" حكم القاضي يتميز بالحجية المطلقة ولا يجوز انتقاده إعلاميا" أجمع القضاة الذين أشرفوا على اليوم الدراسي مع الصحافة يوم الخميس الماضي بوهران، على أن الأحكام القضائية التي تصدر أثناء الجلسات لها صفة الحجية المطلقة وتتميز بكونها أحكاما مقنعة خاصة إذا كانت نهائية، وعليه حسب المتدخلين لا يجوز للصحفي التعليق عليها أو انتقادها في مقالاته لأنه بهذا يكون قد تورط في التقليل من شأن الأحكام القضائية وهو سلوك يعاقب عليه القانون. ركز رئيس مجلس قضاء وهران الأستاذ مجاتي أحمد أثناء تدخلاته في اليوم الدراسي الذي احتضنه مقر محكمة جمال الدين بوهران، على أن خصوصية وميزة القضاء التي تعتمد على الحفاظ على حقوق الإنسان، تجعل تناولها إعلاميا يخضع لحساسية معينة وعلى رأسها ضرورة تقيد الصحفي بضوابط من أجل حسن سير مجريات الإجراءات القضائية، ونوه المتحدث باللقاء بين القضاة والصحافة الذي من شأنه توضيح الرؤى والتأسيس لأرضية تفكير في كيفية إرجاع الأمور لنصابها كي يتمكن الصحفي من تأدية عمله بطرق احترافية وتتسم بالمصداقية. ومن جانبه أشار النائب العام لدى مجلس قضاء وهران السيد بخليفي امحمد، إلى أنه يجب على الصحفي استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية خاصة في القضاء، حتى لا يتسبب الاعلامي في ضرر ما للأطراف المتقاضية، ضاربا العديد من الأمثلة لمقالات انحازت لطرف ما على حساب آخر وبالتالي وجهت الرأي العام نحو ذلك الطرف مما يتسبب في أغلب الأوقات في ضرر معنوي خاصة لا يمكن جبره. كما وعد النائب العام بتفعيل خلية الإعلام على مستوى مجلس القضاء بوهران لتسهل عمل الصحفيين الذين طالبوا بذلك يوم الخميس الماضي لإصطدامهم دائما بتعذر الوصول للمصادر القضائية الرسمية في وهران، وهذه الخلية من شأنها تخفيف العبء والتقليص من بعض الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها الصحفي. وفي سياق الحديث عن الأخطاء المرتكبة من طرف الصحفيين، أكد قادري ميمون وكيل الجمهورية لدى محكمة آرزيو، أن المشرع الجزائري لا يأخذ بحسن النية لدى الصحفي خاصة إذا كان الضرر عام أو له انعكاسات خطيرة على الوضع العام أو حتى الوضع داخل أسرة أو منظومة إدارية، فالصحفي عندما يكتب يجب أن يستشرف الانعكاسات التي قد تنجم عن مقاله ويتجنبها إذا تبين له أن ضررها أكبر من نفعها. داعيا في ذات الصدد لتفادي التهويل والترعيب والإثارة في العناوين الصحفية التي تنشرها الجرائد على صدر صفحتها الأولى بينما يكون أصل الموضوع لا يعكس تلك العناوين.كما تمسك الجميع بعدم قانونية نشر قرار الإحالة لقضية ما قبل جلسة المحاكمة لأن هذه الوثيقة تتميز بطابع السرية، مشيرين أن الصحفي يتحصل على قرارات الإحالة خارج سلك القضاة، ومشددين اللهجة على أن لا يتذرع الصحفي بالسبق الإعلامي من أجل تبرير سعيه بطرق أخرى للحصول على قرارات الإحالة "لايوجد سبق صحفي في القضايا المطروحة أمام العدالة، لأنها تخضع لسيرورة قد تختلف من مرحلة لأخرى" هكذا علق القضاة على هذه الممارسة الإعلامية التي قالوا أنها تخلط الأوراق في أغلب الأحيان وتجعل العديد من المجرمين يفرون من العدالة بسبب مقال يعتبره الصحفي سبقا. للتذكير، فقد برمج مجلس قضاء وهران يوم الخميس الماضي، 4 مداخلات تكوينية للصحفيين الحاضرين، حيث كانت الأولى للأستاذ عمراني الذي ركز على حرية التعبير وضوابط العمل الصحفي وفقا لقانون الإعلام والعهود الدولية، ثم تطرق قاضي التحقيق بمحكمة وهران الأستاذ زنايدي رشيد لسرية التحقيقات والتحريات، فيما تمحورت مداخلة وكيل الجمهورية بمحكمة آرزيو قادري ميمون حول جرائم القذف والتأثير على سير القضاء فيما خلص اليوم الدراسي بمداخلة حول حدود العمل الصحفي المتصل بالأنشطة القضائية والتي تناولها مستشار بمجلس القضاء دحماني مصطفى.