أصبح الزبون الذي لا يحمل في جيبه الصرف أو «الفكة» منبوذا و مغضوبا عليه من قبل الكثير من سائقي سيارات الأجرة و بائعي تذاكر الحافلات، و انضم إليهم بقوة عمال الترامواي قبل أن ينسحبوا من الساحة ، بحجة الإضراب الذين اختاروا رمضان لتنظيمه و يا للصدفة العجيبة ، أما عن تجار الأسواق و المحلات و حتى المساحات الكبرى فحدث و لا حرج ، فمعظمهم يرمقون الزبون الذي لا يرن الصرف بجيبه و لا تزين قطعه المعدنية كفه، بنظرات شزراء ، بل أن من بينهم من يحجم ، في حالات عديدة ،عن بيع المواد التي يريدها ذاك «المغبون» و لا يترددون بمطالبته بإحضار الصرف قبل التفكير في الشراء . الأكثر غرابة أن هناك من البقالين و باعة الخضر و الفواكه من يعرض على الزبائن الذين ليس لديهم الصرف و يقدمون لهم أوراقا نقدية قيمتها تقترب نوعا ما من ثمن البضاعة المرغوبة، أن يسددوا لهم الفارق ليس نقدا، بل بحبات بطاطس أو طماطم أو عيدان أعشاب عطرية، و لما لا مكعب جامبو أو علك؟ فالتاجر هو الآمر الناهي و الملك و ليس الزبون في بلادنا عكس بقية بلدان المعمورة. و إذا صادفت تاجرا يعرفك أو تعامل معك من قبل أو من جيرانك ،فسيحرجك لا محالة بمقولة:»راك تسالني»، مفضلا عدم التنازل عن الصرف الثمين و انتظار ركضك بحثا عن قطع نقدية لتسديد دين لم تطلبه. اللهفة عندنا تتضاعف بامتياز في رمضان ، و قد بلغت أوجها هذه الأيام المباركة حتى أن بعض التجار ،إلا من رحم ربك ،يلجأون إلى التعامل مع الأطفال و المتسولين لجمع الصرف ، و الإلحاح على كافة الزبائن بتوفيره، خشية الوقوع في مأزق أو أزمة ما لا يصورها إلا خيالهم . «ربما يستعدون لجمع العيدية» علقت بسخرية زبونة التقيناها بسوق بن بطو رفض بائع خضر و فواكه أن يبيع لها كيلوغراما من الموز عندما قدمت له ورقة نقدية من فئة 1000دج،و كأن الأوراق النقدية تستفزه أو تلدغه.كأن معادلة المعاملات التجارية مقلوبة عندنا و تنقلب 180 درجة في الشهر الفضيل. أليس من واجب التجار توفير كل القطع النقدية التي يحتاجونها في عملهم؟