توصلت صباح أمس القوى الكبرى الست إلى اتفاق تاريخي مع إيران بشأن برنامجها النووي، و عمت الاحتفالات شوارع المدن الإيرانية ابتهاجا بالاتفاق الذي سيرفع بموجبه الحظر الاقتصادي و جملة من العقوبات المفروضة على طهران، و قد تم التوصل إلى الاتفاق بعد مفاوضات شاقة استمرت 21 شهرا، و ظهرت فجر أمس إلى النور خطة العمل المشتركة الشاملة بين إيران والسداسية، تلتزم طهران بموجبها بوضع قيود على برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات عنها. وأعلن مسؤول إيراني أن بلاده وافقت في إطار الاتفاق مع الدول الكبرى على السماح بزيارات محدودة لمواقع عسكرية في إطار البروتوكول الإضافي الذي يتيح مراقبة معززة للبرنامج النووي الإيراني، وتابع أن «مواقعنا العسكرية ليست مفتوحة أمام الزوار، لأن كل دولة لها الحق في حماية أسرارها وإيران ليست استثناء. إلا أن إيران ستطبق البروتوكول الإضافي (لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية)، وستسمح بناء على ذلك بزيارات محددة» لبعض المواقع العسكرية التي يحددها نص البروتوكول. وأظهر نص الاتفاق، أنه سيكون بوسع إيران إجراء أعمال بحث وتطوير تتعلق باليورانيوم لاستخدامه في أجهزة طرد مركزي متطورة خلال أول عشر سنوات من الاتفاق. كما جاء فيه أن طهران «ستواصل أعمال البحث والتطوير الخاصة بالتخصيب على نحو لا يتيح تراكم يورانيوم مخصب». وأجمع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني على اعتبار الاتفاق النووي بأنه حدث تاريخي وصفقة جيدة. وأشارت موغيريني إلى أن الاتفاق ينص على سلمية البرنامج النووي الإيراني، وعلى حزمة من التدابير التي تضمن أن لا تسعى إيران إلى إجراء بحوث أو تطوير برامج تمكنها من الحصول على سلاح نووي.وذكرت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية أن نص خطة العمل المشترك الشاملة وملحقاتها الخمسة، ستقدم خلال الأيام القادمة إلى مجلس الأمن من أجل تبنيها. و وصفت نص الاتفاقية بأنه تقني ومفصل ومعقد، إلا أنها قالت عن الاتفاقية إنها «صفقة جيدة ومتوازنة»، وأن هذا الاتفاق ليس نهاية العمل، بل هو بداية لمرحلة جديدة من التعاون المشترك بين إيران والأطراف الدولية و هنأت عواصم كثيرة و في مقدمتها دمشقإيران على النصر الذي حققته، لكن عواصم عربية و شرق أوسطية نظرت بعين الريبة للاتفاق، و قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الاتفاق يسمح للقوى الخمسة لمراقبة مدى تطابق نشاطات برنامج ايران النووي مع ما تضمنته بنود الاتفاق الذي تم توزيع نصه الكامل من 159 صفحة عبر الأنترنت منذ الصباح. وعبرت عواصم عربية عن خشيتها من أن يؤدي ذلك الاتفاق الموقع في العاصمة النمساوية فيينا إلى سباق تسلح في المنطقة. لكن عواصم خليجية أخرى هنأت طهران بالاتفاق الذي تعارضه السعودية و إسرائيل، حيث وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه خطأ تاريخي و عبر جمهوريون في واشنطن عن موقف مماثل منتقدين دبلوماسية باراك أوباما، بينما وصفت هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية لرئاسة الولاياتالمتحدة الإتفاق بأنه لحظة مهمة، و يتوقع مراقبون أن تزيد علاقات واشنطنبطهران تعمقا على حساب السعودية الحليف التقليدي لأمريكا. و عبرت السعودية التي كانت طيلة فترة التفاوض معارضة للاتفاق عن قلقها و قال مسؤول سعودي أن الإتفاق سيكون سيئا لو سمح لإيران بأن تعيث في منطقة الشرق الأوسط كدولة تمتلك السلاح النووي. وأعلن دبلوماسي فرنسي أن الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني سيتيح رفع العقوبات المفروضة على طهران تدريجياً اعتباراً من مطلع 2016، لكنه ينص على إعادة فرضها في حال إخلال الجمهورية الإسلامية بالتزاماتها. و قالت الأنباء أن شركة بيجو الفرنسية للسيارات تدرس بناء مصنع لها في إيران بمجرد رفع العقوبات، كما أن عملية تجديد للبحرية الإيرانية التي ستقوم بها شركات روسية تنتظر فقط الضوء الأخضر برفع العقوبات. ولن يكون بالإمكان رفع العقوبات الأولى إلا بعد اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية المقرر في أواسط ديسمبر من أجل تقييم التزام إيران.