اعتبر مواطنون من سكان مدينة عنابة بشأن معاناتهم مع التذبذب المسجل في التموين بمياه الشرب، أن عدم تنبؤ المسؤولين والمسيرين للشأن المحلي بأزمة المياه والاستعداد لمواجهتها تعتبر سابقة خطيرة ذات عواقب متعددة. فذلك متقاعد ورب عائلة من سبعة أفراد، تساءل في حديثه وهو ينتظر أمام مدخل العمارة بحي 8 ماي 1945 بمدينة عنابة رفقة مجموعة من جيرانه وصول الصهريج لتزويدهم بمياه الشرب بالقول (لماذا وصلنا إلى وضع مثل هذا في زمن تصنعه التكنولوجيا والرقمنة في التسيير)، قبل أن يضيف (لماذا لم يتنبأ المشرفون على تسيير المياه بحلول أزمة خانقة كهذه ولم يستعدوا لمواجهتها). من جهته تساءل أحد جيرانه في نفس السياق (لماذا لم يتم حفر آبار توازيا مع انخفاض منسوب سد الشافية بالطارف)، قبل أن يعلق آخر (إن أزمة المياه هي أزمة تسيير بدرجة أولى). فتنقل صهاريج تجار المياه الخواص عبر الأحياء السكنية يصنع ديكور التجمعات السكنية وحتى وسط المدينة ليذكر المارة بيوميات أصبحت شاقة ومملة بالنسبة لربات البيوت ومكلفة بالنسبة لميزانية العائلة، تقول بدورها نادية موظفة بمديرية التربية بالولاية. فالصهريج الواحد بسعة 1000 لتر يقتنى بسعر يتراوح ما بين 2500 و3 آلاف د.ج، يؤكد سعيد (64 سنة) صاحب مقهى بحي واد القبة. أما عن نوعية المياه، فما على السكان غير التأقلم مع الظرف واستعمال ماء الجافيل. نفس الإنشغال طرحه رضوان عون بمصلحة الوقاية بمديرية الصحة والسكان بالولاية، الذي أوضح بأن التخوف من عواقب الانتشار الواسع للصهاريج وغياب مراقبة صارمة لنوعية المياه (يجعلنا نتخوف بشدة من أخطار الأمراض المتنقلة عن طريق المياه). وشاطره الرأي أطباء وجامعيون أبدوا بدورهم تخفوهم من آثار أزمة المياه على الصحة العمومية، مؤكدين على ضرورة تجند المصالح المعنية لمراقبة نوعية المياه التي تباع عبر الصهاريج الخاصة. من جهتهم، أبدى متعاملون اقتصاديون بعنابة انشغالهم الكبير في ظل أزمة المياه، موضحين بأن توقف مركب الحديد والصلب (سيدار) بالحجار عن الإنتاج بسبب أزمة المياه، سابقة خطيرة تؤثر سلبا على آفاق الاستثمار. وأضافوا بأن ترك أزمة المياه تتفاقم إلى درجة توقيف نشاط اقتصادي هام دون اللجوء إلى إجراءات استباقية، معناه فقدان الثقة لدى المستثمر في محيط الأعمال وظروف الاستثمار. وبين محاولة البعض التأقلم مع ندرة المياه ومحاولة ترشيد ما يصلهم من المياه وتذمر البعض الآخر من تأخر المسؤولين في البحث عن حلول لإسْتدراك الوضع، تبقى عنابة تعيش على وقع احتجاجات يومية لسكان الأحياء للمطالبة بالتزود بالمياه. فأكثر من 25 صهريجا تم تسخيرها من طرف مصالح البلديات لتزويد سكان بعض التجمعات السكانية المتواجدة بالنقاط السوداء، على غرار البركة الزرقاء وحجر الديس والخرازة وحي سيبوس، وكذا الأقطاب الحضرية الكبرى مثل البوني والحجار وسيدي عمار، وذلك في إطار برنامج استعجالي تشرف على تسييره خلية أزمة تم تشكيلها على مستوى ولاية عنابة لتسيير أزمة المياه. ويتزود حاليا سكان البلديات الكبرى للولاية (عنابة وسيدي عمار والحجار والبوني) مرة واحدة في اليوم، وذلك كل أربعة أيام بتجنيد حوالي 84 ألف متر مكعب من المياه يوميا مقابل 160 ألف متر مكعب كانت تخصص يوميا لتزويد سكان الولاية بالمياه.