الدور الجزائري ضروري ومطلوب لحل الأزمة الخليجية أطراف دولية تريد تأجيج الوضع في الخليج اعتبر المحلل السياسي الدكتور لزهر ماروك، أن الوساطة الجزائرية ضرورية ومطلوبة لحل الأزمة الخليجية، سواء بطلب من الدول المعنية أو أن تتحرك بمفردها، موضحا أن الجزائر وقفت موقفا محايدا يخدم كل الأطراف وحافظت على استقلالية قرارها، وهي تملك هامشا من التحرك من أجل إقناع الأشقاء في الخليج لتجاوز الخلافات، كما أن رؤيتها واضحة وهي ضرورة استغلال كل الفرص التي يمنحها الحوار، وقال في حوار مع النصر، أمس، أن الجزائر تعول كثيرا على وزنها ومكانتها وعلاقاتها مع دول الخليج من أجل إقناع كل الأطراف بالتراجع عن الخطوات السلبية التي تم اتخاذها . النصر : الجزائر استقبلت مبعوثين من قطروالإمارات، على خلفية الأزمة في الخليج ، ما ذا تقولون بشأن الدور الذي تلعبه الجزائر لتسوية النزاع الخليجي؟ لزهر ماروك : لابد بداية أن نتكلم عن طبيعة الأزمة التي تعصف اليوم بمنطقة الخليج العربي، هذه أول مرة في تاريخ الخليج يتم فيه قطع علاقات دول من مجلس التعاون الخليجي مع دولة قطر التي تعتبر عضوا في المجلس، بالتالي الأزمة معقدة ومركبة وتعبر على المستوى الذي وصل إليه مجلس التعاون الخليجي من الجمود والتراجع والتقهقر، و جاءت على خلفيات سياسية وأمنية وهناك تحاليل تقول أن هذه الخطوة لم تكن لتحدث لولا وجود ضوء أخضر أمريكي لهذه الدول الخليجية لمعاقبة قطر، أنا اعتقد أن الأزمة حساسة وخطيرة وبالتالي التحرك لإيجاد حلول دبلوماسية لها يحتاج إلى قدر كبير من الروية والتشاور حتى يحقق التحرك نتائج إيجابية، وبالنسبة لموقف الجزائر، فقد أصدرت وزارة الخارجية بيانا بعد حدوث الأزمة، وهذا البيان تضمن العناصر الأساسية للموقف الجزائري، وهو ضرورة الحوار بين الدول لحل المشاكل، بعيدا عن أسلوب قطع العلاقات والعقوبات الاقتصادية، وبالتالي الجزائر لم تنخرط في قطع العلاقات مع قطر وحافظت على استقلالية قرارها ولديها رؤية خاصة، باعتبار أن مثل هذه الخطوات كقطع العلاقات وفرض الحصار البري والجوي، لا تعطي أي نتيجة بل بالعكس ستكون نتائجها سلبية على وحدة صف دول مجلس التعاون الخليجي، وستكون لها أيضا ترسبات خطيرة بين شعوب المنطقة، على اعتبار أن القرار جاء في وقت حساس جدا وهو شهر رمضان، على الرغم مما يحمله هذا الشهر من رمزية كبيرة عند المسلمين في العالم، لكن رغم ذلك دول الخليج سارعت إلى اتخاذ قرارات خطيرة وغير مسبوقة في تاريخ العلاقات الخليجية، و أعتقد أن الجزائر لم تنخرط في هذا الحصار وقطع العلاقات وهي تملك هامشا من التحرك من أجل إقناع الأشقاء في الخليج لتجاوز هذه الخلافات ومحاولة رأب صدع مجلس التعاون الخليجي، و الموقف الجزائر لم ينحصر في إصدار بيان للخارجية، أيضا الجزائر استقبلت شخصيات من الإماراتوقطر، وطبعا هذه الزيارات تعكس موقف الجزائر في تصورها لحل الأزمة، رغم أن هناك قوى كبرى وإقليمية تحركت بقوة لإيجاد حلول للأزمة، كما هو الشأن لتحرك تركيا وفرنسا والكويت، والجزائر عندما استقبلت هذه الشخصيات الخليجية كانت رؤيتها واضحة وهو ضرورة استنفاذ الفرص التي يمنحها الحوار من أجل تجاوز هذه الخلافات وإذا كانت هناك انشغالات من بعض دول الخليج من الجارة قطر، فلابد من طرح كل هذه القضايا على طاولة الحوار وإيجاد الحلول المناسبة لها بعيدا عن معاقبة الشعب القطري. النصر : هل تتحرك الجزائر من خلال الوساطة بين أطراف النزاع لتسوية النزاع في الخليج؟ لزهر ماروك : الآن الجزائر تعول كثيرا على وزنها ومكانتها وعلاقاتها مع دول الخليج وخاصة مع الكويت وسلطنة عمان، من أجل إقناع كل الأطراف بالتراجع عن هذه الخطوات السلبية التي تم اتخاذها و التي تضر بالعلاقات الخليجية - الخليجية ووحدة الخليج، خاصة أن هناك تحديات خطيرة تواجه المنطقة لابد من التفرغ لمواجهتها بدل الدخول في صراعات بينية تضعف وحدة هذه الدول، وزيارات شخصيات خليجية من قطروالإمارات إلى الجزائر وكذا الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف اليوم، تبين أن دور الجزائر مطلوب في الخليج ، يعني أن دول الخليج ستطلب من الجزائر التحرك من أجل استخدام كل ما تملكه من أوراق وعلاقات جيدة مع دول الخليج وخاصة مع قطر والسعودية لحل هذه الأزمة التي تهدد كل وحدة الخليج العربي ، فالوساطة الجزائرية اعتقد أنها ضرورية ومطلوبة سواء بطلب من الدول المعنية بهذه الأزمة أو أنه على الجزائر أن تتحرك بمفردها من أجل إقناع دول المنطقة وبعض الأطراف الإقليمية والدولية من أجل الإسراع في حل النزاع. النصر : وزير الدولة للشؤون الخارجية لدولة قطر، كان قد أشاد بالموقف المشرف للجزائر من أزمة بلاده مع جيرانها في منطقة دول الخليج، ما ذا تقولون في هذا الشأن؟ لزهر ماروك : الموقف الجزائري هو موقف مشرف وهو لا يسير مع أي من الأطراف، الجزائر بعدم قطع علاقاتها مع قطر، هذا لا يعني أنها ضد السعودية أو ضد الدول الأخرى، بل بالعكس وقفت موقفا محايدا يخدم كل الأطراف، الجزائر في سياستها الخارجية دائما ترفض منطق وسياسة التحالفات مع طرف ضد طرف آخر، فهي تريد من كل الأطراف أن تلتئم على طاولة المفاوضات وتطرح كل الانشغالات وإيجاد الحلول السياسية لكل القضايا المطروحة بين هذه الدول، وبالتالي من حق قطر أن تشيد بموقف الجزائر، لأننا نحن لا ننخرط في سياسات عزل الدول العربية أو ضربها أو شنّ الحروب عليها أو مقاطعتها السياسية والاقتصادية وهذه كلها سياسات ستكون لها نتائج سلبية وستخلق الكثير من الكراهية بين الشعوب . النصر : ماهي توقعاتكم حول مآلات هذا النزاع الخليجي، وماذا بشأن التداعيات على المنطقة؟ لزهر ماروك : الأزمة خطيرة جدا ولأول مرة في تاريخ منطقة الخليج تقدم دول خليجية على مثل هذه الخطوات الفجائية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، واعتقد أنها ليست أزمة سهلة، وواضح أنها دخلت فيها أطراف دولية تريد تأجيج الوضع في الخليج، حتى تستطيع أن تحقق مكاسب اقتصادية وأمنية، من خلال صفقات التسليح بالمليارات وإشاعة الخوف في المنطقة، وبالتالي إعطاء مبرر لوجودها في المنطقة بدعوى حماية أمن هذه الدول، اعتقد أن هذه الأزمة، التي تتحكم فيها ليس دول الخليج وإنما أطراف خارج من منطقة الخليج، بطريقة تدر عليهم الأموال والفوائد، وهو ما يشكل إضعافا كبيرا للدول الخليجية على الساحة الدولية، وبالتالي اعتقد أن الأزمة قد تطول ومن الصعب تصور حل لها في وقت سريع، خاصة وأن هناك أطرافا دولية تريد استمرارها وقد كانت بضوء أمريكي واضح، والرئيس ترامب لم يخف ذلك وقال صراحة أنه طالب بمعاقبة قطر، و قد تحركت الدبلوماسية القطرية للخروج بمكاسب من هذه الأزمة و قد تتنازل وقد تلبي بعض المطالب، لكن لن تتراجع عن خط السياسة الخارجية المتبع وقد استخدمت الكثير من الأوراق وعلاقاتها مع إيرانوتركيا وبعض القوى من أجل فك الحصار الخليجي عليها.