دعوة لمواكبة المتاحف للتكنولوجيا و إشراك الشباب في الترويج للإرث الثقافي دعا أمس مختصون في الإعلام و الهندسة خلال يوم دراسي حول التراث الثقافي و آليات نشره بين الأطفال و الشباب في ظل التكنولوجيات الحديثة نظم بقصر أحمد باي بقسنطينة، إلى مواكبة المؤسسات الثقافية للتكنولوجيا و توفير أجهزة و برمجيات تساعد في توفير المعلومات للزائر، و قالوا بأن المواطن القسنطيني غالبا ما يقدم صورا سلبية للسياح حول الموروث الثقافي، استنادا إلى دراسات ميدانية قاموا بها، مشددين على أهمية الإرث الثقافي بالنسبة للشباب ، ليتحولوا إلى فاعلين أساسيين في مجال التعريف و الترويج له عبر مواقع التواصل و يحققون الأهداف المنشودة. الدكتور نصر الدين بوزيان في مداخلته حول نشر التراث الثقافي في الأوساط الشبابية ، أكد بأن حضور التراث الثقافي في الوسائط التكونولوجية جد ضعيف من ناحية الكمية و كذا النوعية، حيث لا يستغل رواد المواقع هذه التكنولوجيات في الترويج لكل ما هو ثقافي، موضحا بأن هذا الغياب الثقافي يجعلنا لا نستفيد من التكنولوجيات الحديثة و فرص النشر و التثمين و إقناع الآخر بتراثنا ، فكثير من القيم التي تعتبر مهمة في مجتمعنا، بدأنا نفقدها بمرور الوقت ، و هذ الضعف ستكون له تبعات أخرى، على حد قوله. المتحدث قال بأن المواطن الجزائري لا يساهم في الترويج للإرث الثقافي، و إنما يقوم بعكس ذلك، فيروج في بعض الأحيان لصور سلبية عن المعالم الثقافية لمدينته، كما استخلص من دراسة أجراها خلال تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية سنة 2015 ، كانت موجهة للسياح، حيث اكتشف بأن القسنطيني يعد «عاملا سلبيا» و يقدم صورا ذهنية سلبية للسياح حول الموروث الثقافي ، حيث لاحظ بأن السائح عندما يرغب في زيارة موقع ما ، و يطلب مساعدة مواطن ، يقدم له صورة سلبية عن المكان و ينصحه بعدم زيارته ، كأن يقول له «لا تزور نصب الموتى فهو مكان غير آمن تكثر فيه الاعتداءات». المواطن القسنطيني يقدم صورة سلبية عن الموروث الثقافي استدل المتحدث بأمثلة و حجج جمعها خلال دراسته الميدانية ، قائلا بأنه كان مرافقا لوفد سياحي في إطار الدراسة التي قام بإجرائها و كان السائح الأجنبي منبهرا بالصخر العتيق و طريقة ربط الضفتين بجسور معلقة، غير أن أحد الأشخاص نبهه للنفايات المرمية بالأسفل، بالقول بأن المواطنين لا يحترمون نظافة المكان و يلقون القمامة من أعلى الجسر و غير ذلك ، مؤكدا ضرورة أن يكون المواطن ناقلا لصور إيجابية عن إرثنا الثقافي للحفاظ عليه و ترقيته. محدثنا قال بأن الترويج لهذا الإرث لم يعد مرتبطا بالمؤسسات المعنية، و إنما بمبادرين آخرين، سواء أشخاص أو جمعيات قادرة على إيصال هذا التراث الثقافي ، لإبراز أهميته خاصة لدى الشباب و إقناعهم بذلك ، ليتحول هو الآخر إلى فاعل أساسي في أداء المهمة، و تحقيق بذلك جملة من الأهداف. من جهته قال البروفيسور فوضيل دليو، أستاذ و عميد سابق لكلية علوم الإعلام و الاتصال بجامعة صالح بوبنيدر ، في مداخلة بعنوان «آليات نشر التراث الثقافي بين الشباب في ظل التكنولوجيات الحديثة» ، بأن التوجه الجديد لاستعمال التكنولوجيات الحديثة ، مرتبط أساسا بالمواقع الإلكترونية الخاصة بالمتاحف، و شبكات التواصل الاجتماعي كتويتر و فايسبوك و غيرهما، و كذا التدوين الصوتي المتمثل في البودكست ، و من شأنها أن تساهم في نشر التراث الثقافي، إلى جانب البرمجيات و تطبيقات التواصل عن قرب ، التي من المفروض أن تتوفر على مستوى المتاحف و المؤسسات الثقافية . المتدخل شدد على ضرورة توفير هذه التكنولوجيات و تزويد المتاحف بأجهزة حديثة، تجعل مظهرها جذابا، كما تختصر على الزائر الجهد و الوقت، و تجعله في غنى عن الدليل السياحي ، موضحا بأن استعمال هذه التكنولوجيات، يتطلب تحكم الطرفين المتحف و الجمهور في التكنولوجيا ، و دعا إلى توفير هذه التكنولوجيات لتحقيق التفاعل و بلوغ الأهداف المسطرة . في حين تطرقت الدكتورة هاجر سلمانة من كلية الهندسة و التعمير إلى موضوع التصور الافتراضي للمتاحف عبر الواب ، و مدى مساهمة المواقع التي توثق لزيارات افتراضية للمعلم الثقافي في جذب اهتمام الجمهور، خاصة الأطفال و الشباب، نظرا للاستعمال الكبير للتكنولوجيات الحديثة من قبلهم، كما أنها تساهم في استقطاب السياح الأجانب، خاصة عند تصويرها بتقنيات عالية تبرز جمالياتها. للإشارة فإن اليوم الدراسي نظم على هامش الطبعة الثانية لتظاهرة جسور التواصل لتراث الحواضر، التي انطلقت يوم الاثنين الماضي بقصر أحمد باي، و تتواصل إلى غاية يوم غد الخميس، و قد عالجت موضوع الطفل و كيفية إشراكه في نقل التراث الثقافي، حيث تم تنظيم معرض شارك فيه عارضون من بعض ولايات الوطن، كتلمسان ، المدية و خنشلة و غيرها ، يمثلون مؤسساتهم المتحفية و الثقافية. كما تم تنظيم خرجات سياحية لمعالم أثرية و ورشات للأطفال ، هدفها التعريف بالموروث الثقافي ، و قد استحسن المشاركون هذه التظاهرة و أشادوا بدورها الكبير في مد جسور التواصل بين المؤسسات الثقافية الموزعة عبر كامل التراب الوطني . أسماء بوقرن