موعدنا في " جمعي فاميلي" و "حسناء" خلال سهرات رمضان كشف الممثل عثمان بن داود أحد أبرز شخصيات سلسلتي " جمعي فاميلي " و "ناس ملاح سيتي" في هذا الحوار للنصر عن الظروف الصعبة التي دفعته للذهاب لفرنسا، وعمله مع المخرج جعفر قاسم الذي قدم معه مجموعة مميزة من الأعمال التلفزيونية الناجحة ، بالإضافة إلى ذكرياته الجميلة عن مدينة قسنطينة التي لا يتردد في زيارتها كلما أتيحت له الفرصة ، و التي صور جزء من مسلسله الأخير " حسناء" بأحد معالمها التاريخية ،والذي ينتظر عرضه في شهر رمضان القادم . صورت مسلسل "حسناء" في " قصر الباي" العام الماضي في قسنطينة، فماذا أضافت إلى ذكرياتك السابقة عن هذه المدينة و ما هو سر حبك لها؟ - أنا معتاد على زيارة قسنطينة كل سنة مرة على الأقل، لأنها مدينة رائعة و وجود إحدى قريباتي فيها يربطني بحميمية مع جسورها و شوارعها و خاصة مطبخها الشهي، إذ أحرص دوما على تذوق أشهى مأكولاتها الشهيرة كالشخشوخة، شباح الصفرا ، و بوزلوف أثناء تواجدي بها ، وزيارتها تشعرني في كل مرة بنشوة كبيرة و سعادة غامرة حتى أني لا أعير اهتماما للاكتظاظ الكبير الذي يغمر شوارعها و لا انزعج منها أبدا.أما تصوير مسلسل " حسناء " بها فقد أتاح لي الفرصة لاكتشاف الجانب التراثي فيها من خلال قصر الباي الذي أعجبت به كثيرا و بتصميمه الداخلي. كما أنني أكن احتراما كبيرا لمسرح قسنطينة الذي أعتبره من أروع المسارح الجهوية في الجزائر ، فعندما أدخله أشعر أنه بقي مثل ما بني تماما و أنه بين أيد أمينة. وفي كل مرة كنت أمثل فيها إحدى مسرحياتي على خشبته اللامعة تنتابني قشعريرة كبيرة لأن البناية بأكملها كانت تنتفض تحت أقدامنا و لم نكن بحاجة لاستعمال ميكروفون لأن بناءه الداخلي يسمح بوصول الصوت بسهولة لآخر كرسي فيه، و أحيي بالمناسبة الأشخاص الذين يعملون على صيانته و يحافظون على جماله. مسلسل " حسناء " يجسد قصة " عويشة و الحراز" التي تغنت بها العديد من القصائد الأندلسية ، حدثنا عن دورك في هذا العمل . - في هذا العمل المميز أجسد دور العشيق " سالم " الذي يقع في حب فتاة جميلة و ذات صوت رائع و التي يختطفها الحراز و يسجنها بعيدا في قصره، لتتعقد بذلك حبكة المسلسل من خلال الصراع بين الحراز و العشيق الذي يحاول بكل الطرق استرجاع حبيبته إلى أن يتمكن في النهاية من الوصول إليها و تحريرها من سجنها و يتزوجها .وبالنسبة لي، أهمية هذا المسلسل تكمن في إبرازه لتراثنا الغني ، بدءا بقصة السيناريو المستوحاة من الموروث الشعبي و كذلك أماكن التصوير الرائعة في كل من " قصر الباي" في قسنطينة ، وحي القصبة بالعاصمة و أيضا في إحدى الحدائق الساحرة بمدينة تلمسان، والذي عرف المخرج بوعلام عيساوي كيف يبرز جمال تقاليدنا و تراثنا من خلالها، و من المنتظر أن يبث هذا المسلسل قريبا في شهر رمضان المقبل بعد أن تعذر بثه السنة الماضية. ما هي مشاريعك الجديدة لشهر رمضان ، هل ستعود للظهور في سلسلة " جمعي فاميلي 2011" ؟ - نعم سأعود هذه السنة للظهور على شاشة رمضان من خلال سلسلة " جمعي فاميلي"، و أنا سعيد جدا بذلك ، خاصة أن هذه السلسة ستظهر هذه المرة بحلة جديدة و مختلفة ، إذ لأول مرة سنرى عائلة الجمعي خارج البيت في مغامرة خارجية بالسيارة على مدار عشرين حلقة متكاملة و مترابطة. كما سأشارك أيضا في مسلسل اجتماعي آخر بعنوان " دار أم هاني" للمخرجة القديرة حفصى زيناي كوديل و ربما هناك مشروع مسلسل آخر و لكنه غير مؤكد إلا الآن. رغم أنه لا يفصلنا عن شهر رمضان إلا أربعة أشهر فقط ، إلا أن أغلبية الأعمال المبرمجة لهذا الموعد لم تتلق بعد الضوء الأخضر لبدء التصوير، كيف تتوقع أن يكون مستوى الإنتاج التلفزيوني هذه السنة بعد التدني الكارثي الذي ظهرت به شبكة رمضان 2010 ؟ - لا يختلف اثنان على أن برنامج رمضان السنة الماضية كان في قمة الرداءة ، حتى أكثر البرامج و المسلسلات التي كان المشاهد الجزائري ينتظرها بشوق كسلسلة " أعصاب و أوتار"، التي توقعت شخصيا أن تعوضنا على الفراغ الكبير الذي يشعرنا بالإحباط بالمقارنة بباقي القنوات العربية ، كانت في مستوى ضعيف و بصراحة لقد صدمت بهذه السلسلة التي تحمل اسما شهيرا ، خاصة أنها ضمت تشكيلة من ألمع نجوم الكوميديا في قسنطينة و الذين لم يستطيعوا تدارك ضعف السيناريو الفادح الذي كان بارزا جدا من خلال أدائهم الارتجالي، مما أساء لعنوان السلسة التي أحدثت في نسختها الأولى ثورة في التلفزيون الجزائري و عرفت شهرة كبيرة و انتشارا واسعا لدى الجمهور الذي أحبها كثيرا و تعلق بشخصياتها القريبة من واقع العائلة الجزائرية . "أعصاب و أوتار" الجديدة كانت مليئة بالصراخ غير المبرر و هذا استخفاف بعقل المشاهد و مشاعره. وقد يكون ضيق الوقت أحد أهم أسباب التراجع، لأننا للأسف نعمل فقط من أجل رمضان و الأسوأ من ذلك أننا ننجز الأعمال في آخر لحظة قبل انطلاق الشهر الكريم. فالتلفزيون الجزائري للأسف الشديد يتقدم الوراء كلما تقدمت التلفزيونات العربية بالفعل إلى الأمام و هذا بسبب سوء التصرف لأن الإمكانيات المادية و حدها لا تكفي. كيف كانت بداياتك الفنية، بعد تخرجك من معهد برج الكيفان ؟ - نشأتي في كنف عائلة جد محافظة تعتبر أن الفن "عيب" حرمني من الجو الفني الذي كنت أحبه و أميل إليه رغم أن أبي كان من عشاق الموسيقى الأندلسية و يعزف على آلته خفية في غرفته ، و كان دوما يقول لي أنه سيكون لي مكان مرموق في عالم الفن و أنني سأحقق له ما كان يحلم به ، و عندما كبرت ورثت عنه ولعه بالموسيقى الأندلسية التي تعلمتها مع جمعية " السندسية " برفقة الأستاذ السعودي نور الدين في فرنسا ثم التقيت بالأستاذ فريد بن صرفة من قسنطينة الذي جعلني اعشق المالوف كثيرا . بعد تخرجي من معهد الفنون الدرامية ببرج الكيفان ، واجهتني كباقي الشباب الجزائري مشكلة البطالة ، فحاولت رفقة مجموعة من الشباب أن نقدم عملا فنيا نستفيد من خلاله من تكويننا، فأنجزنا تعاونية مسرحية 1992 و قدمنا أول مسرحية احترافية للأطفال سنة 1992 بعنوان "حنو"، التي كانت بداية موفقة لنا إذ عرضناها تقريبا في كل المسارح الجهوية عبر الوطن ، و أعتقد أنا الأطفال الذين شاهدوا " حنو " تمنوا و لو للحظات أن يصبحوا ممثلين في المستقبل. كما كانت لي أيضا تجربة جد ناجحة في مجال الإعلام و التنشيط التلفزيوني من خلال حصة "تأشيرة للمستقبل" الموجهة للشباب لأنها كانت تقدم ريبورتاجات و تحقيقات مهمة حول واقعهم. و من أهم الأعمال التي أثرت في مشواري الفني و في حياتي أيضا هو بطولتي لفيلم " الفراشة لن تطير أبدا" الذي كان عملا مميزا و جريئا لدرجة أنه كان السبب في سفري لفرنسا بعد اغتيال مخرجه علي تنخي من قبل الإرهاب. هل عرضتك شخصية الراقص العاشق في " الفراشة لن تطير أبدا " للتهديد من قبل الإرهاب؟ - المخرج علي تنخي كان يريد إنجاز فيلم مقتبس من قصة حقيقة لراقص يعاني التهميش في المجتمع الجزائري و كان يبحث عن ممثل متخرج من معهد الفنون الدرامية لتجسيد الدور. هذه الشخصية لشاب فنان و طموح تخلد ذكرى المخرج عز الدين مجوبي و تروي معاناة الفنانين الجزائريين خلال فترة الإرهاب، هذا الراقص أثار استفزاز المتطرفين و عرضني أيضا للتهديد بالموت بعد مقتل المخرج ففضلت الرحيل إلى فرنسا للابتعاد عن جو القلق و الحزن. " موعد مع القدر " كان محطة مهمة أخرى في مشوارك الفني، ما هو برأيك سر نجاح هذا المسلسل و خاصة شخصية الطبيب "مالك" التي اكتسبت تعاطف الناس و اهتمامهم؟ - في فرنسا التقيت بالمخرج جعفر قاسم لأول مرة و نشأت بيننا صداقة قوية رغم أننا لم نكن نعرف بعضنا من قبل ، و تم التعامل معه أولا من خلال بعض الإعلانات ثم ، سلسلة " ناس ملاح سيتي" و بعد نجاح هذه الأخيرة في أكثر من نسخة اقترحت عليه إنجاز مسلسل اجتماعي جديد و كان " موعد مع القدر " الذي يتناول موضوعا قريبا جدا من المشاهد الجزائري الذي خرج لتوه من تجربة مريرة مع الإرهاب فقدت من خلالها الكثير من العائلات العديد من أبنائها، و هذا ما وقع مع " مالك " الذي فقد في المسلسل زوجته الحامل في حادث اختطاف ، ثم يكتشف فيما بعد أن إبنه على قيد الحياة . أعتقد أن المشاهد كان يرى نفسه في هذه الشخصية التي أثارت تعاطفه من خلال المأساة التي عاشها.