الفضاء الأدبي لمدينة جيجل يحتضن المجاهدة يامينة شراد بن ناصر احتضنت، أمس، المكتبة البلدية عبد الباقي صالح، جلسة تاريخية، تخللها بيع بالتوقيع لمذكرات المجاهدة يامينة شراد بن ناصر " ست سنوات في الجبل"، فعادت المجاهدة بالحضور إلى مراحل بعيدة من التاريخ الجزائري العريق. المؤلف عبارة عن مذكرات كفاح امرأة جزائرية، عاشت جزءا من مقاومتها للمستدمر الفرنسي بجبال جيجل، إلى غاية الاستقلال، ويعتبر المؤلف من بين الكتابات النسوية التي تؤرخ للثورة التحريرية، و قد ساعد المستوى التعليمي المجاهدة يامنة شراد بن ناصر كثيرا في كتابة مذكراتها. و قالت المجاهدة للنصر، على هامش تقديم العمل و جلسة البيع بالتوقيع، بأنها لم تتأخر في كتابة مذكراتها، كما يعتقد الكثيرون، بل أنه من الصعب تخليد لحظات من الزمن الثوري، و سرد وقائعها بشكل دقيق و مفصل متعب جدا، مشيرة إلى أنها أخذت وقتا طويلا لترتاح فيه، و أضافت بأنها كتبت كل حرف بالدم الطاهر للشهداء الذين عاشوا معها تلك اللحظات. و أكدت المتحدثة بأن عدم اهتمام الجيل الحالي بالثورة، جعلها تحاول أن تعطي له دروسا من تجربتها في الجهاد كشابة و أم و ممرضة، حتى يتسنى له معرفة ما صنعه آباؤه و أجداده لنيل الحرية. و تحدثت المجاهدة يامينة في مداخلتها أمام الحضور عن محطات عديدة في مسارها ، وعن بطولات المرأة الريفية، التي قدمت الدعم الكامل للثورة، فبالرغم من أنها لم تحمل السلاح، إلا أنها كانت خير عون للمجاهدات في تلك الفترة. و سلطت الكاتبة الضوء مطولا على حياتها ، و ذكرت بأنها من مواليد ولاية سطيف، و خضعت لتكوين في التمريض بمدرسة كان يديرها الدكتور سماتي، وفي سنة 1953 تحصّلت على شهادة ممرضة وتأثرت كثيرا بما كانت تشاهده من بشاعة جرائم المستعمر و تسليطه مختلف أشكال التعذيب و التنكيل على أبناء وطنها، لأن منزل والدها، كان يقع قرب ثكنة عسكرية . و أضافت بأنها حضرت اشتباكا بين الجيش الفرنسي و المجاهدين و كادت رصاصة أن تصيبها، فقررت في 1957أن تلتحق بإخوتها في الجبل. و تحدثت المجاهدة عن محطات ذكرتها في كتابها، على غرار تفاصيل التنقل، والعمل العسكري من أجل الإفلات من الجيش الفرنسي، و قالت بأن المستعمر كان شرسا لدرجة كبيرة، و حاول اختراق صفوف الثوار و حبك مؤامرات لهم ، و قد وجدت نفسها في قلب مؤامرة، في شهر أفريل 1958 بمنطقة بوعيرور، و قالت المجاهدة بأنها تفاجأت بجنديين يوقظانها من النوم، و بدآ في طرح مجموعة من الأسئلة حول جهاز الراديو الذي تخفيه، ثم اقتيدت إلى التحقيق بتهمة التواطؤ و إخفاء جهاز الراديو الذي يستعمل للاتصال بالمجاهدين، و تمت محاكمتها كالمتهم الرئيسي في القضية، لكن اعترافات بعض الحاضرين برأتها هي و مجاهدين من تهمة الخيانة. و عرجت المتحدثة إلى حادثة استضافتها من طرف عائلة خلاف بمدينة جيجل أثناء فترة وضع مولودها"سعيد"، و ما تعرضت له العائلة من مخاطر تحملتها فقط لتوفر لها ظروفا جيدة للولادة، و بعد مدة ، عادت إلى الجبل حاملة مولودها معها لتعلم بأن زوجها استشهد في سنة 1961 بمدينة قسنطينة. الحاضرون في الجلسة الأدبية المقامة من قبل فضاء منيع الثقافي، بالتنسيق مع مسؤولي المكتبة البلدية، طرحوا على المجاهدة العديد من الأسئلة حول مسارها النضالي، فكانت تجيب على أسئلتهم بصدر رحب و ذاكرة قوية تحتفظ بذكريات كفاح رفقائها المجاهدين، و كذا قسوة الظروف التي عاشوها. و من المنتظر خلال الأيام القليلة المقبلة عرض فيلم وثائقي حول مشوارها الثوري، من إعداد ابن جيجل، عادل بن الشريف.