فرنسا تمارس تضييقات غير مسبوقة على المهاجرين المغاربيين تشهد فرنسا في المدة الأخيرة تضييقا غير مسبوق على المهاجرين يستهدف بشكل خاص رعايا المنطقة المغاربية، و أخذ هذا التضييق أبعادا متطرفة في الخطوة المفاجئة التي أقدمت فيها السلطات الفرنسية قبل يومين على منع دخول قطارات كانت قادمة من إيطاليا و تقل مهاجرين توانسة في أغلبهم. هذا الإجراء الذي يأتي في خضم النقاش الدائر بفرنسا حول الهوية والإسلام و اللائكية أثار غضب المسؤولين في روما الذين تعاملوا إلى حد الآن بكثير من المرونة مع الموجات الأخيرة من المهاجرين القادمين بشكل خاص من تونس و ليبيا. و حاول وزير الداخلية الفرنسي كلود غيون أمس تهدئة الأجواء بين البلدين بعد هذه الحادثة، معترفا بوجود سحابة تخيم على العلاقات بين باريس و روما، و قال أن فرنسا لاتتمنى أن يكون هناك توترات مع روما حول ملف المهاجرين التونسيين الذين قدموا إلى إيطاليا. وكانت فرنسا قد أغلقت حدودها أول أمس أمام قطارات قادمة من ايطاليا تقل مهاجرين تونسيين و من شمال إفريقيا مما دفع روما للاحتجاج رسميا واتهام باريس بانتهاك المبادئ الأوروبية. وقامت فرنسا بمنع كافة القطارات من المرور بمعبر فينتيميليا – مينتون، باتجاه كوت دا زور وذكر بيان لوزارة الخارجية الايطالية أن وزير الخارجية فرانكو فراتيني طلب من سفير ايطاليا لدى باريس الإبلاغ "باحتجاج الحكومة الايطالية الشديد على تصرف السلطات الفرنسية. وجاء في البيان "تبدو أفعال فرنسا غير شرعية وتنتهك بوضوح المبادئ العامة الأوروبية." وشكت ايطاليا من أن شركاءها في الإتحاد الأوروبي "تخلوا عنها" وتركوها تواجه آلاف المهاجرين غالبيتهم من تونس وصلوا الى جزيرة لامبيدوسا في جنوب البلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية هربا من الاضطرابات السياسية في ليبيا و تونس. وبدأت ايطاليا في إصدار تصاريح مؤقتة للمهاجرين تسمح لهم بمغادرة أراضيها والسفر الى جهات أخرى في أوروبا وهو ما انتقده شركاء أوروبيون آخرون من بينهم فرنسا وألمانيا. وتشعر بعض الدول في الإتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة بالقلق من أن يؤدي توفير مأوى للكثير من المهاجرين الى تشجيع المزيد على محاولة دخول أوروبا بطرق غير مشروعة. واحتشد مئات المتظاهرين الايطاليين عند محطة فينتيميليا للاحتجاج على تصرفات فرنسا ورددوا هتافات مناهضة لها وحاولوا إقناع الشرطة بالسماح لهم بالتظاهر أمام القنصلية الفرنسية في مينتون. وقال وزير الداخلية روبرتو ماروني في مقابلة تلفزيونية أول أمس أن موقف فرنسا "غير مفهوم" و "متصلب وغير مبرر تجاه ايطاليا". واتفق وزيرا داخلية فرنسا وألمانيا هذا الشهر على تسيير دوريات مشتركة قبالة السواحل التونسية لردع الراغبين في الهجرة كما تعهدت روما بمساعدة تونس على وقف تدفق المهاجرين. سياسة باريس للتضييق على المهاجرين ترجمتها أيضا تصريحات وزير العمل الفرنسي كزافيي برتران الذي كان قد أعلن أول أمس، عن نيته في تقليص عدد المهن التي تسمح بالاستعانة بيد عاملة أجنبية لصعوبة توظيف فرنسيين فيها، محددا الأولوية بحسب قوله في "تدريب طالبي الوظائف لشغل هذه المواقع". وكان قرار رسمي صادر فى جانفي 2008 حدد لائحة بثلاثين مهنة يمكن الاستعانة بموظفين من بلدان أخرى لمزاولتها بسبب صعوبة توظيف فرنسيين فيها. وردًا على سؤال عما إذا كان ينوي تعديل القرار الصادر عام 2008، أجاب الوزير "نعم، لكنني سأغير خصوصا سياسة التوظيف من خلال جعل الوظائف التي تعاني صعوبات في التوظيف أولوية للعمل". ولم يعط الوزير تقديرات لمعدل انخفاض الاعتماد على اليد العاملة الأجنبية. وذكر أن "الهجرة المرتبطة بالعمل تمثل نحو 20 ألف شخص. و بعد أن أصبحت فرنسا أول بلد أوروبي يمنع ارتداء النقاب أعلن وزير الداخلية الفرنسي أول أمس، أنه ينوي حظر الصلاة للمسلمين في الشوارع والأماكن العامة نهائيا، بحجة تجديد العلاقة بين وضع الدولة الفرنسية والتنوع الديني. ويرى كلود غيون أن كثيرا من المسلمين يقدمون على أداء الصلاة في الشوارع وذلك لقلة عدد المساجد ، خاصة في منطقة "كوت دازور" التابعة لمدينة نيس إلا أنه قال إنه سيتم وضع حد لهذا في شوارع باريس ومارسيليا. إلا أنه وفي إجراء من المتوقع أن ينظر إليه المسلمون بكثير من الاستياء قال غيون إنه سيتم التشديد على شروط المسالخ للذبح الإسلامي في المناسبات الدينية وفرض الأمن وتعزيز الصحة العامة على حد قوله. و الواقع أن هذا التوجه للحكومة الفرنسية يكرس إلى حد كبير طروحات كراهية الأجانب التي يتبناها و يدافع عنها اليمين المتطرف بزعامة ماري لوبان التي كانت قد شبهت في وقت سابق صلاة المسلمين في بعض شوارع فرنسا بالاحتلال النازي. و يبدو بديهيا أن اليمين الحاكم لاعتبارات يفرضها رهان استحقاق الرئاسيات المقبلة يسعى إلى استرجاع المواقع الواسعة التي أصبحت تحت سيطرة اليمين المتطرف الذي يحتمي بشعار فرنسا للفرنسيين، مستغلا المشاكل المرتبطة بالبطالة و إفرازات الظواهر السلبية المنتشرة بشكل خاص في ضواحي المدن الفرنسية الكبرى.