الأضحية المشتركة بالأبقار تأكيد على روح التويزة أصبح العديد من الناس يفضلون أن تكون أضاحيهم في عيد الأضحى المبارك من الأبقار بدل الأغنام أو غيرها من المواشي، كل حسب رغبته ولما في ذلك من متعة وجو من البهجة تصنعه فرحة العيد من جهة وتلاقي العائلات سواء كانوا أهلا ، أقارب أو جيران ممن أرادوا أن يتقاسموا الأضحية فيما بينهم من جهة أخرى، مشتركين بذلك في لحمها بعد أن يتعاونوا جميعا على ذبحها وسلخها وتحديد حصة كل واحد منهم بحسب عددهم، والذي لا يجب أن يتجاوز السبعة حصص أو قسمات أو أسهم كما هو متعارف على تسميتها من منطقة إلى أخرى. وللوقوف على جو ومتعة عيد الأضحى عندما تكون الأضحية مشتركة بين مجموعة من العائلات شاركت النصر ست عائلات وهم أبناء عمومة من حي الزاوية ببلدية سيدي خليفة التي تبعد عن مدينة ميلة بحوالي ثلاثة وعشرون كلم جنوبا، أجواء العيد عندما تكون الأضحية مشتركة، لنقل صورة حية عن مظهر من مظاهر ترابط العائلات الجزائرية عموما، و روح التويزة التي ما زالت متواجدة خصوصا بالمناطق المحافظة وذات الكثافة السكانية الصغيرة، بالإضافة إلى جو المرح والحيوية الذي يتشكل في هذا العمل الجماعي وما يتطلبه من مجهود للجميع ليتم بأحسن شكل وفي مدة زمنية وجيزة. فبعد تأدية صلاة العيد يتغافر السكان ويتبادلوا تهاني العيد في المسجد، بعدها يتوجه كل فرد إلى منزله ليهنئ أفراد عائلته، وبعدها تبدأ عملية النحر بعد مضي وقت من الزمن كاف لان يكون الإمام الذي أم بهم صلاة العيد قد ذبح أضحيته، وهو تقليد محبب لدى سكان بلدية سيدي خليفة، وبالنسبة لمن تكون أضحيتهم من الأبقار فهم يتجمعون بمنزل أحدهم أين اتفقوا على الذبح، محضرين لوازم الذبح وعادة ما يكون الأطفال مرافقون لهم لمشاهدة هذه العملية، وهو ما كان مع من شاركناهم هذه المناسبة، بحيث تجمعوا ببيت واحد منهم وقد اختاروا مكانا ملائما للذبح ، قاموا بربط البقرة بشكل معين حتى يتمكنوا من إسقاطها أرضا بجهة القبلة بحيث ربطت من قوائمها ورقبتها، اتخذ كل فرد منهم موقعه فكان شخص يشدها من رقبتها واضعا أصابعه في أنفها حتى لا تثور وتهيج، بعدها يقوم البقية بشد الحبل المربوط بقوائمها، وبعد أن تصبح أرضا يأتي من يذبحها بسكين يخفيه عنها حتى لا تراه وتكون حادة جدا بحجم كبير، يذكر اسم الله ذاكرا من يتقاسم معه الأضحية ويكبر الله ثم ينحرها، ويبقى الجميع ماسكين البقرة حتى لا تقوم فتصعب السيطرة عليها ما قد يشكل خطرا كبيرا عليهم، وبعد أن تلفظ الأضحية أنفاسها، يبدؤون عملية سلخها من قوائمها الخلفية ثم بطنها وصولا إلى رقبتها، بحيث كل شخص منهم يأخذ مكانه وبيده سكين السلخ التي عادة ما تكون صغيرة مقارنة بالمستعملة في الذبح ، وتراهم موزعين بشكل منتظم عليها وكل واحد منهم يكمل عمل الآخر في حذر شديد من خطر السكاكين من جهة وحتى لا يفسدون لحم الأضحية أثناء السلخ من جهة أخرى، وتجد كبيرهم يعلم صغيرهم كيف تكون العملية صحيحة، في جو من الجدية و الانهماك في العمل مع شيء من اللهو والنكتة أحيانا لنسيان التعب، وعندما يصلون لمرحلة إخراج الأحشاء وأعضاء الأضحية الداخلية تجدهم جميعا ملتفين متعاونين نظرا لحجمها الكبير وللتدقيق على سلامتها من أي ضرر ممكن أن يكون كالكيس المائي وغيره حسب ما وقفنا عليه مع مستضيفينا، وبعد التأكد من ذلك يقتطع قسم من الكبد بعد أن تنتزع منها المرارة بحذر شديد، ويأخذ للشوي حتى يفطر به من كان منهم صائما وحتى يكون أول ما يؤكل من الأضحية هو كبدها كما ورد في السنة الحميدة، يلتف الجميع تاركين ما بأيديهم لتناول شيء من الكبد مغتنمين الفرصة لاحتساء القهوة المقدمة من أهل البيت المستقبل لهم، وبعدها يرجع الجميع للعمل منهم من يتكفل بغسل الأحشاء وتنظيفها وهذا عمل شاق جدا كما حدثنا القائم به، والبقية يتكفلون بفصل أطراف الأضحية من كتف وفخذ ورقبة وغيرها، ووضعها في مكان نظيف لفصل اللحم عن العظم بحيث يوضع لحم الكتفين وحده والفخذين وحده وهكذا حتى تكون كل حصة متنوعة من لحم تلك الأضحية. والجميل في الأمر قناعة وطيبة هؤلاء الأشخاص الواضحة في كيفية توزيع الحصص، فليس هناك ميزان لتحديد كمية اللحم وقسمته على الست عائلات المشتركة في الأضحية، بل إنهم وزعوا اللحم بحسب عددهم وفي كل سهم أو قسمة يوجد من الفخذ، الكتف، الأحشاء، الأضلع... بحيث تبدو بالعين المجردة متساوية، ثم يطلب من أحد ويستحب أن يكون طفلا صغيرا كما حدثونا، أن يستدير ثم يقوم آخر بوضع يده على إحدى الحصص ويقول سائلا لمن هذه؟ ويذكر الشخص المستدير بظهره اسم أحد المساهمين في الأضحية وهكذا، وتجد الجميع راض بما أخذ، وبعد توزيع الحصص يقوم الجميع بنفس الهمة رغم التعب الشديد الذي كانوا فيه من بعد صلاة العيد إلى ما بعد صلاة الظهر، بتنظيف مكان الذبح جيدا وترتيب كل شيء كما يجب، ويفترقون كل عائد إلى بيته وعائلته التي تنتظره مع حصته من الأضحية، ليقضي مساءه في معايدة من لم يصلهم بعد.