مقبلات على الزواج يرفضن تسجيل شروطهن على الرجل الكثير من قضايا الطلاق المطروحة على العدالة تكشف جهل النساء وجود مواد في قانون الأسرة تمنحهن الحق في تسجيل شروطهن في عقد الزواج. وحتى من يعملن بهذه الاجراءات القانونية التي شرعت لحمايتهن من تنصل الزوج من تعهداته السابقة، وعلى رأسها مواصلة الدراسة والعمل وتوفير مسكن مستقل، بما فيها رفض تعدد الزوجات، يصطدمن بالعرف والتقاليد التي تطبع مناسبة الزواج، فيلذن بالصمت أو يكتفين بمجرد التلميح لهذه الشروط. وتتبع عادة هذه القضايا نزاعات طويلة ومريرة حول النفقة والحضانة إن وجد أبناء وكذا صراعات مخجلة حول متاع وأثاث البيت.. فالكثير، إن لم نقل أغلب النساء يجهلن بأن المادة 37 من قانون الأسرة تنص على أن “لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، إلا أنه يجوز للزوجين أن يتفقا في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق حول الأموال المشتركة بينهما، التي يكتسبانها خلال الحياة الزوجية وتحديد النسب التي تؤول لكل واحد منهما”. والمادة 19 من نفس القانون جاء فيها: “للزوجين أن يشترطا في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق كل الشروط التي يريانها ضرورية، ولاسيما شرط عدم تعدد الزوجات وعمل المرأة ما لم تتناف هذه الشروط مع أحكام القانون” وبالتالي فإن عقود الزواج يمكن أن تحتضن “دستورا” للحياة الزوجية يزيل كل لبس وغموض. ضحايا يكرسن جدار الصمت من ضحايا الصمت والخجل، المهندسة الشابة أم ندى.. قالت عن تجربتها المريرة: “تزوجت من اطار جامعي شاب وكنت موظفة.. اشترط قبل ارتباطنا –شفويا أن نقيم في بيت أهله ووافقت واعتقدت أنه وافق –ضمنيا- بأن أواصل العمل بعد الزواج لأنه لم يعلن رفضه ومعارضته، كنت لا أرد على ملاحظات واستفزازات والدته كلما عدت الى البيت بعد يوم عمل شاق، واكتفي بالقيام بالأشغال المنزلية كأية ربة بيت ملتزمة بواجباتها وحريصة على التوفيق بينها.. عندما انجبت طفلتنا البكر الوحيدة وبقيت في البيت، اكتشفت أشياء كنت غافلة عنها عن علاقة زوجي بأمه.. لقد كانت تملي عليه الكثير من المواقف والسلوكات العداونية وتشجعه على اهانتي وضربي.. وبعد انتهاء عطلة الأمومة، أمرني بالاستقالة من وظيفتي شرحت له بأنني قضيت 18 عاما في مقاعد الدراسة لكي أحقق ذاتي بمنصب عمل جيد ومركز محترم، وعندما ارتبط بي كان يعلم بأنني لست ماكثة بالبيت.. توسلت اليه أن يفكر في ابنتنا ومستقبلنا.. لكنه خيرني بين المكوث في البيت أو الطلاق اذا تمسكت بعملي. عدت الى بيت أهلي وأنا أحمل ابنتي الرضيعة لعله يراجع نفسه لكنه لم يفعل ولم تجد تدخلات أهلي في شيء. وبعد سنوات من الانتظار، طلب الطلاق، وتلته قضايا عديدة رفعتها لأطالب بمتاعي وأثاثي و حضانة ابنتي ونفقتها.. آه لو كنت أملك ثقافة قانونية قبل الزواج صدقوني لم أكن سأتردد في ملء عقد الزواج بشروط العمل والسكن وتوضيح ما أملكه من متاع وأموال.. إن المادتين 19 و 37 من قانون الأسرة –كما اكتشفت لاحقا- افضل حماية للمرأة..”. واكتفت الطبيبة أم محمد بالقول: “كنت جد متحمسة عندما تزوجت لتوفير كل الأجهزة الكهرمنزلية والأثاث لكي أجعل من عش الزوجية مكانا جميلا ومريحا.. لاحضت بأن زوجي كان يسجل اسمه في كافة الفواتير ولم أعر لذلك اهتماما.. وبعد مرور شهور وجدت أمامي شخصا عنيفا متسلطا وأنانيا هدفه في الحياة تعذيبي والتنكيل بي واستنزاف أموالي...ولم أستطع حتى بعد إنجابي لطفلنا الوحيد أن أتجنب النهاية الحتمية وهي الطلاق...وهي في الواقع كانت بداية لإنتقام أب إبني مني لسنوات طويلة من القضايا والمحاكم...لقد رفض إعادة ممتلكاتي إلي من أثاث وأجهزة وحتى ملابس..والقانون لا يحمي المغفلين...فقبل الزواج لم أشترط شيئا، وبعد الزواج لم أسجل شيئا بإسمي”. والحالة الثالثة ربما أشد إيلاما، لإنها تتعلق بمربية فاضلة تجاوزت مرحلة الشباب والتفكير في مواصلة “الحرب” لإقتلاع حقوقها...لقد تزوجت من شخص فقير مستواه التعليمي محدود، فقررت أن تكرس كل أموالها وممتلكاتها وثقافتها وخبرتها في الحياة لتزيل الحواجز بينهما ولا تجعله يشعر بالنقص...البداية كانت عندما سجلت شقتها بإسمه وتكفلت بتأثيثها على آخر طراز، واشترت له سيارة وساعدته ليفتح ورشة ليمارس حرفته المتواضعة..ومضت السنون، وكبر أبناؤهما وكبرت أحقاده وعقده...وعندما بلغت سن التقاعد «أهداها” الطلاق...ووجدت نفسها في الشارع مع أبنائها. قالت سميحة، حلاقة في ال 24 من عمرها: “لن أتزوج إلا من الشخص الذي يوافق على تدوين شرطي الوحيد في عقد الزواج ويتمثل في توفير بيت زوجية مستقل عن أهله...فقد لا حظت في محيطي حالات كثيرة لزوجات تعيسات بسبب الإقامة في منزل العائلة. وتضيف أسماء طالبة جامعية، إلى هذا الشرط كما قالت حقها في العمل...أما سارة جامعية بطالة فاعترفت: العرف والعادات تمنعني من الحديث حول هذه الأمور وما بالك بالإصرار على تدوينها في عقد موثق أنا انتمي إلى عائلة محافظة جدا تؤيد كل ما يقوله الرجال...فقط”. تدوين الشروط ضروري الأستاذة المحامية فتيحة بغدادي ترعي، رئيسة جمعية نور شددت تدوين شروط كل من الزوج والزوجة لدى إبرام عقد الزواج أكثر من ضروري لتجنب كل احتمال للخلاف والنزاع حول أمور كان من الممكن توضيحها مسبقا..وتأسفت لأن الأغلبية لا يحبون الكتابة والتدوين في هذه الحالات، الرجال على سبيل الإحتياط والحذر، والنساء بدافع الخجل والخوف من العرف والتقاليد السائدة، وأشارت إلى أن أغلب ضحايا عدم تدوين شروطهن في عقود الزواج جامعيات مثقفات وموظفات مرموقات يجدن أنفسهن لاحقا وفي حالات عديدة بأروقة المحاكم، وترى بأن الأشكال ليس في النصوص التشريعية والشرعية الواضحة بل في العقليات وحواجز العادات والتقاليد... وقال سعيد سرداني إمام وأستاذ: بمعهد بن باديس بهذا الخصوص: “في ظل تفشي سوء الأخلاق والأنانية وطغيان المادة والركض خلف المصالح الخاصة في هذا العصر الصعب، أؤمن بأن استخدام كل وسيلة من شأنها أن تحفظ للمرأة حقوقها ومن بينها تدوين شروطها في عقد الزواج استنادا لقانون الأسرة المنبثق من الشريعة الإسلامية، جائز ومحمود”. واقترح مسؤول سابق في المجلس الشعبي البلدي كان يبرم كما قال 50 عقد زواج أسبوعيا طيلة 10 سنوات، إعداد مطبوعات خاصة توزع على البلديات ومكاتب الموثقين يكلف كل واحد من المقبلين على إبرام العقود المقدسة بملئها وبالتالي تحديد شروطه ومطالبه وتطلعاته من خلالها...