يؤكد مختصون في القانون الدستوري أن المصادقة على التعديل الدستوري الأحد الماضي لن يطرح أي إشكال بالنسبة لعمل مؤسسات الدولة، وأن هذه الأخيرة لن تجمّد نشاطها كما يعتقد البعض بل ستستمر في العمل بالمبادئ والأحكام الدستورية القديمة بشكل عاد في انتظار دخول الأحكام الجديدة الواردة في التعديل الدستوري الجديد حيز التنفيذ وصدور القوانين المنظمة لها. ويقول المختص في القانون الدستوري الأستاذ بوزيد لزهاري أن المصادقة على التعديل الدستوري الجديد يوم الأحد الماضي لن يطرح أي إشكال قانوني بالنسبة للدورة الربيعية للبرلمان كما روج لذلك بعض نواب المعارضة مؤخرا، و أوضح أن هذا التساؤل يبقى نظريا لأنه لا يمكن الحديث عن هكذا إشكال والتعديل الدستوري لم يصدر بعد في الجريدة الرسمية. وقال بوزيد لزهاري في تصريح للنصر أمس أن هذا السؤال سابق لأوانه لأن نص التعديل الدستوري الجديد لن يصدر في الجريدة الرسمية إلا بعد الثاني مارس المقبل تاريخ افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان وبالتالي فلن يطرح ذلك أي إشكال على خلفية أن النص الجديد يتحدث عن دورة برلمانية واحدة من عشرة أشهر تبدأ في الثاني سبتمبر من كل عام. و أضاف أنه حتى لو صدر التعديل الدستوري في الجريدة الرسمية قبل هذا التاريخ فإن البرلمان سيبقى يعمل بالقانون العضوي القديم 99/02 في انتظار تعديله، لأنه لا يمكن اعتماد ما ورد في التعديل الدستوري قبل تعديل القانون العضوي المذكور والعمل به بعد ذلك، مع العلم أن تعديل القوانين العضوية والعادية المرتبطة بتعديل الدستور ستفتح خلال الدورة الربيعية القادمة. من جهته يقول عضو المجلس الدستوري السابق عامر رخيلة أن الدورة الربيعية للبرلمان سوف تعقد دون أي إشكال في وقتها المحدد وكما جرت العادة، ويشرح في تصريح للنصر أمس متسائلا» إذا كان هناك من يقول أن البرلمان لا يستطيع عقد دورته الربيعية لأن التعديل الدستوري الجديد ينص على دورة واحدة تفتتح في سبتمبر فهل يعني هذا أن مؤسسات الدولة الأخرى التي تعمل دون عطلة مثل المجلس الدستوري والمحافظة السامية للأمازيغية والمجلس الأعلى للغة العربية سيجمدون نشاطهم في انتظار تكييف وضعهم مع ما جاء في التعديل الدستوري؟».ثم يجيب « طبعا لا ولن يجمدوا النشاط ، بل سيستمرون في العمل وفق المبادئ والأحكام الدستورية القديمة في انتظار دخول الأحكام الدستورية الجديدة حيز التنفيذ»، ويضيف أن القاعدة الدستورية تقول أن الأحكام والمبادئ الدستورية تنفذ لما تصدر القوانين المنظمة لها، وهذا واضح تماما، ومن يقول غير ذلك فكلامه غير مؤسس إطلاقا. ويقدم مثلا آخر عن هذا لما يقول هل يمكن مثلا للنواب بعد افتتاح الدورة البرلمانية إخطار المجلس الدستوري لأن الإخطار منصوص عليه في التعديل الدستوري الجديد؟ طبعا لا لأن النظام الداخلي للبرلمان بغرفتيه والقوانين المنظمة لعمله لم تعدل بعد وفق المبادئ والأحكام الدستورية الجديدة الواردة في تعديل الأحد الماضي. ومن هذا المنطلق يرى محدثنا أن من يدعي أن البرلمان لا يمكنه استئناف عمله في الدورة الربيعية على خطأ وكلامه غير مؤسس ، فحتى لو أصدر رئيس الجمهورية اليوم مثلا التعديل الدستوري في الجريدة الرسمية فإنه البرلمان لا يمكنه اعتماد الدورة الواحدة قبل تكييف النظام الداخلي لغرفتيه، و النظام الناظم للعلاقة بينهما وبين الحكومة وصدور القوانين المنظمة لذلك، وعليه فإن البرلمان وغيره من المؤسسات الدستورية ستبقى يشتغل بصفة عادية ودون أي إشكال يطرح إلى غاية صدور القوانين العضوية المتكيفة مع المبادئ والأحكام التي جاء بها التعديل الدستوري الجديد.ونشير في هذا الصدد أن النائب عن جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف كان قد تساءل قبل أسابيع عن الطريقة التي سيتعامل بها البرلمان مع الدورة الربيعية المقبلة وهل سيفتتحها في تاريخها على اعتبار أن التعديل الدستوري يشير إلى دورة واحدة من عشرة أشهر تبدأ في الثاني سبتمبر، ورأى أن البرلمان هكذا مجبر إما على تأجيل الدورة إلى سبتمبر القادم أو الحل. كما تجدر الإشارة أيضا أن رئيس الجمهورية كان قد تحدث عن خلية وطنية لتنفيذ ما ورد في التعديل الدستوري الجديد وهو لم يحدد متى تبدأ هذه الأخيرة عملها لأن ذلك من اختصاصه.