الممثل عبد الحميد رابية يدعو الوزارة لإخراج الثقافة من نفقها المظلم تّأسف الممثل عبد الحميد رابية عما آل إليه قطاع الثقافة في بلادنا، خلال السنوات الأخيرة ،والذي قال عنه ،بأنّه دخل في نفق مُظلم ،مؤكدا بأن الحقل الثقافي عرف نشاطا كبيرا وتطورا لافتا، خلال نظام الحزب الواحد في سنوات الستينات والسبعينات ،رغم قلة الإمكانيات المادية. الممثل أوضح بهذا الخصوص:"كانت الثقافة في السابق مزدهرة، و في قمة عطائها ،حتى النساء خُصص لهنّ يوم الجمعة للذهاب إلى المسرح ،لمشاهدة العروض المسرحية وهنّ يلبسن الحايك الأبيض حتّى لُقبهنّ الفرنسيون بالحمامات البيضاء، كنا نحصد الجوائز تلو الأخرى في مختلف المهرجانات التي نشارك فيها داخل وخارج الوطن، لكن القطاع يشهد الآن فراغا كبيرا، بسبب السلبيات العديدة التي طغت عليه."و أضاف بأن الساحة الثقافية حاليا، تشهد فوضى عارمة وتوترات، مثلما تشهده الساحة السياسية والأحزاب بالضبط. حسب عبد الحميد رابية للنصر التي التقت به بالمسرح الجهوي كاتب ياسين في تيزي وزو ،على هامش الحفل التكريمي الذي أقيم مؤخرا تخليدا لروحي الراحلين فتيحة بربار ورويشد، فإن وزارة الثقافة تهدر أموالا طائلة على مهرجانات وتظاهرات ثقافية لا تجني من ورائها شيئا، مؤكدا بأنّه لو استثمرت تلك الأموال في تكوين الطاقات البشرية في ميدان الفن، أو بناء فضاءات ثقافية ،مثل قاعات السينما أو تهيئة المنشآت الموجودة ، لكان الأمر أفضل لترقية القطاع وإعطائه نفسا آخر. وأضاف محدثنا أن قاعات السينما خلال الحقبة الاستعمارية كانت تفوق ال 450 قاعة ، ومنذ الاستقلال إلى غاية اليوم، لم يبق منها سوى خمس أو ست قاعات، أغلبها تعرضت للإهمال، وأخرى حوّلت إلى محلات تجارية ،كما أسدلت أخرى ستائرها، وتوقف نشاطها نهائيا، لتبقى هيكل بلا روح، و استطرد قائلا: " نحن الآن نناضل من أجل دفع قطاع الثقافة إلى الأمام ، فلا إنتاج في الأفق، و لا تحفيزات للفنانين الذين تبقى نفسيتهم دائما مُحبطة، بفعل ما يحيط بهم من سلبيات". دعا رابية المسؤولة الأولى عن القطاع، نادية لعبيدي ،إلى وضع سياسة ثقافية جديدة لعصرنة القطاع، وتحسينه، والنهوض به ليعود إلى سابق عهده، حتى لا تتم المتاجرة بالثقافة ،من طرف من لا علاقة لهم بهذا الميدان، و على الوزيرة،كما أكد، أن تُدعّم الثقافة وتُموّل أعمال الفنانين وتأخذ بيدهم، وتقوم بتشييد ،على الأقل قاعة سينما على مستوى المدن الكبرى، لتكون حافزا للفنانين والممثلين للعطاء . مع العلم أن الجزائر تملك طاقات كبيرة لا يُستهان بها، كما يجب على الوزارة ،حسبه،أن تهتم بحقوق المثقفين والفنانين المهضومة وأضاف بأن تأسيس قانون قوي للفنانين ضرورة قصوى لحمايتهم من أي تهميش. وقال عبد الحميد رابية الذي يزيد مشواره الفني عن نصف قرن ،بأنه خريج معهد الفنون الدرامية ببرج الكيفان الذي تلقى فيه تكوينا في التمثيل سنة 1964، ليلتحق مباشرة بمسرح عنابة، ثم مسرح قسنطينة .ومع بداية سنوات الثمانينات استقبله المسرح الوطني الجزائري الذي لا يزال فيه لحد الساعة،ويملك اليوم برصيده الفني لدى التلفزيون الجزائري حوالي 50 عملا مسجلا بين المسرحيات، المسلسلات،و الأفلام، فضلا عن السلسلات الفكاهية، ومُشاركته في كل المسرحيات التي أنتجها المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي. كما خاض تجربة ناجحة في ميدان السينما الناطقة باللغة الأمازيغية، حيث شارك العام الفارط في سلسلة باللهجة القبائلية تحمل عنوان "إخسراس لحساب" أو "اختلط عليه الحساب". عن مشاريعه ،قال محدثنا بأنه ينتظر دعوة من المنتجين والمخرجين للمشاركة في المسلسلات التي يحضّرونها لشهر رمضان المقبل ،لأنه لم يبق من الوقت الكثير، مضيفا بأنه مستعد للتمثيل مرّة أخرى باللهجة القبائلية، المهم أن يكون هناك إنتاج وطني وفير . و أضاف:"الكثير من المشاهدين لا يُدركون بأنني قبائلي وأنحدر من ولاية بجاية، و بإمكاني التمثيل بمختلف اللهجات، ثقافتنا متنوعة والفن ليس له حدود والجمهور هو المحفز لنا وأعتبره كنزا لا يفنى".