إلياس القسنطيني و آمال زان نجمان متألقان في السهرتين الثالثة و الرابعة مازال الجمهور القالمي يواصل عزوفه غير المعتاد عن فعاليات المهرجان الوطني للموسيقى الحالية مخالفا السنوات الماضية التي حضر فيها بقوة و صنع ليال تاريخية مازالت راسخة في الأذهان و مازال المسرح الروماني الشهير و ملعب علي عبدة و شوارع المدنية شواهد على الطوفان البشري الذي عجز المنظمون و الشرطة عن التحكم فيه و صده على البوابات الرئيسية. من ليلة إلى أخرى تتناقص أعداد الجمهور على المدرجات و بدا ذلك واضحا في السهرتين الثالثة و الرابعة، و كما كان متوقعا فإن توقيت المهرجان المتزامن هذه السنة مع امتحانات مصيرية بالأطوار التعليمية الثلاث و مذكرات التخرج بالجامعة قد أثر كثيرا على المهرجان إلى جانب البرنامج المقترح الذي يظم في أغلبه مطربين متواضعين لم يتمكنوا حتى الآن من استقطاب الجمهور الذي يحضر بأعداد قليلة في بداية كل سهرة ثم يغادر غاضبا من ضعف الأداء باستثناء بعض المطربين الذين أقنعوه بالبقاء إلى النهاية كما حدث مع فرقة ديموقراطوز التي تبقى لحد الآن الحدث البارز في المهرجان بعد غياب هواري الدوفان، و مازال المنظمون يراهنون على سهرة الختام اليوم السبت لحفظ ماء الوجه حيث من المتوقع أن يحضر المطرب البدوي المعروف كمال القالمي و الشاب بلال لإحياء سهرة الختام. و كانت الأصوات القالمية حاضرة في الليلتين الثالثة و الرابعة مع الشاب ديدين الذي يؤدي أغاني الراي و الشاب جمال في الطابع السراوي و حاول المطربان تقديم أجمل أغانيهما للشباب المتعطش للرقص و الإيقاع الموسيقي القوي و المثير و الأغاني الخفيفة الهادفة التي تعبر عن مشاعره و همومه و تغوص في وجدانه و تفجر كبتا مخزنا بداخله ينتظر فرصة للخروج. إلياس القسنطيني يغني جريحا و يمتع الجمهور بتراث شاوي جميل «أنا مصاب كما ترون ، قدر الله و ما شاء فعل و رغم ذالك لبيت دعوة المنظمين و أنا هنا اليوم فلا يمكن أن ترد الدعوة إذا جاءت من قالمة موطن الرجال و التاريخ» هكذا بدأ إلياس القسنطيني برنامج الليلة الثالثة من المهرجان و هو يخاطب الحاضرين برجل جريحة بالكاد يحركها على المنصة المملوءة بالعازفين. و قام إلياس بجولة فنية عبر بلديات ولاية قالمة من خلال أغنية جميلة قدمها هدية للقالميين الذين رحبوا به و قابلوه باحترام كبير فغنى لهم «مرحبة بأولاد سيدي» و تجاوب معه الجمهور بحرارة زادها الإيقاع الموسيقي القوي متعة و فرجة، ثم انتقل المطرب إلى أغاني أخرى «نارو لهيبة» ، « هاتولي عاودي» ، « هيا يا زيار». و رفع إلياس القسنطيني الريتم و بعث الحرارة في المدرجات بروائع شاوية خالدة بينها «لسود مقروني» ، «السراح» ، راني مريض و لالي طبيب يداويني» ، «زوالي و فحل» و غيرها من الأغاني التراثية الجميلة التي ذكرت الحضور بفرسان الأغنية الشاوية الذين مروا على منصة مهرجان كالاما للموسيقى الحالية و تركوا بصمات خالدة. و بدا إلياس متأثرا للغاية بتجاوب الحضور معه و بذل كل ما في وسعه لإرضاء الجميع حتى انه راح يرقص بصعوبة على رجل جريحة تحت تصفيق حار و موسيقى ملأت أرجاء الملعب صخبا. و يتجاوب سكان مدينة قالمة مع الغناء البدوي و السراوي و السطايفي و الراب تجاوبا كبيرا لكنهم أصبحوا لا يطيقون سماع بعض طبوع الراي و العاصمي و المالوف خاصة إذا كانت من مطربين مبتدئين لا يحسنون ترديد أغاني كبار الفنانين المتخصصين في الطبوع المذكورة. أمال زان بأداء متميز و فرقة الفردة البشارية تنهي السهرة الرابعة بروائع الطرب و القصيد الصحراوي الملتزم صعدت المطربة أمال زان خريجة مدرسة ألحان و شباب إلى المنصة بحيوية و خفة و أضفت عليها جوا من الرومانسية و هي تؤدي عدة أغاني معروفة في ألبومها الفني منها أغنية «كان يقولي» و أغنية «نار الكبدة» التي تتحدث عن مكانة الوالدين و قداسة العلاقة بينهم و بين الأبناء و أغاني أخرى مثل «ليام» ، «راح» ، نتحدث معاك يا قلبي» و غيرها من إبداعات أمال زان التي تجاوب معها جمهور أغلبه من الشباب كان قد تابعها عن قرب في طبعة 2012 عندما غنت في المسرح الروماني أمام حضور قوي مازالت تتذكره إلى اليوم حيث وعدت بالعودة و الغناء بقالمة عندما تسمح لها الفرصة مرة أخرى. و استمتع الجمهور الذي حضر الليلة الرابعة من مهرجان الموسيقى الحالية بمقاطع من المديح و الغناء الملتزم أدتها فرقة الفردة البشارية التي نقلت الجمهور القالمي إلى عمق الصحراء و تراثها و تقاليدها العريقة من خلال أعمالها الفنية المعروفة «سيري يا ما سيري» ، «غزال فاطمة» ، « سيدي بن بوزيان» ، « يا كريم الكراما» ، « أنا سولت نفسي» ، «ياهل زماني» و غيرها من الأغاني التي تؤديها الفرقة في الحفلات و الأعراس الصحراوية و حتى العاصمية حيث تحظى الفرقة بسمعة كبيرة بالشمال و الجنوب الجزائري الكبير.