ترميم الآثار العثمانية بوهران بمساهمة تركية أبرمت يوم الخميس المنصرم جامعة وهران ومجمع الحديد والصلب التركي، اتفاقية تهدف إلى تكفل هذا الأخير بترميم قصر الباي ومسجد الباشا المتواجدين بالحي العتيق سيدي الهواري، في إطار تبرع من المجمع التركي، وهذا بعد موافقة الدولة الجزائرية على المشروع الذي يندرج في إطار برنامج إعادة الاعتبار للمعالم التاريخية بالولاية. أشرف يوم الخميس المنصرم والي وهران وسفير تركيابالجزائر، على مراسيم إبرام اتفاقية ترميم المعلمين الأثريين قصر الباي ومسجد الباشا من طرف مجمع توسيالي للحديد والصلب، وهو مجمع تركي متواجد بالمنطقة الصناعية بطيوة في وهران، قرر تقديم تبرعات لتجسيد عملية الترميم، على غرار تبرعاته من أجل إنجاز عدة منشآت بالولاية، مثل مسجد الأمير عبد القادر بحي فلاوسن وجسور للراجلين بواجهة البحر وغيرها. وستدوم أشغال الترميم، حسب تصريحات المعنيين خلال مراسيم التوقيع على الاتفاقية، سنة كاملة، على أن يتحول المعلمان إلى مسار سياحي مهم بالولاية، تحسبا لاحتضانها الألعاب المتوسطية في 2021، و سيرافق مهندسون جزائريون مسار عمليات الترميم التي تشرف عليها وزارة الثقافة. جدير بالذكر أن قصر الباي بوهران عبارة عن معلم تاريخي أثري يعود تاريخ بنائه إلى القرن 18ميلادي من طرف محمد باي الكبير بن عثمان، بحي سيدي الهواري، حيث جعله الباي مقرا لبايلك الغرب، و ينقسم إلى عدة فروع، منها الديوان، جناح المفضلة، الحرم، برجين، ثكنة قديمة يبدو أنها تعود إلى العهد الإسباني، كانت تستعمل إسطبلا للخيول في العهد العثماني. حين نتجول بين جدران القصر، سواء التي طالها الإهمال أو التي لا تزال تقاوم الزمن، نسافر مباشرة عبر التاريخ ونعود إلى حقبة زمنية نستشف نظام حكمها من بقايا القصر المطل مباشرة على البحر بالقرب من المرسى الكبير الذي كان نافذة الأتراك على وهران، من القصر كان الباي بن عثمان يراقب حركة الملاحة ويترقب غزوات الإسبان، حيث يلف القصر سور كبير، لا تزال حجارته الضخمة تصارع من أجل البقاء وكانت زوايا السور مزودة بأبراج مراقبة. وبعد التجول في فناء شاسع، يبدو أنه كان حلبة لتدريب الجند، نجد أقواسا وكأنها تغطي أبوابا صغيرة، إنها الزنزانات الصخرية التي كان يزج الأتراك بها الأسرى، خاصة من الغزاة. وتتوسط القصر ساحة كبيرة على شكل حديقة، لا تزال تحمل شواهد كثيرة عن تلك الحقبة، ويقال أنها كانت تجمع الحاكم بالجواري عند فترة الاستراحة. ولعل أهم عامل ساهم بشكل كبير في تدهور وضعية القصر، هو الإهمال و اقتحام أكثر من 40 عائلة لجزء كبير من بعض المخادع الموجودة بالقصر، واتخاذها سكنات على مدار سنوات طويلة، ومنذ تركيز السلطات إتمامها على القصر، بدأت إجراءات ترحيل تلك العائلات إلى سكنات أخرى، لكن الخطر الأكبر هو فندق شاطوناف المحاذي للقصر، والذي لا يزال هيكلا منذ 40 سنة على بداية إنجازه، والسبب هو إضراره ببعض جوانب القصر أثناء أشغال الإنجاز، واليوم وجدت السلطات نفسها أمام وضع صعب جدا، يتمثل في كون أي أشغال بهيكل الفندق، تسبب أضرارا أكبر للقصر لقربهما من بعضهما، وهي الوضعية التي تشرف شركة تركية على إيجاد حل لها، يسمح باستغلال مقر الفندق كمقر لبلدية وهران و الحفاظ على قصر الباي. أما مسجد حسن باشا الذي يوجد بمحاذاة ضريح الولي الصالح سيدي الهواري، فقد بدأت أشغال ترميمه منذ 2005 ، لإنقاذه من الاندثار، خاصة و أن سكان سيدي الهواري كانوا يصلون فيه ويتنفسون من خلاله عبق التاريخ و التراث، وهم الذين طالبوا وثاروا من أجل ترميمه وقد تكفلت شركة أجنبية بترميمه، لكن توقفت الأشغال على أساس أن المسجد به زخرفة وبناية مميزة يصعب التعامل معها، و يبدو أن تكفل الأتراك بالعملية، سيعيد للمسجد بريقه، كونهم يعرفون هذه المعالم. للتذكير، فقد أنجز مسجد حسن باشا سنة 1797م من قبل الباي محمد الكبير كذلك، بأمر من بابا حسن، باشا الجزائر العاصمة.