رجاء عالم تنصر للمرأة الكاتبة والأشعري يمنح أول بوكر للمغرب العربي وسط حضور كبير من وجوه أدبية وإعلامية ومن أسماء اللائحة القصيرة وأمناء الجائزة والمحكمين والمساهمين والناشرين ولفيف من أهل الأدب والثقافة غصت به قاعة مجلس اللواء بفندق الانتكونتننتال في أبوظبي أَعلن منذ أيام رئيس لجنة التحكيم لهذا العام الكاتب العراقي فاضل العزاوي عن الفائز بالبوكر للرواية العربية في دورتها الرابعة، وعكس كل التوقعات والتكهنات كان الفائز روايتين لا رواية واحدة وكاتبين لا كاتبا واحد. فقد قرر أعضاء لجنة التحكيم وبالإجماع منح الجائزة مناصفة ولأول مرة في تاريخ البوكر إلى روايتين وكاتبين، وكانت من نصيب الكاتبة السعودية رجاء عالم عن روايتها "طوق الحمام" الصادرة عن دار المركز الثقافي العربي/الدارالبيضاء/ بيروت. وهي المرة الأولى التي تفوز امرأة كاتبة بالبوكر وإن مناصفة، شاركها الجائزة الشاعر والروائي المغربي محمد الأشعري عن روايته "القوس والفراشة" الصارة عن نفس الدار وهي المرة الأولى أيضا التي تلتفت فيها البوكر إلى كاتب من بقعة المغرب العربي. فهل كانت المناصفة هذا العام ورغم قرارات وخيارات اللجنة المُحكِمة مصادفة بمنحها لكاتب من المغرب العربي وكاتبة امرأة؟. ومن مصادفات البوكر أيضا هذا العام أن الروايتين المتوجتين بالجائزة صدرتا عن نفس الدار، فهل هو حظ الدار ضرب كذلك بتبريكاته البوكر ورجاء والأشعري؟، حين أعلن العزاوي عن أن البوكر اختارت المناصفة كحل لا بد منه تفاديا لأي ظلم أو حيف قد يلحق بإحدى الروايتين ارتفعت الدهشة على كل الوجوه راسمة أسئلتها واستفساراتها عن معنى ومغزى ومبررات هذا الإختيار الذي لم يكن واردا في ذهن وبال أحد ولم يكن من ضمن تخمينات وتكهنات ونبوءات الحضور المختلف المشارب والحساسيات والقراءات.هذه الدهشة المتساءلة والأسئلة الملحاحة المستفسرة والمستغربة حينا استقبلها أعضاء لجنة التحكيم بنوع من الأريحية ودون شعور بالإنزعاج أو التوتر، كانوا يدافعون عن قرارهم بكل قوة وبمنهجيات تبريرية تحاول الإقناع، لكنهم أجمعوا أن القرار لم يكن سهلا، لكن هم أصروا عليه، ورغم أن رئيس مجلس أمناء الجائزة حين تحدثوا إليه بهذا الشأن رفض اقتراحهم/قرارهم لأن تقاليد الجائزة لا تسمح بهذا وفضل أن تفوز رواية واحدة لا روايتين، لكنهم تمسكوا بقرارهم وحاولوا إقناعه بكل منهجياتهم التبريرية فما كان منه إلا أن وافق. وكان كل هذا حسب المُحكِمين من أجل إنصاف الروايتين لأنهما كما صرح العزاوي: "كلتاهما رائعتان ومدهشتان ومهمتان جدا وتتميزان بالجودة الأدبية كما أنهما تعاملتا مع المشاكل المهمة والواقعية في الوطن العربي". لكن هذا الإنصاف الذي جاء بقرار الفوز بالمناصفة ترك الأسئلة مثارة ومعلقة رغم تبريرات اللجنة الواضحة، لأن الأغلبية لم تستسغ الأمر، واعتبروا أن منح الجائزة مناصفة من شأنه أن يؤدي إلى إضعافها وخلخلة مصداقيتها، وهناك من ذهب إلى أن هذا قد يفتح الباب للجوء إلى هذا الخيار لتحقيق توازنات معينة بين أعضاء لجنة التحكيم في الدورات المقبلة وتسويات قد يُرتب لها أو يخطط لها. قد يكون هذا الحديث الملغم بالشكوك والظنون حول الجائزة لاحقا سابقا لأوانه، وقد يكون في أوانه، لكن الأهم حاليا أن البوكر وبفضل قرارات اللجنة التحكيمية لهذه الدورة أنصفت المرأة الكاتبة في شخص الروائية المبدعة السعودية رجاء عالم والتفتت للمغرب العربي وتوجت المغربي محمد الأشعري، رجاء عالم هي أول كاتبة تفوز بالبوكر، وبهذا تنتصر للكاتبة التي ظلت لسنوات بعيدة عن أهم وأكبر الجوائز، وبالكاد تصل اللائحة الطويلة أو اللائحة القصيرة، رجاء عالم بطوق الحمام أخذت السرد النسائي العربي إلى فضاءات الضوء الأوسع ومساحات الإنتشار الأوفر والأسرع، وإلى لغات أخرى تليق بأن تحتفي بأدب رجاء، بحمامها وسماواتها. نذكر أن لجنة التحكيم تكونت من الشاعر والروائي العراقي فاضل العزاوي رئيسا ومن الأعضاء: الشاعر والصحفي الأردني أمجد ناصر، الناقدة والباحثة البحرينية منيرة الفاضل، الكاتب والناقد المغربي سعيد يقطين، الناقدة والمترجمة الإيطالية إيزابيلا كاميرا دافليتو. وبمناسبة حفل البوكر أصدرت مؤسسة البوكر وبدعم من مؤسسة الإمارات للنفع الإجتماعي كتاباً ضم مقتطفات من روايات القائمة القصيرة لدورة العام الجاري2011 باللغتين العربية والإنجليزية، إضافة إلى نبذة عن السير الذاتية للكتّاب المشاركين ولجنة تحكيم الدورة الحالية والمترجمين الذين قاموا بترجمة المقتطفات من اللغة العربية إلى الإنجليزية. وتم توزيعه مجانا على الحضور خلال الحفل. للإشارة أُطلقت الجائزة العالمية للرواية العربية رسميا في أبو ظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة، في أفريل 2007، بالتعاون والتنسيق بين "مؤسسة بوكر" و"مؤسسة الإمارات" و"معهد وايدنفيلد للحوار الإستراتيجي"،وتم إنشاء لجنة من الإختصاصيين ورؤساء التحرير والصحافيين الأدبيين من أجل تقديم المشورة حول طريقة تنظيم الجائزة وتأليف مجلس أمنائها، الذي اختير أعضاؤه من العالمين العربي والأنغلوفوني، وهم مسؤولون عن إدارة الشؤون العامة للجائزة. والجائزة خاصة بالرواية فقط، وهي تكافىء كُلاً من الروايات الست التي تصل إلى القائمة النهائية بعشرة آلاف دولار أميركي، إضافة إلى خمسين ألف دولار للفائز. أبوظبي: نوّارة لحرش