جدران لا تزال شاهدة على جرائم فرنسا وأبشع أساليب تعذيب الجرحى والمعطوبين لا يزال معتقل موران بمنطقة بوغار بولاية المدية، شاهدا على جرائم الجيش الفرنسي وأساليب التعذيب البشعة التي استخدمها ضد جنود جيش التحرير الوطني من الجرحى والمعطوبين الأسرى لديه، كما لا تزال صور هذا المعتقل شاهدة على هذه الصفحات المظلمة من تاريخ هذا المستعمر، حيث وصل عدد المعتقلين في هذا المركز إلى حوالي 900 معتقل من الأسرى الثوار الجرحى، الذين مارس عليهم الجيش الفرنسي مختلف أساليب التعذيب، كما أن العديد منهم توفي تحت وطأة التعذيب الوحشي. وحسب البطاقة الفنية لهذا المعتقل، فإنه كان من أكبر المعتقلات الفرنسية التي تفنن فيها الجيش الفرنسي في ارتكاب مجازر ضد الإنسانية، و يستمد هذا المعتقل تسميته من اسم الجنرال موران وهو أحد ضباط نابليون الأول في حرب البروس في القرن التاسع عشر. هذا المعتقل كان موجودا قبل الحرب العالمية الثانية، حيث كان يستغله الجيش الفرنسي لسجن أسرى إيطاليين بين 1942 و1945، وأعيد فتحه من جديد إبان ثورة التحرير لسجن المشتبه فيهم، ليحول بعدها لسجن جنود جيش التحرير الوطني المقبوض عليهم من الأسرى والمعطوبين الذين مورست عليهم أبشع أساليب التعذيب، و العديد منهم توفي تحت وطأة التعذيب البشع التي تفنن فيها قائد المعقل النقيب صماريو ونائبه ديرو والملازمين بالفيل و فور، الذين لم يراعوا حالات الجرحى والمعطوبين من المجاهدين الأسرى لديهم، وذلك وفق شهادات عدة مجاهدين ضاقوا مرارة التعذيب ومنهم المجاهد بوعلام بن حمودة، بلقاسم متيجي، بوعلام بوكتاب وغيرهم، كما أن القمع ازداد شراسة بوصول فرقة من اللفيف الأجنبي إلى المعتقل، حيث وصل الأمر إلى استشهاد العديد من المجاهدين الأسرى، تحت التعذيب ومن بينهم الشهيد عبد القادر زقرار ومصطفى خالد ومعمر سنوسي. من جانب آخر اختارت الإدارة الفرنسية منطقة بوغار لوضع هذا المعتقل لأهميته الإستراتيجية بالمنطقة، و بعد توقيع الأمير عبد القادر الجزائري لمعاهدة التافنة مع الفرنسيين والتي تضمنت في بنودها منع قوات المحتل من دخول أرياف التيطري، وجعلها خاضعة لسلطة الأمير عبد القادر، أمر الأمير أحد أتباعه وهو الشيخ البركاني ببناء حصن منيع في شهر جويلة1839 بالمنطقة المسماة بوغار، مستغلا ارتفاعها عن سطح البحر الذي يتراوح ما بين 900 و1000متر، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الممتاز كونها تعتبر بوابة الصحراء لمراقبة تحركات القبائل الصحراوية في تنقلاتها من و إلى المناطق الشمالية . لهذا فإن الموقع الجغرافي الاستراتجي لمنطقة بوغار، جعلها محل أطماع الفرنسيين الذين ما إن انتهت معاهدة التافنة بإعلان الأمير عبد القادر الجهاد في خريف 1839، حتى شنوا الحملة تلو الأخرى عليها، محاولين السيطرة على هذا الموقع الاستراتجي، غير أن الشيخ البركاني وأتباعه وقفوا الند للند وصدوا جميع تلك المحاولات إلى غاية 23 ماي 1841، حين نجح الجنرال بارقاي ديليهين في احتلال المنطقة وإخضاعها لسيطرته. و بغرض منع الشيخ البركاني وأتباعه من استعادة السيطرة على المنطقة، قرر الجنرال بارقاي إقامة قاعدة حياة فيها، ضمت مستشفى وثكنة وغيرها من المرافق الحياتية التي تسمح باستقرار الفوج 35 فيها، كما اتخذها نقطة انطلاق لعدة حملات عسكرية اتجاه الجنوب . أما بعد الاستقلال فقد تم تحويل المنطقة إلى مركز للتدريب على السلاح، ثم مركز لتدريب المغاوير و هي اليوم عبارة عن مدرسة لتكوين المغاوير والتدريب المظلي يتخرج منها سنويا مئات المقاتلين من وحدات الجيش الشعبي الوطني.