توزيع السكن ينعش صناعة و تركيب المطابخ الجاهزة تشهد تجارة صناعة و تركيب المطابخ العصرية المنتعشة بشكل ملفت في السنوات الأخيرة، منافسة كبيرة بين ممثلي الشركات الأجنبية و المحلية، ما يعكس الإقبال و الاهتمام المتزايد بالمطابخ الجاهزة الذي فرضته عدة عوامل، أهمها ضيق الشقق و الرغبة في كسب الفضاء من جهة، و البحث عن الرفاه و تأثير العروض المغرية التي يقدمها العاملون في هذا المجال من جهة أخرى. في جولة سريعة بوسط مدينة قسنطينة و بعض أحيائها التجارية الجديدة النشطة، و بشكل خاص بمنطقة لوناما بالكيلومتر الرابع، يجذب انتباهك العدد المعتبر من الشركات المتخصصة في تصميم و صناعة و تركيب المطابخ العصرية، و كذا ورشات انجاز المطابخ الجاهزة التي يكاد عددها يزيد عن الخمسة في منطقة واحدة. و تعرف محلات بيع المطابخ العصرية الجاهزة و كذا قاعات العرض الفاخرة للشركات المحلية أو الجزائرية العاملة بحق الامتياز، أو ممثلي الشركات الأجنبية، إقبالا كبيرا من الزبائن الباحثين عن الجمال و البساطة و كل ما يحتاجه المطبخ العصري بعد أن تغيّر مفهومه التقليدي من مجرّد مساحة مخصصة لإعداد الطعام، إلى قاعة تهتم و تفتخر ربة البيت بديكورها كأي جزء آخر بالشقة، حيث لم يعد المواطن يترّدد في دفع أموال كثيرة لأجل تحقيق ذلك، هذا ما وقفنا عليه من خلال استطلاعنا الذي قادنا إلى عدد من قاعات عرض و ورشات صناعة و تركيب المطابخ العصرية الفاخرة ذات التصاميم و الألوان المغرية، حيث تشتد أيضا المنافسة بين المحلي و المستورد، لكن الجميع يعمل و السوق يسع الجميع أمام تضاعف الأحياء الجديدة و استفادة المواطنين المستمرة من السكنات الجديدة بمختلف الصيغ، مثلما قال بعض محدثينا. أسعار تنافسية و امتيازات مغرية لاستقطاب الزبائن أمام المنافسة الشديدة التي يعرفها سوق المطابخ العصرية بشهادة العاملين به، و أمام تزايد المستثمرين في هذا المجال، مثلما لاحظناه من خلال عدد الورشات و المؤسسات المصغرة التي يسيّرها شباب في مقتبل العمر، لجأت الكثير من الشركات إلى اعتماد طريقة الترويج المغري و تقديم امتيازات ساهمت في استقطاب أكبر عدد من الزبائن، حيث تسجل عمليات تخفيضات في الأسعار حينا، و إهداء تذكرة سفر لمن يقتني مطبخا جاهزا مثلما هو الحال بشركة «اكسينا» الفرنسية البلجيكية التي دخلت السوق الجزائرية منذ حوالي خمس سنوات و التي أوضح جمال الدين بهاضي العامل بها بأن الزبائن يهتمون كثيرا بالسعر، لكن تبقى الجودة حسبه المستقطب الرئيسي لزبائنهم. و كانت الأسعار متقاربة بين جل الشركات التي زرناها سواء المحلية أو الأجنبية، حيث لم يقل السعر الأولي لمطبخ جاهز قبل الحديث عن مساحته و خصائصه عن 250 ألف دج، إلا في حالات نادرة جدا تكون فيها الأحجام صغيرة للغاية. و من الشركات التي أكد أصحابها بأن الزبائن يهتمون أكثر بالسعر شركة «كويزين إيكيبي»، «شافا»، و «إبراهيم النجار» و غيرها من الشركات المحلية التي أجمع العاملون بها على تزايد الإقبال على التصاميم الخاصة حسب الطلب و التي يرغب أصحابها ضرب عصفورين بحجر واحد، التصميم العصري و السعر المعقول مقارنة بالمطابخ الجاهزة و المستوردة التي لا ينزل سعرها عن 300 ألف دج. ممثل «اكسينا» أكد بأن المنتجات المعروضة تصنع و تركب بألمانيا، و بخصوص العروض المغرية قال بأن المنافسة و طرق التسويق الحديثة تفرض مواكبة سياسة التسويق باستغلال الامتيازات و بشكل خاص التخفيضات المتكررة في الأسعار، فضلا عن الهدايا و فرص الاستفادة من سفر إلى تونس لكل من يقتني مطبخا من هذه الشركة التي تضم حوالي 400 نقطة بيع بمختلف دول العالم. تأثير الفضائيات و الإنترنت يضاعف الطلب و من جهته اعتبر ممثل الشركة الجزائرية «لينيا» للمطابخ و الأثاث التي تتعامل مع الشركة الأصلية بإيطاليا بأن المواطن اليوم مل من الطرق التقليدية في التأثيث و بات يبحث عن الجاهز و سهل التركيب مع ضمان الجودة بالدرجة الأولى، مؤكدا بأن الديكور الحديث فرضته تأثيرات الفضائيات و الإنترنت و قاعات عرض المنتوج »شوروم» التي قربت النظرة أكثر للزبائن، من خلال منحهم صورا حقيقية عما سيكون عليه مطبخهم بعد التركيب بفضل التكنولوجيا من جهة، و نماذج التصاميم و النماذج المعروضة في «الشوروم « من جهة ثانية، فضلا عن منح الزبون فرصة اختيار أوسع ، سواء عن المادة أو اللون أو التصميم. نفس الشيء أكده ممثلو شركات أخرى، مثل رياض ممثل شركة إيطالية الذي قال بأن ثمة زبائن يطلبون تصاميم استوحوها من برامج أو قنوات تلفزيونية خاصة بالطبخ، ك»فتافيت» و «سميرة تي في» ، مؤكدا بأن إحدى الزبونات فرضت عليه إضافة حاملة البهارات المغناطيسية، لا لشيء سوى لإعجابها ببرنامج أحد الطهاة. و قال بعض من تحدثنا إليهم بأن طلبات الزبائن ترتكز عادة على أثاث التخزين، أمام معضلة المساحات الصغيرة التي يواجهها أغلب المواطنين بسبب ضيق الشقق الجديدة، حيث يقف الأغلبية حائرين و هم يحلمون بحلول مبتكرة، يجدونها عموما لدى هذه الشركات التي أكد بعض العاملين بها، بأن التصاميم الحديثة تأخذ بعين الاعتبار مسألة حاجة القاطن للفراغ لضمان حركة أسهل داخل المطبخ الذي يعد مملكة المرأة. أما عن أكثر التصاميم المطلوبة، فقد اختلفت الآراء و الإجابات من شركة إلى أخرى، حيث أكد البعض بأن أكثر الطلبات المسجلة في السنتين الأخيرتين خصت المطابخ المصنوعة من مادة الهيقلوز و اللندياف المقاوم للماء، فيما أكد آخرون بأن النماذج المصنوعة من الزجاج و المعدن تعرف إقبالا متزايدا لاسيما من قبل أصحاب الفيلات، و ثمة من أكد بأن التصاميم الكلاسيكية المصنوعة من الخشب، لا تزال لها مكانتها لدى العائلات القسنطينية. و بخصوص الألوان المطلوبة أكثر، فتقاربت إجابات التجار، و التي صبت جميعها تقريبا حول الألوان الدارجة و الرائجة في هذه الفترة، كالألوان الفاتحة التي تعطي إحساسا بالاتساع من جهة، و لجمالها من جهة أخرى، فضلا عن الأحمر و الأسود و الرمادي التي زاد الطلب عليها في المدة الأخيرة. و قال محدثونا بأن الاختيارات تختلف باختلاف الفئات العمرية، فالأزواج الجدد مثلا يكونون أكثر انسياقا وراء التصاميم العصرية و الألوان الدارجة، أما المتقدمون في السن فيفضلون التصاميم الكلاسيكية، مثلما ذكر التاجر مروان. و اشتكى البعض من ظاهرة السرقة و تقليد تصاميم شركاتهم المتعددة الجنسيات، لكنهم لا يأبهوا بذلك، لأن جودة المواد الأولية و الإنتاج تفرض نفسها و تحفظ مكانتهم في السوق. عيوب الشقق كابوس يؤرق التقنيين اشتكى الكثير من المستثمرين في مجال صناعة و بيع المطابخ العصرية، من مشاكل يواجهونها باستمرار في عمليات التركيب و التي اعتبرها البعض بمثابة الكابوس المقلق في مهنتهم الشيّقة، حيث تحدثت أمينة طالبي، ممثلة شركة اكسينا عن المشاكل المرتبطة بشبكة الصرف التي تفرض عليهم التحايل و البحث عن الحلول الذكية لتجاوزها أو تضطرهم للقيام بأشغال إضافية لتجاوز شبكة التوصيل الموحدة في العمارة الواحدة، فضلا عن أمور أخرى اعتبرها زملاء لها في المهنة عيوبا في العمارة، خاصة تلك التي لها علاقة بتواجد أعمدة في كل مكان، فضلا عن أمور تسبب لهم مشاكل عدم التوازن و اختلاف أبعاد الغرفة كانخفاض مستوى السقف أو وجود زوايا كثيرة يضطر فريق تركيب المطبخ إلى التعامل معها بذكاء، خاصة و أنه لا يمكن التخلص منها، باعتبارها تمثل جزءا أساسيا في التكوين الإنشائي للمبنى، لذا فإن أكثر الطرق المستعملة لحل تلك العيوب، حسبهم ، ترتكز على وضع تصاميم تتماشى و مختلف المعيقات و التي غالبا ما تعوّض بخزائن و دواليب و رفوف تخدم الاحتياجات الفعلية للمكان، كما يضطر أصحاب الشقق إلى إجراء تغييرات جذرية في الشقة قبل استقدام مركبي المطابخ الجاهزة. المواطن البسيط هدف أول قال ممثل «كويزين إيكيبي»و كذا «ممثل «لينيا» بأنهما على غرار الكثير من المستثمرين في هذا المجال، يستهدفون المواطن البسيط، باعتبار أكثر المستفيدين من السكنات الجديدة بمختلف صيغها من الطبقة المتوسطة، و هي الفئة الأكثر إقبالا على خدماتهم و سلعهم. و بخصوص مدة الضمان التي يستفيد منها الزبائن، قال محدثونا أنها تتراوح بين 3 و 5 سنوات عن الأثاث عادة و بين 20 و 25 سنة عن الأدوات المعدنية، في حال ضرورة استبدال بعض القطع، علما و أن كل المواد الأولية يتم استيرادها من تركيا و إيطاليا و مختلف دول أوروبا، حسب التجار و صناع المطابخ الجاهزة ، و غالبا ما يتم تصميم و صناعة المطابخ على المستوى الوطني، باستثناء بعض الشركات الأجنبية التي تقوم بتركيبها بالخارج و جلبها جاهزة في مدة لا تقل عن الأربعة أشهر. و عن الصعوبات التي يواجهونها بعد التغييرات التي طرأت على قانون الاستيراد، أكد أغلب من تحدثنا إليهم بأنهم لم يواجهوا مشاكل بهذا الخصوص، لأنهم لا يستوردون الجاهزة و إنما المواد الأولية المسموح باستيرادها، مثل الهيقلوز و اللندياف تماما مثل الخشب، و هم من يعيدون تصنيعها بكل حرية، أما ممثلو الشركات الأجنبية فقالوا أن الأمور لم تتغيّر و تجارتهم لا تزال منتعشة رغم الأزمة.