باعه الباكستانيون..ورميت جثته من مروحية في الجبال الأفغانية كشف الصحفي الأمريكي الذائع الصيت سيمور هيرش عن سبق صحفي كبير حين زعم في آخر مقالاته أن ا لقضاء على الرأس الكبير في تنظيم " القاعدة " و أميرها و منشؤها أسامة بن لادن في فجر الثاني من ماي 2011 لم يكن كما ورد في الرواية الرسمية الأمريكية وقال أن بن لادن كان في الحقيقة أسيرا في قبضة الجيش الباكستاني أو بالأحرى المخابرات الباكستانية منذ العام 2006.. هيرش وهو أحد أعظم الصحفيين في العالم الذين ما زالوا على قيد الحياة (73سنة) نشر مؤخرا تحقيقا في المجلة نصف الشهرية البريطانية " لندن رينيون أوف بوكس " دحض فيه أ ن يكون بن لادن قد لقي مصيره المحتوم على يد 15 عنصرا من القوات الخاصة للمارينز تحت تغطية جوية كما روجت لذلك الإدارة الأمريكية وقال أن السعودي الذي حيّر العالم ومخابرات القوى العظمى لم يكن مختبئا طيلة سنوات في كهوف وجبال باكستان وبين ظهراني القبائل هناك ولكنه كان قيد الإقامة الجبرية في اموت أباد البعيدة ب 120 كلم عن إسلام أباد وفي قبضة الباكستانيين الذين كانوا مشاركين في العملية وباعوا الأب الروحي ل "القاعدة "مقابل زيادة المساعدات العسكرية الأمريكية لبلادهم بعد أن استفادوا من أموال سعودية ..مضيفا بأن جنرالات باكستان كان بإمكانهم تسليم الرجل للأمريكان غير أنهم فضلوا وضع هذه التمثيلية المثمتلة في الهجوم على مقر إقامته..وأن عملية قتل بن لادن تمت بتنسيق تام بين المخابرات في البلدين ولم تكن أمريكية خالصة و100 بالمئة كما ورد في الموقف الرسمي المعلن في الولاياتالمتحدة. وبحسب الصحفي المخضرم فإن مسؤولا باكستانيا بارزا خرج إلى التقاعد وينتمي إلى المخابرات الباكستانية كان يعرف مكان تواجد بن لادن في آبوت آباد منذ عام 2006 وقام بالكشف عنه مقابل حصوله على مكافأة ب25 مليون دولار رصدتها واشنطن لمن يدل على مكان تواجد أخطر رجل في العالم مثلما صنفته بعد 11 سبتمبروتحطيم توأمي مركز التجارة العالمي... ويقول هيرش إن "مقتل أسامة بن لادن كان نقطة الذروة في ولاية أوباما، وكان عاملا مهما في إعادة انتخابه، لأن البيت الأبيض أكد أن العملية كانت أمريكية خالصة، ولم يتم إخبار المسؤولين الكبار في الجيش الباكستاني ولا المخابرات المركزية الباكستانية بالغارة مقدما. وهذا الكلام غير صحيح مثل بقية العناصر الأخرى في رواية إدارة أوباما". وكشف هيرش عن أن كلا من قائد الجيش الباكستاني الجنرال أشفق برفيز كياني ومدير المخابرات الباكستانية الجنرال أحمدشجاع باشا،كانا يعرفان بالعملية في أدق تفاصيلها. ويرى هيرش أن ابن لادن كان أسيرا لدى المخابرات الباكستانية، وأن كياني وشجاع كانا يعرفان بالعملية وبدخول الطائرات الأمريكية الأجواء الباكستانية، حيث تأكدا من دخولها دون إثارة الرادارات، وأن المخابرات الأمريكية لم تتعرف عن مكان ابن لادن، من خلال متابعة مرساله، كما ادعى البيت الأبيض عام 2011. وأكد هيرش أن ابن لادن كان أعزل عندما قتل، ولم يكن يحمل سلاحا..وتم قتله في غرفته وكان حينها واهنا عكس الرواية التي مدّها البيت الابيض بأن ابن لادن حاول الوصول لحظة العملية الى رشاشه قصد الإيحاء من البيت الأبيض بأن الرجل حاول الرد على القوات الخاصة بالأعيرة النارية . ويؤكد الكاتب أن تحطم طائرة بلاك هوك داخل مقر ابن لادن أدى بالبيت الأبيض إلى الإسراع بالإعلان عن مقتل ابن لادن، مع أن الترتيبات كانت هي الإعلان عن ذلك لاحقا، والقول إنه قتل في جبال أفغانستان. .وأضاف هيرش في تقريره الضخم هذا في المجلة البريطانية في 100000كلمة أن ابن لادن لم ترم جثته في البحر كما جاء في الرواية الرسمية الأمريكية ولكن رميت من مروحية حلقت على علو شاهق في منطقة جبلية بين باكستان وأ فغانستان .. ويبين هيرش أن فرقة "سيل" التابعة للبحرية الأمريكية لم تغادر مقر ابن لادن حالا، بل انتظرت الحافلات التي أمنها لهم كياني، ونقلتهم إلى مكان آمن قبل خروجهم من أفغانستان. هيرش الحائز سنة1970 على جائزة بوليتزر للصحافة عن تغطيته كمراسل حربي في الفيتنام يعد أسطورة حية في الصحافة العالمية لنوعية كتاباته وطبيعة عمله في الاستقصاء والتحري منذ نحو نصف قرن ، وهو من هزّ أمريكا في 1969 عندما كشف عن مجزرة مي لاي في فيتنام التي ارتكبتها القوات الأمريكية وذهب ضحيتها المئات من المدنيين وقد أدى ذلك إلى حصول انقلاب جذري في موقف الرأي العام الأمريكي من حرب فيتنام وخروج مظاهرات تطالب بانسحاب الجيش الأمريكي من هذا البلد الأسيوي الذي قاد شعبه إحدى أعظم الثورات في التاريخ.. كما أن هيرش الذي يدين باليهودية هو من فجّر فضيحة التعذيب في سجن أبو غريب في العراق عندما كان البلد تحت الإدارة الأمريكية سنة 2004. علاوة على مساره هذا قام هيرش في السنوات الأخيرة بنشر عدة مقالات وتحقيقات مثيرة للجدل منها واحد كشف فيه عن قيام الجيش الأمريكي بتدريب إرهابيين في النيفادا وتحقيق آخر كشف فيه أن قضية غاز السيرين التي أتهم فيها نظام الرئيس السوري بشار الأسد هي مجرد مسرحية من اخراج الحكومة التركية.. ورغم ما تحظى به كتابات هيرش من مصداقية وقوة إقناع إلا أن صحفا أمريكية وعالمية احترست من تحقيقه الآخير حول بن لادن وقالت انه جنوح منه لنظرية المؤامرة وتسليم منه بها وبالتالي فهو لم ينجح في الإقناع بأطروحته هذه المرة لأنه لم يعتمد سوى على مصدرين أحدهما رفض الإفصاح عن هويته في صياغة رواية قتل زعيم " القاعدة " والثاني أسد دوراني الذي قاد المخابرات الباكستانية من 1990 الى 1992 ...ورأت هذه الصحف أن المصادر الباكستانية لا يعتد بها بحكم أن كامل المحيط في هذا البلد يعج بالشائعات وهو أرضية خصبة للأخبار غير الصحيحة و المزعومة. من جهته البيت الأبيض وخشية تأثير ما كتبه هيرش على اوباما من حيث الشعبية وحتى مصداقيه سارع إلى تكذيب التقرير وقال على لسان ادوارد برايس المتحدث باسم الرئاسة أن العملية كانت عسكرية أمريكية خاصة.وأضاف برايس "أي ادعاءات بأن العملية التى قتل خلالها العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر كانت أي شيء عدا أنها عملية أمريكية صرفة هي ادعاءات كاذبة ولا أساس لها من الصحة". وأكد برايس أن العملية كانت سرية بشكل كبير ولم يعلم عنها أحد باستثناء دائرة ضيقة جدا من المسؤولين المقربين من الرئيس باراك أوباما. وأضاف "الرئيس أصر على عدم إخطار أي جهة حتى الحكومة الباكستانية التى تم إخطارها بعد انتهاء العملية.". ..أما جوش ارنست وهو متحدث ثان فقد صرح بأن هيشر ضلل الرأي العام حول كيفية مقتل ابن لادن ومقاله غير صحيح وحافل بالعديد من المغالطات و الأكاذيب ..وأشار هنا المسؤول الأمريكي إلى نائب رئيس وكالة المخابرات المركزية السابق مايكل موريل الذي قال عنه بأنه لم يكمل قراءة المقال لأن كل جملة فيه كانت خاطئة... ما أثاره هيرش في مقاله واضح أنه أزعج صنّاع القرار في الولاياتالمتحدة و كشف تورطا باكستانيا قد يتسبب للنظام هناك في متاعب مع طالبان باكستان و أفغانستان وحتي القبائل في البلدين...ويؤكد انه ليس كل ما يعلم يقال في رهانات كبرى للأمريكان وان تشدقوا بالشفافية وعدم حجب المعلومات عن مواطنيهم وسائر العالم...رغم أن التركيز فقط على العملية في حد ذاتها وهل كانت أمريكية ام بالتنسيق مع باكستان لايهم بقدر مايهم ما جاء به هيشر وردود الأفعال التي أثارها حيث لم تنجل كامل الحقيقة عن نهاية رجل كانت له قصة دراماتيكية وشغل الدنيا والناس ولكن زادت في مناطق الظل فيها ..ليبقى اللغز قائما ربما الى حين خروج أوباما من البيت الأبيض بحلول 2016 ومن يدري قد يأخذ اللغز أمدا أطول مادام حل البغدادي محل ابن لادن ..