية للزائرين. 6 مشاريع جديدة لحل مشكل الإيواء ولتجاوز النقص الكبير الذي تعاني جانت منه في مجال المرافق، تم تسجيل 6 مشاريع سياحية سيتم إنجازها في موقع التوسع السياحي بمنطقة تيغرغرت، والذي يتربع على مساحة تقدر ب8600 هكتار، من بينها 100 هكتار تم تهيئتها لحد الآن، حسبما أعلنه مدير السياحة والصناعة التقليدية بولاية إليزي سمير فليبون. وسيتم في هذا الموقع يقول فليبون إنجاز 6 فنادق سياحية جديدة من درجة نجمة إلى 5 نجوم من شأنها توفير 1600 سرير و3260 منصب شغل جديد. ودعا مدير السياحة إلى تدارك هذا النقص في المرافق من خلال دعم الاستثمار بالمنطقة لتعزيز السياحة الداخلية والتمكن أيضا من استقبال السياح الأجانب، خاصة وأن جانت لا تتوفر إلا على 3 فنادق وإقامة تابعة لشركة أونات، إلى جانب 4 دور للشباب. وتنشط بهذه المدنية -يضيف ذات المتحدث- 33 وكالة سياحية وأسفار تسعى لإسْتقطاب السياح الجزائريين والأجانب، من خلال تقديم خدمات تنفرد بها السياحة الصحراوية كالمبيت في الخيام والأكل في الهواء الطلق في ديكور طبيعي في قلب الطاسيلي يحاكي حياة التوارق، على نكهة الشاي الصحراء ووقع موسيقى آلة الإمزاد التي اعتمدت من طرف اليونسكو كإرث ثقافي إنساني عالمي. كما تراهن الوكالات السياحية على المناسبات المعروفة في المنطقة، للنهوض بالسياحة كعيد السبيبة التي تنظم في احتفالات موسم عاشوراء وعطل نهاية السنة، إلى جانب بعث الصناعة التقليدية لحرفيي المنطقة وفي مقدمتها أزياء الطوارق والأسلحة التقليدية والحلي والجلود والآلات الموسيقية