آلان جوبي في زيارة "الاستدراك" للجزائر شرع وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبي مساء أمس في زيارة إلى الجزائر، تعد الأولى من نوعها لرئيس دبلوماسية فرنسي منذ 2008 .وخلال هذه الزيارة التي تدوم يومين سيجري جوبي محادثات مع الوزير الأول أحمد أويحيى، ووزير الخارجية مراد مدلسي تتناول مختلف الملفات المرتبطة بالجانبين السياسي و الاقتصادي في العلاقات الثنائية بين البلدين، التي عرفت مرحلة فتور كرسه بشكل خاص التعاطي السلبي لباريس مع ملف الذاكرة عبر محاولاتها المتكررة للقفز على الحقائق التاريخية لماضيها الاستعماري في الجزائر.و كان هذا الموقف مصدر تشنج و توتر لأكثر من خمس سنوات في مسار العلاقات بين البلدين. و تأتي زيارة جوبي قي الوقت الذي تسعى فيه باريس إلى انتهاج مقاربة لرأب الصدع في علاقاتها السياسية مع الجزائر بالدعوة إلى النظر للمستقبل و التركيز أكثر على تفعيل الحركية الاقتصادية التي بدأت تظهر في علاقات البلدين منذ الأشهر الأخيرة. و اتضحت معالم هذه المقاربة في تصريحات كاتب الدولة الفرنسي للتجارة الخارجية بيار لولوش على هامش منتدى الشراكة الجزائري الفرنسي المنعقد أواخر ماي بالعاصمة، و التي قال فيها أن "العلاقات الجزائرية- الفرنسية لم تأخذ منحى واحدا، ويخطئ تماما من ينظر اليوم إلى الوراء في المرآة العاكسة ويعود إلى تاريخ تلك العلاقات و إلى الماضي الاستعماري المؤلم ". و أثارت هذه التصريحات استياء في الجزائر، و في أحد تصريحاته الصحفية قال وزير الصناعة و المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و الاستثمار محمد بن مرادي أن الجزائريين لا ينسون، في إشارة إلى الحقبة الاستعمارية.و ترغب فرنسا في تعزيز حضورها الاقتصادي في السوق الوطنية، و أخذ نصيبها من الاستثمارات العمومية الضخمة و غير المسبوقة للبرنامج الخماسي الحالي، و دعم موقعها أمام المنافسة الأجنبية.و حملت الحركية الاقتصادية التي استمدت دفعا جديدا من نتائج منتدى الشراكة الأخير مؤشرات انفراج حذر في علاقات البلدين،حيث تم التوقيع على اتفاقين بين شركة التامين الفرنسية أكسا وبنك الجزائر الخارجي و مجمع الزجاج الفرنسي سان غوبان مع المؤسسة الجزائرية ألفير،مع تحقيق تقدم في ملف مصنع رونو الذي سيقام بالجزائر. و خلال هذه الزيارة سيعيد الطرف الجزائري طرح المشاكل المرتبطة بمنح التأشيرة و تنقل الرعايا، خاصة بعد أن كان المسؤولون الفرنسيون قد وعدوا غير ما مرة بإضفاء مرونة أكثر في دراسة ملفات طلبات الفيزا، و تخفيف إجراءات منحها. المحادثات التي سيجريها جوبي مع المسؤولين الجزائريين ستتناول أيضا العديد من القضايا الإقليمية و الدولية الراهنة و على رأسها الأزمة الليبية و إفرازاتها السلبية على بلدان الجوار و منطقة الساحل ككل لاسيما بعد ثبوت تهريب كميات من الأسلحة من ليبيا و انتهائها إلى أيدي الجماعات الإرهابية التي تنشط بالمنطقة.فالجزائر التي ترفض التدخل العسكري في ليبيا، و ما زالت ترافع من أجل تسوية سلمية للأزمة، تختلف مع باريس التي قادت التدخل العسكري في هذا البلد، و ما زالت طائراتها تواصل ضرباتها بالتراب الليبي.كما لا تتفق الجزائر مع باريس في الأسلوب الذي تتعاطى به مع القضية الصحراوية من خلال دعمها المستمر للموقف المغربي المتعنت الرافض لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره طبقا للوائح الأممية، رغم أن المسألة الصحراوية مثلما أكدت الجزائر في العديد من المرات قضية تصفية استعمار. و تختلف الجزائر أيضا مع فرنسا في التعامل الأحادي لهذه الأخيرة مع قضايا اختطاف الرهائن في منطقة الساحل،و هو موقف شجع الجماعات الإرهابية على مواصلة مطالبتها بدفع الفدية مقابل الإفراج عن الرهائن المحتجزين لديها.و سيتناول جوبي أيضا مع الطرف الجزائري مسألة الإتحاد من أجل المتوسط، و الوضع الراهن في الشرق الأوسط. و يبقى السؤال المطروح هو هل ينجح رئيس الدبلوماسية الفرنسية في إحراز تقدم في الجانب المتعلق بالمسائل الخلافية أم أن زيارته ستكون فرصة ضائعة أخرى في مسار العلاقات بين البلدين. للإشارة، فإن الناطق باسم الكي دورسي كان قد نوه أول أمس في تصريح له بالأهمية التي تكتسيها هذه الزيارة على المستوى السياسي. و قال أن الزيارة على المستوى السياسي، من شانها تكريس تعميق العلاقات الثنائية، و هو تحسن تم لمسه منذ سنة. كما أن هذه الزيارة ستسمح حسب ذات التصريح بتحقيق تقدم بشأن الملفات الاستراتيجية على المستوى المغاربي، وتلك المتعلقة بأمن منطقة الساحل الإفريقي و الشرق الأوسط ". و أضاف التصريح أن توطد العلاقات بين البلدين أصبح ملموسا أيضا على المستوى الاقتصادي ، بفضل نجاح المهمة التي أسندها الرئيس نيكولا ساركوزي إلى جان بيار رافاران، الذي استطاع منذ سبتمبر بمساعدة نظيره الجزائري، محمد بن مرادي وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاستثمار التقدم في العديد من الملفات.