أكد المدير العام للخدمات الجامعية عبد الحق بوذراع، أن الدولة لن ترفع يدها عن الخدمات الجامعية ولن تسلمها للقطاع الخاص، وقال إن المشروع الذي تحدث عنه وزير القطاع لإعادة النظر في هذا الملف يرمي إلى إدخال تحسينات أكبر على حياة الطالب الجامعي، وجعله شريكا في تسيير الدعم الموجه له. وفي حديث خص به النصر، سلط السيد بوذراع الضوء على واقع مرافق الإيواء في الجزائر، وأهم المشاكل والتحديات التي تواجه مسيّريها. حاوره: عبد الحكيم أسابع النصر: ما هي أهم ملامح مشروع إعادة النظر في الخدمات الجامعية الذي سبق وأن أثاره وزير التعليم العالي والبحث العلمي ؟ عبد الحق بوذراع: أنتهز هذه الفرصة لكي أؤكد بدوري، بأن الأمر لا يتعلق إطلاقا برفع الدولة ليدها على الخدمات الجامعية أو التوجه نحو خوصصتها كما ساد في اعتقاد كثيرين، والسيد الوزير أكد عدم وجود نية لدى القطاع لخوصصة الخدمات الجامعية بل أن الأمر يتعلق بتوجّه نحو تحسين هذه الخدمات المقدمة لطلبة اليوم وطلبة المستقبل، على غرار الإيواء والإطعام والنقل وهو ما سيكون محل دراسة و نقاش الندوة الوطنية التقييمية التي ستخصص لإعادة النظر في هذا الملف، وكذا في طريقة الدعم الذي تقدمه الدولة إلى الطلبة، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، وذلك بمشاركة كل الفاعلين من تنظيمات طلابية وأساتذة وممثلي العمال وأرباب العمل وقطاعات المالية والنقل والتضامن. إعادة النظر في الخدمات الجامعية قد يمنح خدمة الإطعام لمتعهدين خواص وفق دفتر شروط صارم وليطمئن الجميع بأنه لا يمكن في أي حال من الأحوال منح الخدمات الجامعية للقطاع الخاص، فالوزارة ستبقى متمسكة بزمام الأمور وتكون هي الوحيدة التي تشرف على العملية بحيث ستبقى المرافق للطالب والمراقب أيضا للخدمات التي تقدم له من طرف متعهدين خواص، فتكليف مؤسسات خاصة بتأمين الغذاء مثلا لا يعني أبدا أنها خوصصة، باعتبار أن ذلك سيتم وفق دفتر شروط محدد، كما أنه سيتم الإبقاء على مطاعم تسيرها الخدمات الجامعية. و سيبقى الطالب في دائرة اهتمامنا وسيبقى انشغالنا الأساسي كيف نحسن ظروف إقامته وظروف نقله وإطعامه. النصر: وهل سيتم التفكير على ضوء المشروع المطروح في إمكانية رفع القيمة المالية للوجبة الغذائية ؟ كل ما يمكن قوله في هذا المقام أن قيمة الوجبات الغذائية اليومية التي تقدم للطالب في المطاعم الجامعية تقدر قيمتها ب 170 دينارا ونحن مطالبون بالحفاظ على هذا السقف، ومعلوم أن الطالب يستفيد أيضا من دعم في المبيت ودعم النقل إلى جانب استفادته من المنحة، وهو ما سيتم تدارسه في الندوة الوطنية المرتقبة في 2017. النصر: كم تبلغ الميزانية الحالية المخصصة للخدمات وهل هي كافية لتغطية كل الحاجيات، سيما مع تزايد عدد الطلبة ؟ ميزانية الخدمات الجامعية تقدر حاليا ب 11 ألف مليار سنتيم وهي كافية لتغطية كل المتطلبات التي تحفظ الحياة الكريمة للطالب الجامعي، وعادة ما نوفر رصيدا منها، نعيده، في نهاية السنة المالية للخزينة العمومية، ومردّ ذلك يعود إلى كوننا عادة ما نأخذ كل الاحتياطات اللازمة بعين الاعتبار في بناء توقعاتنا. النصر: ما هو التعداد الحالي لنزلاء الإقامات الجامعية وهل استطعتم التقليل من حدة الاكتظاظ الذي عانته في السابق الكثير من هذه المرافق ؟ الجزائر بإمكانها أن تفتخر بتوفرها على هذا العدد الكبير من هياكل الاستقبال المخصصة لإيواء الطلبة الجامعيين، فهي البلد الوحيد الذي يتوفر على 448 إقامة جامعية مدعمة وتأوي أكثر 520 ألف طالب، غير أنه تجب الإشارة إلى أن ظروف الإيواء تختلف بين إقامة وأخرى ومرد ذلك إلى التصميم الهندسي لهذه المرافق في ظل وجود غرف بأربعة أسرة وأخرى بسريرين اثنين فقط، لكن الأغلبية الساحقة للإقامات تتوفر على غرف تأوي شخصين فقط. عدد الإقامات الجامعية في قسنطينة وحدها أكثر من عدد هياكل الإيواء في تونس والمغرب مجتمعة وبالنسبة للدخول الجامعي الجديد واجهنا عجزا كبيرا في مرافق إيواء الطلبة في ولاية البويرة بسبب التدفق الكبير للطلبة على جامعتها ونحن إلى الآن بصدد البحث عن الحلول المناسبة لإيواء كل الطلبة استعانة بهياكل تابعة لوزارات أخرى كوزارة التكوين والتعليم المهنيين التي قررت أن تضع تحت تصرفنا بعض مرافق الإيواء الخاصة بها، كما تعاني ولايات المدية ميلة و غليزان وعين الدفلى والجزائر العاصمة، بدورها عجزا إلى حد ما في الإيواء ويعود الضغط الذي تعانيه العاصمة إلى كونها تضم أكبر عدد من المدارس الوطنية فضلا عما تتمتع به جامعاتها من جاذبية لدى الطلبة الذين يطلبون التحويل إلى كلياتها ومدارسها العليا من كل ولايات الوطن، ورغم ذلك فلدينا فائض ب 70 ألف سرير موزعة عبر الوطن نظرا للعدد المعتبر من المشاريع التي تم استلامها في العديد من الولايات، وعلى العموم فإن قضية الإيواء لم تعد تطرح بالحدة التي عرفناها في التسعينيات. النصر: هل يمكن أن نصل يوما إلى ضمان غرفة لكل طالب في مرافق الإيواء التي تسيرها الخدمات الجامعية؟ هذا الأمر يتوقف على قدرات الدولة، التي لم تبخل يوما في توفير الهياكل والمرافق الموجهة لإيواء الطلبة ولنعطي مثالا على ذلك، نقول إن عدد الإقامات الجامعية الموجودة في قسنطينة وحدها ( 44 إقامة ) أكثر من مجموع الإقامات الجامعية الموجودة في البلدين الجارين تونس والمغرب. مؤسسة الخدمات الجامعية بالجزائر وما تقدمه للطالب هي التي سمحت لإطارات الدولة بالدراسة والارتقاء لما وصلت إليه لأنها العمود الفقري لديمقراطية التعليم وتكافؤ الفرص لأبناء الجزائر. النصر: أين وصل مشروع ترميم وإعادة تأهيل الإقامات الجامعية القديمة؟ لقد استلمنا الكثير من هذه الإقامات التي سبق غلقها من أجل إعادة الترميم والتأهيل، فيما لاتزال وتيرة الأشغال على مستوى الإقامات الأخرى تسير بشكل متفاوت، وبعضها تشهد الأشغال القائمة بها بطءً غير مبرر في الكثير من الأحيان. النصر: ما هي أهم المشاكل التي يعانيها مسيرو الإقامات الجامعية وإلى أي حد يمكن القول أن حدة الاحتجاجات حول نوعية الأكل ومواعيد النقل قد تراجعت مقارنة مع السابق؟ لقد أصبح التحكم في تسيير مرافق الإيواء أحسن بكثير مما كان عليه الأمر في السابق بسبب التحسينات التي يتم إدخالها باستمرار على حياة الطالب المقيم، فالتربصات التي شرعنا في إجرائها لفائدة الطهاة في الكثير من المطاعم بالإقامات الجامعية، انعكست بالإيجاب على نوعية الوجبات، كما أن التحسينات شملت أيضا ظروف الإيواء وأشغال الصيانة، وكل ذلك ساهم في تكريس حالة من الهدوء العام بمرافق الإيواء، كما أن وجود حظيرة كبيرة جدا من الحافلات التي تسيرها وزارة التعليم العالي بتعداد لا يقل عن 7000 حافلة لنقل الطلبة، مكنت من حلّ مشكل النقل بفضل مخطط النقل الذي يتم تكييفه مع مختلف الطوارئ كتلك المتعلقة بإعادة الإسكان التي تشهدها بعض مدن البلاد على غرار العاصمة، إلى جانب تزايد عدد الطلبة الذي يدفعنا متى تطلب الأمر ذلك، إعداد ملحقات الصفقات وتعقبها على اللجان المختصة في وقت قصير جدا قبل حلول السنة المالية. النصر: ظل مشكل اللاأمن يؤرق الطلبة والمسيرين خارج وداخل الأحياء الجامعية لسنوات عديدة بسبب تسلل الغرباء وتزايد عدد حالات الاعتداءات في محيط هذه الهياكل، كيف أصبح الوضع حاليا؟ اليوم أصبحنا أكثر تحكما في الجانب الأمني داخل الأحياء، بعد أن وضعنا حدا لتسلل الغرباء لأن الدخول لا يمكن أن يتم لأي كان ما لم يكن يتوفر على بطاقة الدخول الالكترونية، كما أن كل الإقامات تتوفر على عدد كاف من أعوان الأمن. أما بالنسبة للإقامات الجامعية التي لا تتوفر على مناصب مالية كافية فقد استعنا فيها بشركات الحراسة الأمنية. وضعنا خلايا إصغاء في الإقامات الجامعية لمحاربة الانتحار والإدمان أما خارج الإقامات الجامعية، فلا يمكننا ضمان الأمن، لأن ذلك من مهام الأمن العمومي أو الدرك الوطني حسب أقاليم تخصص كل جهاز. النصر: تتحدث العديد من التقارير عن انتشار تعاطي المخدرات والكحول في الوسط الجامعي، ألا تطرح لكم هذه الظاهرة مشاكل في الإقامات ؟ لا أحد ينكر وجود هذه الظواهر في الوسط الطلابي، لكنها ليست بالحدة التي يتصورها البعض في الإقامات الجامعية، ولحسن الحظ لم نرَ بروز شبكة مخدرات لها علاقة بالطلبة في هذه الهياكل، كما أنه لا يمكن للأسف أن نراقب كل الغرف في كل إقامة، ولكننا نسعى أن نكون عينا ساهرة، لذلك فإننا نقوم بتسجيل أسماء كل الطلبة الذين يصلون بعد السابعة ليلا إلى إقاماتهم تحسبا لأي أمر حتى يكون لنا الدليل الدامغ عن توقيت تواجدهم في الخارج أو توقيت دخولهم، سيما في حال الاشتباه في تورط أي كان في قضية ما خارج الإقامة وهكذا فالسجل كفيل بتحديد المسؤوليات في حال وقوع ما قد يقع. وفيما يتعلق بجانب الوقاية، فقد سبق للديوان الوطني للخدمات الجامعية، أن نظم يوما دراسيا بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي " فورام"، التي يترأسها البروفيسور مصطفى خياطي، توصلنا خلالها إلى قناعة وهي أنه لا بد من وضع خلايا إصغاء في الإقامات الجامعية سعيا لمحاربة مختلف الآفات و الظواهر الاجتماعية ووضع حد لها كظاهرة الانتحار والإدمان، كما ساد في قناعتنا على ضوء المداخلات العلمية المقدمة أن وجود طبيب نفساني واحد في الإقامة الجامعية غير كافٍ، لذلك اتخذنا قرارا بتوظيف عدد من الأخصائيين أو الأطباء النفسانيين في تخصص علم النفس الإكلينيكي، قبل السنة الجارية وسنقيم لهم دورة تكوينية وطنية تشرف عليها هيئة ‹› فورام ‹› من أجل إعطائهم التوجيهات اللازمة حول مجالات التدخل وطرق التعامل ‹› المرن ‹› مع مختلف الحالات. وهنا بودي أن أشير إلى مشكل من نوع خاص يواجهنا في الإقامات، وهو محاولة بعض الطالبات المحجبات فرض نمط معين من اللباس على سائر الطالبات الأخريات من باب فرض ‹› الحشمة ‹› ونحن على يقين بأن طريقة لباس أي طالبة داخل أو خارج الإقامة حرية شخصية يكفلها الدستور ما لم يكن فيها من إخلال بقواعد الآداب العامة. النصر: يعاب على الرياضة الجامعية في بلادنا كونها لم تستطع أن تشكل ‹›خزانا›› من المواهب في كل المنافسات لفرق النخبة الوطنية، ألا تشاطروننا هذا الرأي؟ قد أشاطرك الرأي إلى حد ما، وأقول بأن هذه نصف حقيقة وليست الحقيقة كلها، ولا أحد ينكر أن الرياضات الجامعية كانت في السبعينيات والثمانينيات تزود بشكل لافت فرق النخبة الوطنية في مختلف النشاطات الرياضية. أما اليوم فلا يمكن في اعتقادي ضمان تزويد فرق النخبة من الجامعات ما لم يتم النهوض بالرياضة المدرسية، فصناعة أبطال أو لاعبين أو رياضيين في المستوى الذي تتطلبه الفرق المحترفة ينطلق من التكوين القاعدي الصلب، وليس مباشرة من الجامعة، ومهما يكن فإن للجامعات و الإقامات الجامعية تقاليد راسخة في النشاط الرياضي. بعض المحجبات يحاولن فرض نمط معين من اللباس على المقيمات وهو ما يسبب بعض المشاكل واليوم لدينا بطولة جامعية تسيرها الرابطة الوطنية للرياضة الجامعية، وقد انطلقت المنافسات التصفوية لهذه البطولة تحت إشراف كل من وزيري التعليم العالي والشباب والرياضة، في أول نوفمبر على مستوى كل إقامة أو كل جامعة، قبل أن تمتد التصفيات إلى المناطق ليكون الموعد مع النهائيات في كل المنافسات الرياضية الفردية والجماعية في 19 ماي الموافق لليوم الوطني، وأنا متفائل بأن الرياضة الجامعية لا زالت تقدم أسماء لامعة في علم النشاط الرياضي للفرق الوطنية والجهوية.