بوتفليقة يعلن عن استحداث خلية لمتابعة تنفيذ الدستور و يؤكد أن جيله أدى ما عليه سلال بعد التصويت: "لحظة تاريخية استجاب فيه أعضاء البرلمان لنداء الضمير و التاريخ" صوّت أعضاء البرلمان بغرفتيه أمس بالأغلبية المريحة على مشروع تعديل الدستور في جلسة علنية جرت بقصر الأمم بنادي الصنوبر بحضور الوزير الأول عبد المالك سلال وأعضاء الحكومة، ولم يصوت ضد المشروع سوى نائبان اثنان، بينما امتنع نواب حزب العمال عن التصويت وقاطع نواب الكتلة الإسلامية وجبهة القوى الاشتراكية الجلسة من أساسها. كما كان متوقعا نال مشروع تعديل الدستور أمس ثقة أعضاء البرلمان بغرفتيه، وقد زكّى 499 نائبا المشروع خلال الجلسة العلنية التي جرت بقصر الأمم بنادي الصنوبر برئاسة رئيس البرلمان عبد القادر بن صالح، ورفض المشروع نائبان الأول مستقل هو حبيب زقاد، والثاني عن حركة الأمل، بينما فضل 16 نائبا الامتناع عن التصويت وهم نواب حزب العمال الذي حضرت أمينته العامة لويزة حنون الجلسة.وحسب رئيس البرلمان ورئيس الجلسة عبد القادر بن صالح فقد بلغ عدد الحضور 512 نائبا زائد خمس توكيلات ما يرفع عدد الحضور في المجموع إلى517، بينما يبلغ عدد أعضاء البرلمان بغرفتيه 606 نائب، ويشترط الدستور حصول أي مشروع تعديل دستوري على تزكية من قبل ثلاثة أرباع الأعضاء أي 454 عضوا، وعلى هذا الأساس فقد مرر تعديل الدستور أمس في أريحية تامة كون عدد المصوتين لصالحه تجاوز المطلوب كثيرا. وصوت لصالح تعديل الدستور نواب كل من جبهة التحرير الوطني التجمع الوطني الديمقراطي، الأحرار تجمع أمل الجزائر، المعينون في إطار الثلث الرئاسي، نواب التحالف الوطني الجمهوري، حركة البناء الوطني، الحركة الشعبية الجزائرية، جبهة المستقبل، حزب الكرامة وغيرهم من نواب الأحزاب الصغيرة الممثلة في البرلمان، وبررت لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال حضورها جلسة التصويت على التعديل الدستوري بالقول أن اللجنة المركزية للحزب قررت عدم التصويت بلا للمشروع لأنه يحمل بعض التقدم والايجابيات، وكذا عدم التصويت لصالحه لأنه يحمل تناقضات، و دافعت عن موقف الامتناع لأنه يتناسب حسبها مع استقلالية الحزب ومصلحة البلاد، وكان نواب الحزب قد امتنعوا في البداية عن التصويت على النظام الداخلي للجلسة.وقد جرت عملية التصويت برفع الأيدي وفقا للقانون في جلسة دامت من العاشرة صباحا إلى ما بعد الظهر - تخللتها استراحة لمدة 40 دقيقة فقط - لأن جدول أعمالها تضمن عددا من النقاط والمحاور، وقد سيرت الجلسة من قبل رئيس البرلمان عبد القادر بن صالح بينما جلس إلى جانبه رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، وعرفت حضور كل اعضاء البرلمان عدا نواب تكتل الجزائر الخضراء وجبهة العدالة والتنمية ونواب جبهة القوى الاشتراكية الذين قاطعوا الجلسة ولم يحضروا أصلا إلى قصر الأمم، و عددهم في المجموع لا يصل إلى 90 نائبا، بينما حضر أعضاء الحكومة بقوة ولم يلاحظ في قصر الأمم وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة ووزيرالشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى ووزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط.ومباشرة بعد التصويت على تعديل الدستور أعطى عبد القادر بن صالح الكلمة للوزير الأول عبد المالك سلال الذي كان قد عرض المشروع في بداية الجلسة على الأعضاء، فاعتبر التصويت لصالح المشروع «لحظة تاريخية استجاب فيها أعضاء البرلمان بغرفتيه لنداء الضمير والتاريخ». وقال سلال في تعليقه على التصويت الايجابي هذا « حقيقة سجلنا اليوم إرادة البرلمانيين لدعم بقوة مشروع الرئيس بتعديل الدستور، لقد استجبتم لنداء الضمير واستجبتم للتاريخ.. واستجبتم لصانع المصالحة الوطنية ولصانع الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد ولصانع السلم والجمهورية الجزائرية الجديدة». وأضاف في ذات السياق يقول أن التصويت على تعديل الدستور» مكسب تاريخي قوي للجزائر» وقال أن الجميع تنتظره أعمال كبيرة، وأنه على يقين بنجاح الجزائر في مواكبة الوضع الاقتصادي الدولي الصعب بفضل الإرادة التي أبداها أمس أعضاء البرلمان مشددا» سننجح في هذه المهمة لأننا مطالبون بذلك من قبل الشهداء».وهكذا انتهى مسار تعديل الدستور بالمصادقة أمس على الوثيقة التي قدمتها رئاسة الجمهورية للرأي العام والطبقة السياسية والمجتمع المدني في الخامس ديسمبر الماضي، بعد أربع سنوات عن انطلاق المشاورات السياسية بشأنها وقد أسال هذا الملف الحساس حبرا كثيرا واثار جدالا واسعا في أوساط المجتمع محمد عدنان اعتبره وثبة ديمقراطية معتبرة وحصنا منيعا ضد الأخطار المحدقة بالبلاد سلال: بوتفليقة حرص على منح مشروع تعديل الدستور طابعا توافقيا واسعا أكّد الوزير الأول عبد المالك سلال أن رئيس الجمهورية حرص على منح مشروع تعديل الدستور الذي صادق عليه البرلمان أمس «طابعا توافقيا» واسعا وفق مقاربة شاملة أساسها الاستشارة الواسعة دون إقصاء وإشراك مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين وقانونيين ذوي كفاءات عالية، وقال أن عملا كبيرا ينتظر أعضاء البرلمان لترجمة مختلف أحكامه إلى قوانين. عرض الوزير الأول عبد المالك سلال أمس بقصر الأمم بنادي الصنوبر مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور على أعضاء غرفتي البرلمان المجتمعين في دورة استثنائية لهذا الغرض، و ذكّر سلال في البداية بأن هذا المشروع يأتي وفاءا للالتزام الذي تعهد به رئيس الجمهورية أمام الشعب في الذهاب بالإصلاحات السياسية إلى غايتها استجابة لتطلعات المواطنين والتحولات الجارية في العالم.و أضاف أن الرئيس و»حرصا منه على أن يمنح هذا المشروع طابعا توافقيا واسعا اختار مقاربة شاملة أساسها الاستشارة الواسعة دون إقصاء فضلا عن إشراك مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين وقانونيين ذوي كفاءة عالية»، وقد عرضت نتائج تلك الاستشارة على الرئيس لإبداء رأيه في مضمونها ومدى ملاءمتها مع الثوابت والمبادئ والقيم المؤسسة لمجتمعنا.وبعد ذلك تطرق الوزير الأول لفلسفة التعديل الدستوري الذي يرمي كما قال إلى دعم وحماية الهوية الوطنية للشعب الجزائري ووحدته، وتوسيع الفضاء الدستوري لحقوق وحريات الإنسان والمواطن، وتعميق الديمقراطية، وتوطيد دعائم دولة القانون وتعميق استقلالية القضاء ووظيفة الرقابة في بلادنا. بعدها شرع عبد المالك سلال في استعراض أهم محاور تعديل الدستور من ديباجة والأبواب الأربعة التي تهيكله في الوقت الحالي، وقال بهذا الخصوص أن التعديلات المقترحة أساسا لإدراج الديباجة في الدستور ترمي لتصبح مرجعا دستوريا معتبرا يوجه عمل السلطات العمومية سيما المجلس الدستوري، في حين أن التعديلات الأخرى في الديباجة تهدف إلى تدعيم المبادئ و القيم الأساسية المتمثلة في «الإسلام، العروبة والأمازيغية» التي تشكل الركن الأساس لهويتنا ووحدتنا الوطنية والتي أثريت ورقيت وطورت كل واحدة منها والتي من شأنها تجديد الروابط المتينة لشعبنا ما تاريخه وثقافته. وفي الديباجة ايضا تحدث عن إثراء دور جيش و جبهة التحرير الوطني في استرجاع السيادة الوطنية والاستشهاد بالمأساة الوطنية كمعلم ثابت للشعب ضد النسيان، والتأكيد على تمسك الشعب الجزائري بسيادته واستقلاله وبالطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة. فضلا عن تكريس مبدأ الفصل بين السلطات، واستقلالية العدالة، ودسترة التداول الديمقراطي بواسطة انتخابات حرة ومنتظمة، والتأكيد على ترقية العدالة الاجتماعية وبناء اقتصاد منتج متنوع، وإدراج الشباب في النص الدستوري كقوة حية في بناء البلاد مؤهلة لرفع التحديات، وتكريس المهام الدستورية للجيش الوطني الشعبي النابع من أعماق الشعب، والتأكيد على المبادئ التي تؤسس عمل الدبلوماسية الجزائرية طبقا للخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الوطنية. ودائما في سياق عرضه للتعديلات التي أدخلت على الدستور تحدث الوزير الأول أيضا عن دعم الوضع الحالي للغة العربية وتعميم استعمالها في المجالات العلمية والتكنولوجية، ودسترة ترقية اللغة الأمازيغية مستقبلان دسترة الوقاية من الفساد ومكافحته، تشجيع الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات المحلية، دسترة ضمان الدولة للاستعمال العقلاني للموارد الطبيعية والحفاظ عليها لصالح الأجيال القادمة، دسترة حماية حقوق ومصالح المواطنين القاطنين بالخارج وحماية هويتهم. الوزير الأول وبعد أن استعرض جميع التعديلات التي جاءت في الوثيقة ذكّر بأن هذا المشروع هو «نتاج المساهمات الوجيهة» التي قدمتها التشكيلات السياسية التي ينتمي لها أعضاء البرلمان وآراء المجتمع المدني على السواء وقد تميزت هذه المساهمات بالعدد الوفير للموضوعات وتنوعها وثرائها وأثرها على حقوق وحريات المواطنين وعلى تدعيم استقلالية العدالة وتفعيل الحياة السياسية في البلاد.وقال عبد المالك سلال موجها كلامه لأعضاء البرلمان إن عملا كبيرا ينتظرهم إذا نال المشروع موافقتهم لأنهم مطالبون بتجسيد مختلف أحكامه وترجمتها إلى قوانين باسم الشعب الذي منحهم الثقة، معتبرا المشروع المعروض عليهم «وثبة ديمقراطية» معتبرة وهو في نفس الوقت «حصنا منيعا ضد تقلبات السياسية والأخطار التي تهدد أمننا الوطني»، مضيفا أن التاريخ سيسجل للنواب أنهم ساهموا بكل حرية واستجابة لنداء الضمير في إحداث التجديد الجمهوري الذي تطمح الجزائر له، وسيسمح بالتسجيل على دفاتر التاريخ مشاركة الجميع في إرساء ملامح جزائر القرن الواحد والعشرين. محمد عدنان الرئيس بوتفليقة يعلن استحداث خلية لمتابعة تنفيذ الدستور و يؤكد بأن جيله أدى ما عليه الدستور سيساهم في التهدئة مع المعارضة و عليها التخلي عن العنف أعلن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أمس، عن استحداث خلية متابعة تكون مهمتها السهر على التجسيد «الشامل والدقيق» للأحكام التي يتضمنها الدستور الجديد «في الآجال المحددة». وفي رسالة له قرأها رئيس البرلمان عبد القادر بن صالح عقب المصادقة على القانون المتضمن تعديل الدستور، أكد الرئيس بوتفليقة أنه «وبالنظر إلى أهمية الأحكام الجديدة المدرجة في هذا التعديل, لاسيما تلك التي سيتم تنفيذها في مراحل مستقبلية, فقد قررت بصفتي حامي الدستور استحداث خلية متابعة لدى رئيس الجمهورية, تكون مهمتها الأساسية السهر بعناية على التجسيد الشامل والدقيق لهذه الأحكام في الآجال المحددة, و إبلاغي بذلك بشكل منتظم». و أوضح الرئيس بوتفليقة بأن الصرح الدستوري الجديد يجب أن يكون في مستوى طموحات أمتنا, أمة عتيدة مهيبة, وفية لأصولها و متفتحة على الحداثة». واعتبر رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أن المصادقة على التعديل الدستوري يعد بمثابة «تدشين لمرحلة تاريخية جديدة تحمل تطورات ديمقراطية غير قابلة لأي تراجع». وأكد الرئيس بوتفليقة، بأن الجزائر تسجل «صفحة جديدة من تاريخها السياسي والدستوري»، كما أنها «تفتح بذلك عهدا واعدا لشعبنا»، قال الرئيس انه يتميز بتطورات ديمقراطية معتبرة، ومتسمة بمكاسب لا رجعة فيها، غايتها الحفاظ على الثوابت الوطنية والمبادئ المؤسسة لمجتمعنا. وأكد الرئيس، بأن القرار الذي اتخذه بالمضي بمسار الإصلاحات إلى نهايتها، في جانبها السياسي، كان بهدف الاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب الجزائري، وانسجاما مع المتغيرات التي يشهدها العالم، من خلال تعميق الديمقراطية ودعم أركان دولة القانون، وكذا توطيد الضمانات الدستورية لترقية وحماية الحقوق وحريات الإنسان والمواطن في بلادنا. موضحا بأن تلك الإصلاحات بدأت منذ عدة سنوات بتدابير تهدف لاستعادة السلم والأمن. وقال بأن صورة الجزائر التي كانت مشوهة، قد تغيرت كليا اليوم، لتفسح المكان لجزائر هادئة ومتصالحة مع نفسها. وأضاف الرئيس إن التعديل الدستوري الحالي، هو ثمرة مسعى شامل ومفتوح باستمرار على مختلف الفاعلين السياسيين والإجتماعيين، مهما تكن اتجاهاتهم الإيديولوجية، حيث ارتكز على مشاورات موسعة قدر الإمكان مع الأحزاب السياسية، المنظمات الوطنية، ومساهمات خبراء القانون الدستوري، والتي تابعت مجرياتها شخصيا بعناية فائقة. وأكد الرئيس بإن التكريس الدستوري المتعلق بالمكونات الأساسية للهوية، ينص على أن الدولة تعمل منذ الآن فصاعدا وباستمرار على ترقية وتطوير كل واحدة من هذه المكونات، مؤكدة حرصها على حفظ العمق والخصوصية التي تميزها. مضيفا بأن أحد الإنشغالات الملحة التي أفرزتها المشاورات تتعلق باللغة الأمازيغية، التي تمت ترقيتها هنا كلغة وطنية عام 2002 من قبل برلمانكم الموقر، وهي مرشحة بحكم التعديل الدستوري للإرتقاء مستقبلا إلى وضع اللغة الرسمية. داعيا الخبراء إلى القيام بهذا الدور في إطار الأكاديمية التي أنشئت لذلك، لتجسيد هذا التطور الدستوري التاريخي. واكد الرئيس أن التعديل الدستوري، يهدف إلى الوصول إلى توافق واسع بشأن تكريس وتعميق مبدأ أساسي، يتعلق بالفصل والتعاون بين السلطات، الذي يمثل العمود الفقري للديمقراطية، وأيضا دعم صلاحيات مجلس الأمة بمنحه حق المبادرة والتعديل في المجال التشريعي، وكذلك منح المعارضة السياسية وضعا دستوريا، مما يساهم حتما في بعث حركية جديدة في المؤسسات الدستورية، وتوسيع فضاء الحقوق وحريات المواطن، وتعزيز دولة القانون خاصة من خلال تحديث وظيفة المراقبة من قبل البرلمان على عمل الحكومة، وكذا عبر صلاحيات المجلس الدستوري. وأخيرا تعميق استقلالية القضاء. للمعارضة خيار المجلس الدستوري بدلا من التجاوز اللفظي أو العنف وتحدث الرئيس بوتفليقة في رسالته، عن التعديلات الواردة في الدستور والتي تكرس عمل ودور المعارضة في الساحة السياسية، سواء في العملية الانتخابية، أو داخل المؤسسات، وفيما يتعلق بالانتخابات، قال الرئيس بأن التجديد المعتبر في النص الدستوري يعني خاصة إنشاء هيئة عليا مستقلة لمراقبة الإستشارات السياسية الوطنية والمحلية، هيئة مكلفة بالحرص على شفافية هذه الإستشارات ونزاهتها، وذلك بدءا من استدعاء الهيئة الناخبة حتى إعلان النتائج المؤقتة للإقتراع. مع الإشارة إلى أن هذه الهيئة مستقلة في تركيبتها. وأوضح الرئيس بأن المهام الموكلة للجنة من قبل الدستور المعدل، سيتم تطبيقها انطلاقا من الإنتخابات المقبلة، مما سيضفي على الإنتخابات المصداقية المرجوة، ويعزز أكثر الشرعية الديمقراطية لممثلي الشعب. معرجا على التعديلات الأخرى، خاصة ما يتعلق بالاستخدام الأفضل لإخطار المجلس الدستوري من قبل الأقلية البرلمانية، وكذا من قبل المواطن بطريقة غير مباشرة، وكلاهما ضمان لممارسة نظيفة للديمقراطية التعددية. وقال بوتفليقة، بأن هذه الممارسة تمثل فعلا أداة شرعية في أيدي المعارضة، تسمح لها بالتعبير الحر في نقاش هادئ رصين، وبالتالي تساهم في تهدئة العلاقات بين الأغلبية والمعارضة، مؤكدا بأن الدستور يعترف للأقلية البرلمانية بحق اللجوء إلى تحكيم المجلس الدستوري بدلا من التعبير عن الغضب بالتجاوز اللفظي أو استعمال العنف. لن نستورد ديمقراطية أو نستنسخ مؤسسات كما رد بوتفليقة على الأطراف التي دعت إلى استنساخ تجارب دول أخرى، مؤكدا بأن الديمقراطية ودولة القانون واحترام حقوق الإنسان يشكلون ثالوثا ينبني بصبر ومثابرة، ويتم إنجازه حجرا حجرا من قبل الشعب والمؤسسات التي ينشئها لنفسه في مرحلة معينة من تاريخه، موضحا بأن هذا الإنجاز يتحقق على مدى الزمن. وأضاف قائلا «لا ينبغي بالتأكيد أن نستورد أو نستنسخ مؤسسات ومفاهيم طبق الأصل، هي نتاج تاريخ خاص بأمم أخرى».كما حذر الرئيس من تبني نتائج خطابات ونقاشات، حتى ولو كانت صائبة، بتجاهل تاريخها وخصوصيات مجتمعها، لأن التبني الآلي لهذه التصورات الآتية من جهات أخرى، والتي لعلها استطاعت أن تحقق نتائج مفيدة في المجتمعات التي ولدت فيها، ينتج عنه، ليس فقط، الإبتعاد الخطير عن واقعنا الوطني، بل أيضا وخاصة، المجازفة بالتماثل مع هذه البلدان، والتوهم بالارتقاء إلى مستوى مجتمعات قد تشبعت بممارسة الديمقراطية منذ قرون، وقال بإن الديمقراطية بصفتها مبدأ، وبصفتها قيمة، وبصفتها ثقافة وبالنظر إلى عمقها التاريخي والأهداف التي تبتغيها، هي فعلا صرح غير مستكمل دائما، لكنه صرح لا يتوقف عن التجديد. الإصلاحات حصنت الوطن من المغامرات ومراجعتها قريبا وأكد بوتفليقة، بأن الإصلاحات التي أطلقها منذ سنوات «لم تكن غاية في حد ذاتها»، بل تسمح للمجتمع بالانتقال من مرحلة سياسية ودستورية معينة إلى مرحلة أخرى، أفضل نوعيا، تتجلى عبر الزمن في بناء مجتمع مؤسس على القيم الجمهورية ومبادئ الديمقراطية. وأعلن بهذا الخصوص عن مراجعة بعض النصوص الإصلاحية التي صادق عليها البرلمان قبل عامين، مضيفا بأن الترسانة التشريعية والنصوص القانونية الجديدة، سيتم اعادة النظر فيها وتعديلها من قبل البرلمان، وذلك على ضوء التعديل الدستوري. واعتبر بوتفليقة، بأن الإصلاحات التي عرفتها البلاد، ساهمت في تعزيز استقرار المؤسسات وحماية الوطن من أية مغامرة خطيرة. مضيفا بأن هذا المسعى سمح أيضا بالشروع في رصانة ومناخ هادئ في إصلاحات سياسية معتبرة لصالح الشعب الجزائري، بالرغم من محيط أمني عدائي مثقل بالتهديدات، وفي زمن –قال الرئيس- وجدت فيه بلدان أخرى نفسها، للأسف الشديد، بالرغم من رفض شعوبها مستهدفة بأعمال عنف مبيتة لنشر الرعب والفوضى، والذي نتج عنهما، فضلا عن ضخامة الخسائر في الأرواح والممتلكات، استمرار شبح اللاإستقرار السياسي وتأجيل عودة السلم، الذي هو شرط أساس لكل تنمية. البرلمان عبّر عن إرادة الشعب كما رد بوتفليقة على الانتقادات التي طالت البرلمان، ودافع عن شرعية الغرفة التشريعية في التصويت على القانون الاول في البلاد، مؤكدا بأن النواب عبروا بصفتهم ممثلي الأمة، عن مساندتهم للتصورات الديمقراطية التي يطمح هذا النص الجديد إلى تحقيقها. موجها تحية الى النواب الذين تحلوا بروح المسؤولية العالية والوطنية والتبصر على اختلاف إتجاهاتهم السياسية والتيارات الإيديولوجية المختلفة.واعتبر المواقف المختلفة للنواب، دليل على «حيوية ديمقراطيتنا الفتية والحركية المتواصلة التي تبعث النشاط والحياة»، مشيرا الى معارضة بعض النواب وامتناع آخرين عن التصويت على مشروع القانون، وقال بأن ذالك يكشف عن برلمان يعمل بإيقاع ديمقراطية تعددية، برلمان تم اختياره بحرية من قبل الشعب للتعبير عن إرادته، يعكس تنوع تيارات الأفكار والآراء التي تسود المجتمع. جيلنا أدى واجبه وأكد بوتفليقة، بأن الجزائر لم تبق على هامش هذه المتغيرات التي لا رجعة عنها، بل واصلت جهودها من أجل استكمال المسار الديمقراطي الذي باشرته منذ سنوات. مؤكدا بأن جزائر اليوم ليست تلك التي كانت في التسعينيات. واعتبر رئيس الجمهورية، بأن الجيل الذي ينتمي إليه مقتنع أنه أدى ما يجب عليه، في الوقت الذي ينبغي، وبالوسائل المتاحة له. وقد يكون لجيل أخر رؤية مختلفة عن رؤيتنا، سيواصل بأفكار أخرى ووسائل أخرى وطرق أخرى ما أنجزه أسلافه. وقال بأن هذا الجيل سيورث بدوره، في الوقت المناسب الإنجاز الذي حققه إلى الجيل اللاحق. وهكذا فكل جيل من الأجيال يكون قد ساهم في البناء المتأني للصرح الدستوري، بخصوصية مسعاه وبصماته المتميزة.