ماونة.. جبل يتوسّد كنز الرخام الوردي تعد ولاية قالمة من بين الولايات الغنية بالثروات المنجمية بالجزائر حيث توجد بها العديد من المعادن ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة بينها الخزف بجبل دباغ و الزنك بعين آركو و الانتيموان بجبل القرين قرب حمام النبائل و عدة مواقع لاستخراج المادة الأولية لصناعة الآجر بالإضافة إلى مناجم الحصى المنتشرة في كل مكان، لكن يبقى الرخام المتواجد بجبل ماونة أهم منجم بالمنطقة من حيث القيمة الاقتصادية و الفنية و هو موجود بكميات هائلة تنتظر مزيدا من الجهد و الإمكانات المادية و البشرية القادرة على مواجهة التحديات الميدانية و تطوير صناعة الرخام المصنف كأحجار ثمينة استعملها الإنسان منذ القدم في البناء و صناعة التحف و الزخرفة. روبورتاج وتصوير : فريد غربية و مع التطور الكبير الذي تعرفه العمارة الحديثة أصبح الرخام بمختلف أنواعه من بين المواد الطبيعية الثمينة التي تدخل في مجال الزخرفة و صناعة التحف و تغطية واجهات المباني و الأرضيات و غيرها من مجالات الاستعمال الواسعة التي يستخدم فيها الرخام المتواجد بنحو 8 مواقع بالجزائر بينها منجم جبل ماونة بقالمة الذي يعد أهم منجم رخام بالجزائر من حيث حجم الاحتياطات و النوعية، فهو منجم مفتوح فيه الرخام الوردي و الرخام الرمادي و هما نوعان مصنفان كأحجار ثمينة و قطع فنية تعدت شهرتها حدود الوطن بعد أن وصل الرخام الجزائري إلى البيت الأبيض الأمريكي و مكةالمكرمة و مناطق أوروبية عديدة. كيف بدأت قصة الرخام الجميلة بقالمة؟ و كيف تستخرج هذه الحجارة الثمينة من باطن الأرض؟ و ما هي التحديات و المخاطر التي تواجه عمال مناجم الرخام؟ و كيف ساهمت التكنولوجيا الحديثة في التغلب على الصعوبات و تطوير أساليب الاستخراج و مساعدة الإنسان على قهر الطبيعة و تطويعها؟ و ما هي التحديات التي تواجه صناعة الرخام بالجزائر في ظل منافسة قوية يفرضها منتوج أجنبي مستورد أقل قيمة من الإنتاج المحلي الذي بدأ يتعافى و يأخذ مكانا في السوق الوطنية و حتى الأجنبية. النصر تنقلت إلى مناجم الرخام الشهيرة بجبل ماونة و عاشت يوما مع رجال التحدي الذين يخوضون صراعا مريرا مع طبيعة قاسية من الصعب تطويعها و استخراج كنوزها الدفينة، تابعنا مراحل استخراج كتل الرخام العملاقة من باطن الأرض و من الواجهات الصخرية الصلبة و كيف تقطع هذه الكتل إلى قطع يسهل نقلها إلى وحدات التحويل، و نقلنا صورا حية لفرق الاستخراج و هي تنقب عن الحجر الثمين و تتحكم في التكنولوجيا الحديثة و تطوع المناجم الغائرة في أعماق الأرض بإرادة قوية و نظرة إلى مستقبل واعد. قبل 100 عام في واد موحش غير ذي زرع اكتشف عالم الجيولوجيا الفرنسي «داراست» احتياطات منجمية كبيرة عند سفح جبل ماونة المطل على مدينة قالمة من الجنوب الغربي بقمته العالية ، راسما لوحة طبيعية جميلة ألهمت الفنانة الألمانية الكبيرة بيتينا هاينن عياش التي سارت على خطى «داراست» ، فأبدعت فوق سطح الأرض كما أبدع المنقبون عن الثروات الثمينة عبر الطبقات النائمة على كنوز كبيرة بعضها ظهر للعيان و البعض ما زال في أعماق الباطن المستتر ينتظر يد تصل إليه لتخرجه رزقا رغدا يبدد السنوات العجاف و يؤسس لاقتصاد بديل لثروة النفط التي ساء حالها و لم تعد تسمن أو تغني من جوع. لم تكن تلك الاكتشافات السرية المغيبة عن الجزائريين المضطهدين سوى طبقات هائلة من الرخام الأحمر و الأبيض و الرمادي الجميل المصنف كأحجار ثمينة لا تقل أهمية عن الأحجار الكريمة، طبقات بعضها فوق بعض من سطح الأرض إلى الأعماق البعيدة التي تختزن أجود أنواع الرخام الخالي من الشوائب و الرواسب الكلسية. فرح المعمرون بما اكتشفوا و قرروا إخفاء المعطيات الهندسية و الجيولوجية و أطلقوا مشروعا كبيرا لاستخراج الحجر الثمين و تصديره إلى الضفة الأخرى للمتوسط في إطار مخطط كبير لاستنزاف الثروات السطحية و الباطنية، و استمر العمل بمناجم الرخام بقالمة إلى غاية انتفاضة 8 ماي 45 عندما ثار سكان المنطقة ضد الاستعمار و أجبروه على وقف استغلال الإنسان الجزائري و مقدراته المنجمية و الزراعية و تشويه جذوره التاريخية و الثقافية. توقف المنجم عن العمل منذ ذلك الحين إلى غاية مطلع السبعينيات عندما أجريت أبحاث أخرى على المنطقة بالتعاون مع باحثين رومانيين و تم تحديد حجم الاحتياطات و أنواع الرخام و قيمته الفنية التي ترقى إلى درجة الأحجار الثمينة و أحجار الزينة، و بدأت الجزائر الفتية الاستغلال الفعلي لثرواتها المنجمية معتمدة على خبرة أبنائها من مهندسين و فنيين و عمال قرروا رفع التحدي و تحريك كل القطاعات التي تركها الاستعمار مشلولة عندما أجبر على الرحيل. مازال المنجم يشتغل إلى اليوم و ربما لسنوات أخرى طويلة حيث تشير كل المعطيات بأن حجم الاحتياطات من الأحجار ذات القيمة الفنية و الاقتصادية الثمينة كبيرة و قادرة على تلبية الاحتياجات الوطنية إلى جانب مناجم رخام أخرى منتشرة عبر مختلف مناطق الوطن. النصر غاصت في أعماق الكتل الرخامية المتراصة و عاشت يوما مع رجال التحدي الذين يواصلون استخراج الرخام الجميل من باطن الأرض بإرادة قوية و خبرة جمعت بين العلوم النظرية و التطبيقية و واقع ميداني صعب و خطير يتطلب الكثير من المهارة و الشجاعة و حتى التضحية في بعض الأحيان عندما يتطلب الواجب ذلك على الخطوط الأمامية لجبهة الصراع مع الطبيعة و الهندسة و الطبقات الجيولوجية الدفينة. رافقنا في مهمتنا الصعبة كل من عبد العزيز حمانة مدير مؤسسة الرخام بقالمة و الهادي عثماني مدير الموارد البشرية و المهندسة الجيولوجية أسماء بن رقطان و مهندس المناجم زكي جاهمي و مصمودي كريم رئيس المشروع الاستثماري الجديد، محطة إنتاج حصى و رمل الرخام المستخدم في صناعة عدة أنواع من مواد البناء و الزينة و التحف الفنية. كانت البداية من مركز القيادة و التحكم الذي يشرف عليه المهندسان الشابان اسما بن رقطان و زكي جاهمي، هنا تلقينا نبذة تاريخية عن مناجم الرخام بقالمة و مخطط العمل اليومي و تقنيات الاستخراج و الرفع و الشحن و احتياطات السلامة و الأمن لحماية العمال من مخاطر كبيرة تلاحقهم أينما ذهبوا، العمل داخل المناجم خطير بالفعل و لا مجال لتهاون أو خطأ أو مغامرة طائشة قد تنجر عنها عواقب وخيمة ربما إصابات خطيرة وسط العمال أو دمار بمعدات ثمينة من الصعب تعويضها في ظل أزمة اقتصادية يمر بها المنجم و مصنع التحويل منذ عدة سنوات. منجم في الهواء الطلق أو السماء المفتوحة خلافا للمناجم الغائرة في أعماق الأرض فإن منجم الرخام بقالمة يعد من بين المناجم القليلة ذات السماء المفتوحة حيث توجد كتل الرخام العملاقة على عمق بسيط تحت الطبقة النباتية مباشرة و تمتد إلى عمق كبير تحت سطح الأرض لكن عملية الاستخراج تكون بشكل عمودي و أفقي في نفس الوقت أو ما يعرف بنظام الطبقات تماما كالعمارة السكنية لكن الأمر هنا يختلف، حيث تبدأ عملية الاستخراج من الطابق العلوي تحت الطبقة النباتية مباشرة ثم تأخذ العملية شكل سلالم ضخمة من الرخام إلى غاية الطابق الأرضي الأخير الذي توقفت عنده الحفريات. و توجد هنا 4 طوابق كاملة متدرجة من المستوى 00 على سطح الأرض إلى 20 مترا تقريبا تحت سطح الأرض لكن في الهواء الطلق أو ما يسميه المهندسون هنا بالسماء المفتوحة. و حسب المشرفين على المنجم فإن احتياطات الرخام قد تصل إلى 70 مترا تحت سطح الأرض أين توجد أجود أنواع الرخام الخالي من الشوائب و الذي تشكل منذ آلاف السنين بفعل عوامل فيزيائية و كيماوية و ضغط هائل أدى إلى تحول الصخور الكلسية إلى كتل صخرية جميلة تشكل إحدى أهم المناجم الرخامية القابلة للاستغلال بمنطقة المغرب العربي برمتها. و نظرا للتطور التكنولوجي الهائل الذي عرفته مناجم الجزائر في السنوات الأخيرة فقد أصبح الاعتماد على الأذرع الآلية و الماكينات الهيدروميكانيكية و الكهربائية لاستخراج كتل الرخام الضخمة و فصلها من الواجهة الصخرية المتماسكة و هي أصعب عملية بالمنجم لكن خبرة المهندسين و العمال طوعت كل شيء هنا و أصبحت الأجساد البشرية الضعيفة تتلاعب بكتل عملاقة تزن أحيانا أكثر من 200 طن تقريبا. فكيف تقطع كتل الرخام الضخمة و تقتلع من مكانها و تسحب إلى موقع القص و الشحن إلى المصانع المنتشرة عبر مختلف مناطق الوطن؟. حسابات متناهية، ثقب دقيق.. و عين يقظة لا تسهو و لا تنام يختار المهندسون موقع الثقب بدقة و يحددون أبعاد الكتلة الرخامية التي تقرر اقتلاعهاو سحبها من موقعها على الواجهة الصخرية الصلبة و تعطى الإشارة لعامل التحكم مشغل آلة الثقب التي تخترق الصخر الصلب و تحدث فيه ثقوبا ذات عمق و أبعاد محددة، و تستغرق العملية عدة ساعات، ثم تأتي مرحلة فصل القطع بواسطة آلة متطورة تعمل بكابل مقاوم و مصنوع من قطع الماس الثمينة متصلة ببعضها البعض بواسطة نوابض و قطع معدنية و كأنها سلسة معدنية متماسكة مرنة تقطع الصخر بشكل طولي و عرضي بحركة دوران منتظمة يرافقها تدفق متسمر لمياه التبريد لتخفيف الحرارة التي تحدثها عملية القص و الاحتكاك القوي بين قطع الماس و الرخام. و بعد عزل القطعة الرخامية العملاقة عن الواجهة الصخرية تبدأ مرحلة السحب المعقدة باستعمال آلة هيدروليكية تثبت بقاعدة الصخر و تسحبه بحذر حتى لا ينقلب و يحدث كارثة، فالقطعة العملاقة يجب أن تسحب و هي منتصبة عموديا كما كانت في مكانها قبل القطع و عندما تصل منطقة الأمان تتخذ وضعية أفقية بواسطة نظام ميكانيكي معقد استعدادا لمرحلة القص الثانية التي تستعمل فيها آلة ذات كابل مصنوع من رقائق الماس الثمين التي تفعل فعلها في الرخام الصلب و تخترقه طولا و عرضا و تقطعه إلى كتل صغيرة الأبعاد لا يتعدى وزنها 20 طنا تكون جاهزة للشحن إلى مواقع التصنيع. يقول بدة جمال و محمد بوراس و هما الأكثر عرضة للمخاطر بمناجم الرخام بقالمة و يتناوبان باستمرار على مختلف الماكينات و مواقع العمل و هي ميزة كل العاملين بالمنجم « نتعامل بحذر كبير مع القطع الصخرية العملاقة عندما تكون مثبتة في مكانها، أحيانا تسقط بعض القطع أثناء القص و السحب، لقد نجونا من الموت مرات عديدة، نحن دائما يقظين و حذرين عندما نكون تحت القطع المفصولة عن الواجهة الصخرية الكبيرة، نتبع تعليمات المهندسين بدقة، لقد تعودنا على مواجهة الحالات الطارئة، أحيانا ينقطع كابل الماس و تتطاير قطعه كالرصاص في كل مكان، لا داعي للخوف في هذه الحالة فقط عليك أن تكون بزاوية قائمة مع مسار الكابل و لن تصيبك القطع المعدنية و النوابض عندما تنفصل عن بعضها البعض تحت تأثير الحرارة و قوة القص و صلابة الصخر و ربما بفعل التقادم و التآكل أيضا، و رغم صعوبة المهمة نحن سعداء و مستعدون لرفع التحدي و مواصلة استخراج الرخام و المساهمة في بناء صناعة محلية قوية تكون ركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني». 21 مليارا لتجديد المعدات والأنواع المغشوشة تسيطر على السوق تعد عملية شحن القطع العملاقة باتجاه مصانع التحويل من بين أخطر المهام بمنجم الرخام بقالمة و خاصة عندما تكون الرياح قوية ومتغيرة الاتجاه حيث يصعب التحكم في الرافعة العملاقة و متابعة مسار الكتلة الصخرية من موقعها على الأرض إلى سطع الشاحنة. تابعنا عملية شحن قطعتين تزن كل واحدة منهما 17 طنا تقريبا باتجاه إحدى مصانع إنتاج الرخام بقسنطينة، كانت الرياح هادئة في ذلك اليوم و كانت مهمة فريق الشحن سهلة لكنها لا لم تكن تخلو من الخطورة نظرا لوجود القطع على مسافة بعيدة من موقع الشاحنة و الرافعة، و تطلب الأمر استعمال آلة شحن عملاقة مجهزة بعجلات مطاطية للمساعدة في تهيئة القطعة و تثبيت الكوابل المعدنية السميكة بإحكام حتى لا تنزلق الكتلة الصخرية و تسقط عندما تكون على علو كبير. يتحكم جبابرة رابح ببراعة في الرافعة عن بعد بواسطة جهاز كهربائي متعدد الوظائف يدير الرافعة في كل الاتجاهات و يضبط حركة الكوابل صعودا و هبوطا و بمجرد أن يتلقى إشارة من الفريق المتواجد حول القطعة الرخامية الجاثمة على الأرض يبدأ عملية تشغيل جهاز الرفع فتتحرك القطعة العملاقة من مكانها ببطء و ترتفع تدريجيا نحو السماء في مشهد مثير و مخيف، لكن العاملين هنا تعودوا على التلاعب بالقطع الصخرية الثقيلة من موقعها على الأرض إلى الشاحنة التي تنتظر الحمولة الثقيلة ثم الرحلة الشاقة عبر الطرقات البعيدة. لم تمض سوى دقائق قليلة حتى وصلت القطعة الأولى إلى الشاحنة بأمان و كان في انتظارها فريق التثبيت يتقدمه المهندس زاكي جاهمي الذي يقوم بترقيم القطعة و يضع أبعادها و حجمها بخط أحمر كبير و يدون ذلك في دفتر المراقبة اليومية و يحرر فاتورة تسلم لسائق الشاحنة و تحفظ نسخة منها في سجلات المنجم. و يسوّق منجم الرخام بقالمة كميات معتبرة من الرخام الخام إلى مختلف المصانع المتواجدة بشرق البلاد أغلبها مصانع خواص دخلوا صناعة الرخام من بابها الواسع. البقايا مادة أولية لصناعة أجود أنواع البلاط تعتمد عملية استخراج الرخام و تسويقه و تحويله إلى مواد للعمارة و الزينة و الديكور بقالمة على فريق شاب و واعد من المهندسين و الإداريين و عمال المناجم و ورشات التحويل، فريق كله إرادة و عزم على مواجهة التحديات الراهنة و المستقبلية للمحافظة على المنجم الثمين و صناعة الرخام التي بدأت تكتسي أهمية بالغة بعد التطور الكبير الذي تعرفه العمارة الحديثة التي بدأت تستعل الرخام بشكل يبعث على التفاؤل بزيادة الطلب على الأحجار الثمينة المستخرجة من جبل ماونة و من مواقع أخرى بالجزائر. و تنظر المهندسة اسما بن رقطان إلى المستقبل بتفاؤل كبير قائلة» إن المواد الأولية و الثروات المنجمية خارج قطاع المحروقات تشكل ثروة اقتصادية كبيرة بالجزائر و تلبي حاجياتها الصناعية المتزايدة، لقد عرفت السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا بصناعة الرخام و المواد الفنية و تبذل قطاعات صناعية كثيرة جهودا مضنية لتطوير صناعة الرخام بالجزائر و التأسيس لصناعة جديدة تعني بالقطع الثمينة ذات المردود الاقتصادي الكبير، إننا نتطلع إلى المستقبل الواعد و نأمل في التغلب على العقبات الميدانية لاستخراج منتوج جيد و قادر على المنافسة و خلق الثروة و مزيد من مناصب العمل و في النهاية دعم الاقتصاد الوطني المتوجه بقوة إلى التحرر من التبعية للمحروقات». و تحدث مدير مؤسسة الرخام بقالمة المهندس عبد العزيز حمانة عن المستقبل الواعد لصناعة الرخام بالجزائر لكنه بدا قلقا من المنافسة غير المتكافئة مع الخزف المستورد موضحا بأن رخام ماونة لا يضاهيه رخام آخر من حيث الجودة و اللون و المقاومة لكن شركات البناء مازالت تدير ظهرها للإنتاج المحلي و تستعمل رخاما مستوردا أقل جودة من الرخام الجزائري. و حمل المتحدث مكاتب الدراسات مسؤولية قبول رخام وصفه بالرديء و منه حتى المغشوش في مشاريع البناء و طالبها بدعم الإنتاج المحلي الجيد و حمايته من المنافسة الجائرة التي يفرضها الرخام الأجنبي الأقل ثمنا و الأقل جودة أيضا. و أشاد مدير شركة الرخام بقالمة بالجهود التي بذلتها الدولة لدعم المنجم و مصنع الإنتاج ببومهرة أحمد حيث ضخت نحو 21 مليار سنتيم لتجديد المعدات و بناء قاعدة جديدة بمنجم ماونة تقوم باسترجاع بقايا الرخام و تحويلها إلى حصى و رمل ثمين يستعمل في صناعة أجود أنواع البلاط و القطع الفنية الجميلة و حتى في صناعة الخرسانة و مواد البناء الأخرى. و منذ بناء المحطة الجديدة لا شيء يضيع هنا الرخام الخام الرديء يحول إلى حصى بثلاثة أحجام صغيرة و بقايا الرخام المصنع ببومهرة أحمد يحول إلى رمل أبيض دقيق يستعمل في مجالات عديدة و هو مطلوب بكثرة من قبل المصنعين و شركات البناء عبر مختلف مناطق الوطن. و يتوقع عبد العزيز حمانة مزيدا من التطور بمناجم الرخام بقالمة في ظل اهتمام الدولة المتزايد بقطاعات الصناعة و المناجم لبناء اقتصاد بديل لثروة النفط المعرضة لتقلبات الأسواق الدولية. و يقول مصمودي كريم رئيس قسم الإنتاج بالمحطة الجديدة التي بدأت العمل قبل سنة تقريبا و تنتج البلورات الجميلة بأن المستقبل سيكون أيضا لمشتقات الرخام من حصى بلوري جميل و رمل دقيق متعدد الاستعمال في العمارة الحديثة التي قلبت الموازين و قواعد البناء رأسا على عقب بإدخالها مواد جديدة بينها الرخام و مشتقاته. و يخوض فريق مناجم و مصانع الرخام بقالمة سباقا ضد الساعة للبحث عن مزيد من الأسواق الوطنية لتسويق أكبر كمية ممكنة من المنتوج الخام و المصنع، و لم تستثن جهود الاتصال كبرى الشركات الوطنية و الأجنبية العاملة في مجال السكن و المنشآت الإدارية و التعليمية في محاولة جادة للبحث عن فرص جديدة للتسويق و جلب مزيد من الزبائن و إقناعهم بجودة الرخام المحلي و قدرته على المنافسة داخل الوطن و خارجه، و يكفي الرخام الجزائري فخرا أنه وصل إلى البيت الأبيض الأمريكي و مكةالمكرمة و كثير من المقار الحكومية الشهيرة بآسيا و أوروبا.