تستعد جامعة قسنطينة 3 لاحتضان الدورة الخامس عشرة للمهرجان الوطني للمسرح الجامعي، الذي يقام بإشراف مديرية الخدمات الجامعية بعين الباي، تحت شعار "على خشبة المسرح نلتقي". ويأتي هذا الحدث الثقافي الكبير ضمن البرنامج الوطني للأنشطة الثقافية الذي تشرف عليه مديرية الحياة الطلابية التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ممثلاً نموذجاً حياً للاهتمام الرسمي بالحركة المسرحية الطلابية، وتطويرها. شهدت التحضيرات للمهرجان خطوة مهمة، أوّل أمس، باجتماع لجنة الانتقاء التي تضمّ كوكبة من أبرز الأسماء في الساحة المسرحية الجزائرية، التي قامت بمراجعة 21 عملاً مسرحياً مقدماً من مختلف الجامعات الجزائرية، بالإضافة إلى مشاركات عربية متميزة من سلطنة عمان، وتونس، وليبيا، حيث أشرف على عملية الانتقاء الدكتور مخلوف بوكروح المدير الأسبق للمسرح الوطني الجزائري، والمخرج المخضرم محمد الطيب دهيمي، والفنان حكيم دكار، والناقد المسرحي إدريس قرقوة، إذ سيتواصل عمل اللجنة لاختيار 12 عملاً فقط، ستحظى بشرف المشاركة في المنافسة الرسمية. وفي زيارة تفقدية لأعضاء اللجنة أكد مدير جامعة قسنطينة 3 البروفيسور شعبان بعيطيش، على الأهمية الاستراتيجية لهذا المهرجان كمنصة لاكتشاف المواهب الشابة وصقلها، معبّراً عن فخره باستضافة جامعته هذه التظاهرة الثقافية الكبرى، التي تتناغم مع رؤية المؤسّسة في دعم الإبداع الطلابي. وحسب القائمين على التظاهرة الفنية الثقافية، فإنّ المهرجان يتجاوز في أهدافه مجرد التنافس الفني، ليرتقي إلى مشروع تربوي متكامل. ويسعى المنظمون إلى ترسيخ ثقافة المسرح الجامعي كأداة فعّالة لتنمية الشخصية الطلابية، وتعزيز القيم الإنسانية النبيلة. فمن خلال ورش العمل المصاحبة والندوات الفكرية، سيتمكّن المشاركون من تبادل الخبرات، ومناقشة أهم القضايا الفنية والاجتماعية، ما يجعل من خشبة المسرح فضاءً حقيقياً للحوار البنّاء، وتبادل الأفكار. كما يولي المهرجان اهتماماً خاصاً بالجانب الأكاديمي؛ من خلال التركيز على جودة النصوص المسرحية، وأصالتها، إلى جانب الاهتمام بالتقنيات الحديثة في الإخراج والتأليف. أما عن المشاركات العربية فأكّد القائمون على التظاهرة، أنّها تأتي لتعكس بعداً آخر للمهرجان؛ كجسر للتواصل الثقافي بين طلاب الجامعات العربية، ما يثري التجربة الفنية، ويوسّع آفاق الحوار الحضاري. ويأتي المهرجان هذا العام بمشاركات نوعية، تعكس تنوّع المدارس المسرحية، والرؤى الإبداعية، حيث تميّزت الأعمال المقدّمة بتنوّعها بين المسرح الكلاسيكي والتجريبي، مع تركيز واضح على معالجة القضايا المعاصرة التي تهمّ الشباب الجامعيين. كما تضمّنت بعض المشاركات تجارب جديدة في توظيف التقنيات الحديثة في السينوغرافيا، والإضاءة، والصوت. ومن المقرّر أن تشهد الأيام القادمة تنظيم سلسلة من الفعاليات الموازية، تشمل ورشات تكوينية في الكتابة المسرحية، وتقنيات الإلقاء، إلى جانب عروض مسرحية خارج المنافسة تقدّمها فرق طلابية من مختلف الجامعات. كما سيتم تكريم عدد من رواد المسرح الجامعي؛ تقديراً لجهودهم في إثراء الحركة المسرحية الطلابية على مدى السنوات الماضية. يُذكر أنّ الدورة الحالية للمهرجان ستشهد تطوراً ملحوظاً في نظام التحكيم والمعايير الفنية، حيث تم إعداد استمارات تقييم مفصّلة تغطي جميع جوانب العمل المسرحي من حيث المضمون الفكري، والتقنيات الإخراجية، وجودة الأداء التمثيلي، في خطوة تهدف إلى ضمان الشفافية والموضوعية في عملية التحكيم. وينتظر الجمهور العاشق لفنّ المسرح، هذه التظاهرة الثقافية بلهفة، خاصة مع ما تشهده الساحة المسرحية الجامعية من تطوّر كمي ونوعي في الأعوام الأخيرة، حيث أصبح المهرجان محطة سنوية ينتظرها الطلبة المبدعون، لعرض إنتاجاتهم، والاستفادة من ملاحظات الأساتذة والمختصين. وحرص المنظّمون بجامعة قسنطينة 3 التي ستحتضن المهرجان، على توفير جميع الشروط الفنية اللازمة لنجاح العروض، حيث تم تجهيز القاعة الرئيسة بأحدث المعدات السمعية والبصرية، وتشكيل فرق طلابية متخصّصة في استقبال الضيوف، وتنظيم الفعاليات. ويُنتظر أن تشهد الدورة الحالية إقبالاً جماهيرياً كبيراً، خاصة مع تزايد الاهتمام بالمسرح الجامعي؛ كوسيلة للتعبير الفني، والتنمية الذاتية.