عهد طفلة فلسطين، التي تحمل سحنة براءة الاطفال، وعينين تتمدد فيهما صورة تحد عظيم، جبن عنه آلاف الرجال العرب، قاومت ودافعت عن منزلها في قلب رام الله، بحزم ثائرة، لا تلين، إنها تشي غفارا فلسطين الشقراء . عهد التميمي ، تلك الفتاة التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وتهافتت مختلف وسائل الإعلام العالمية لكي تسلط الضوء على قصتها في المقاومة وفي سجون الاحتلال، لتبرز شجاعة تلك البراءة ونديتها في مواجهة القوات الصهيونية، التي حاولت إقتحام منزلها، لكنها قاومت بيديها العاريتين، وبكل ما يحمله الاطفال من مقاومة، فاعتقلت فجرا هي ووالدتها وزجا بهما في زنزانتين إنفراديتين داخل سجون الاحتلال!. أي شجاعة وقوة داخلية تمتلكها فتاة في عمر 7 سنوات، وتجعلها تجابه بدون عقدة خوف قوة الجنود الصهاينة المدججين بالأسلحة، الذين تجبروا على الأطفال واعتقلوا شقيقها الصغير خلال السنوات الماضية، ولم تأبه لطراوة الأطفال ولحجم الضرب المبرح الذي تعرضت له في تلك السن، لكنها قاومت بكل ما يملكه أي طفل من مقاومة، في سبيل افتكاك شقيقها بين يدي مجموعة من الجنود الصهاينة، أمام مرأى ومسمع وسائل الإعلام العالمية. يذوب العمر لما يتعلق الأمر بمجابهة الاحتلال ويصبح السن بدون معنى إلا إذا كان ملتصقا بفكرة المقاومة، عهد اليوم في عمر ال17 سنة، وهي تمثل الجيل الجديد من الشباب الفلسطيني الذي ولد تحت سلطة الاحتلال، وفي كنف اتفاقيات السلام الفلسطينة والعربية المخزية مع الكيان الصهيوني، لكنه رغم تلك الظروف الانبطاحية الواضحة لم يفقد الأمل القضية في دمه وقلبه، لذلك يثور كل مرة ضد غطرسة بني صهيون، الذي يرغب في إجبار الفلسطينين على نسيان أو دفعهم لتناسي قضيتهم، خاصة مع تخلي الحكام العرب وقيادتهم الفلسطينية عنهم، وتركهم وجها لوجه مع وحشية المستعمر البشعة. هؤلاء الاطفال، هم صوت فلسطين الحقيقي والعميق، سواء في داخل الأراضي المحتلة أو خارجها، بعيدا عن الحسابات السياسية التي تقود هذا التيار أو ذاك، ويمكن أن يكون هؤلاء الاطفال الذين تزج بهم سلطات الاحتلال في سجونها رغم أنه قصر، وهم يشكلون هاجسهم الحقيقي بعد فشل كل عمليات إقناعهم بالاعتراف بالأمر الواقع أنهم سلطة الاحتلال وهي من تتحكم في تحركات حتى القيادات الفلسطينة، كل مرة، الشرارة التي تجعل تخرج القضية الفلسطينية من عمق الزجاجة نحو الحرية والانعتاق رغم سوداوية الوضع، فالمشعل الذي التهم القضية الفلسطينية تحت وطأة المساومات وفكرة الانبطاح المتمثلة في السلام. عهد إسم على مسمى لتلك الطفلة التي تعهدت للوقوف كمقاومة راشدة صلدة، ضد قوات الاحتلال للدفاع عن عرضها بيديها الناعمتين والعاريتين ضد رشاشات وأسلحة القوات الصهيونية الخشنة، من اجل الدفاع عن وكر أبيها الذي أعتقل وعذب في زنزانات الاحتلال حتى أغمي عليه عدة مرات، تدافع عن شرف أمها التي ذهبت لزيارتها في السجن فاعتقلت هي الاخرى وبعدما أصيبت أيضا بطلق ناري في جسمها بعد مشاركتها في تظاهرة ضد غطرسة سلطات الصهاينة. الفرق بين عهد التي تسرى فلسطين في دمها والمتشبعة بفكرة مقاومة الاحتلال حتى النخاع، وبين بعض الراشدين في بلادها والدول العربية خاصة من القيادات والحكام، في أنها لم تبع القضية منذ نعومة أظافرها ولم تنحني ولم تلين، حتى وهي سجينة وحيدة في الزنزانة، في حين باع القضية من هم أكبر منها سنا، تحت ذرائع مختلفة، درس عهد وجميع الاطفال الفلسطينين القابعون في زنزانات الاحتلال والذي يبلغ عددهم أزيد من 400 أسير، هو درس عفوي للانسانية التي ترفض الاستعباد على أن للأطفال وعي صادق يفوق ما تحمله روؤس الراشدين من حسابات قد تخذل بالقضية أكثر من أنها تخدمها. جل أطفال فلسطين اليوم بما فيهم عهد ، والمتواجدون في سجون الاحتلال، يتعرضون لجميع أنواع التعذيب، ولأساليب وحشية من قبل الكيان الصهيوني الذي يرغب في وأد القضية حتى في داخل نفوس الاطفال الصغيرة، لكن وبشكل عكسي أصبحت فلسطين أولى قضاياهم وأخرها رغم حداثة سنهم بها، وبات خيار المقاومة بالنسبة لهم ولعائلاتهم واجبا أكثر منه خيارا، كما يقول والد عهد التميمي . عائلة عهد التي غرست فيها روح فلسطين حتى النخاع، وأشربتها من نبع المقاومة حتى الارتواء، فوالدها الذي رد على وزير الدفاع الصهيوني، أفيغادور ليبرمان، بعد أن علق على قضية إبنته التي اعتبره شيء تستحقه عائلة التميمي ، قائلا : لن يردعنا ليبرمان ولا جيشه، ما يقوم به أطفال بلدتي وطفلتي عهد هو المشهد الطبيعي، والمشهد غير الطبيعي أن تعاني من الاحتلال ولا تقاوم .