شهدت الجزائر أمس، و للجمعة السادسة على التوالي، مسيرات سلمية حاشدة ، للمطالبة بالتغيير الشامل والجذري للنظام و بالإصلاحات العميقة واحترام الدستور وإرادة الشعب الجزائري ومحاربة الفساد و رفض التدخل الأجنبي، كما اعتبر المتظاهرون تطبيق المادة 102 غير كاف. شهدت الجمعة السادسة من الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير الماضي ، مسيرات حاشدة في العاصمة وفي مختلف ولايات الوطن ، حيث جابت الساحات والشوارع و الطرق الرئيسية في أجواء هادئة وحضارية . وشارك في المظاهرات، الشباب والنساء و عائلات بأكملها وأطفال وشيوخ وجميع فئات ومكونات المجتمع ، على غرار الأسابيع الماضية ، ورفع المتظاهرون الذين توافدوا على الساحات منذ صبيحة أمس، العديد من الشعارات الداعية لتغيير النظام الحالي بشكل جذري، فيما نوهوا بالجيش الوطني الشعبي وبدوره في الحفاظ على استقرار الجزائر وحماية الوحدة الوطنية و رددوا عدة شعارات ومنها «الشعب، الجيش خاوة خاوة». وبرزت خلال هذه المظاهرات السلمية، كما جرى في السابق العديد من السلوكيات الحضارية التي تبين الأخلاق العالية للشعب الجزائري، وكذا صور ومظاهر التضامن بين الجزائريين و تطوع بعض المواطنين لتنظيف الشوارع بعد نهاية المظاهرات وهي الأجواء التي لا تزال تبهر مختلف الدول، سيما مع نجاح هذه المسيرات في تحقيق بعض المطالب المرفوعة. فبالعاصمة بدأت المجموعات الأولى من المتظاهرين تتوافد منذ الصبيحة باتجاه ساحتي البريد المركزي وموريس أودان، حيث تجمعوا هناك رافعين الراية الوطنية ومرددين شعارات تطالب ب»التغيير الجذري والشامل للنظام» و»بناء دولة الحق والقانون» «تطبيق أحكام الدستور» و كذا «احترام إرادة الشعب» و»محاربة الفساد»،و تطبيق المادة 102 غير كاف، بالإضافة الى «رفض التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي للبلاد،» كما أشادوا بالجيش الوطني الشعبي وبدوره في الحفاظ على استقرار البلاد وحماية ترابها ووحدتها الوطنية، وعرفت المظاهرات في العاصمة، حضور مميز لمتقاعدي ومعطوبي الجيش الوطني الشعبي الذين رددوا هتافات حماسية وأناشيد بتلقائية وحماسة. وعلى غرار المسيرات السابقة في العاصمة، سارت حشود بشرية عبر العديد من الشوارع والساحات، على غرار ساحة أول ماي، شارع حسيبة بن بوعلي، نهج باستور، مرورا بالنفق الجامعي وساحة موريس أودان، حيث تمسك الحاضرون بمطالب التغيير الشامل، وضرورة رحيل النظام الحالي مع جميع وجوهه وتحقيق مطالب الشعب المرفوعة وتجسيد طموحات الجزائريين الرامية لبناء جمهورية جديدة وإحداث القطيعة مع ممارسات الماضي. ومن جهتها شهدت ولاية البليدة ، أمس، مسيرات ضخمة للجمعة السادسة على التوالي ، بحيث خرجت مسيرة حاشدة من ساحة الحرية وسط مدينة البليدة نحو شارع العربي تبسي مرورا بمقر الولاية، وردد المتظاهرون شعارات رافضة لتطبيق المادة 102من الدستور في هذا الوقت، إلى جانب شعارات تطالب برحيل كل أفراد النظام، وفي نفس الإطار خرجت مسيرة ثانية ضخمة بمدينة بوفاريك ترفع نفس الشعارات. وفي بومرداس، خرج الآلاف من مواطني الولاية ، أمس عقب صلاة الجمعة، في مسيرات حاشدة مست أغلب بلديات الولاية، في متابعة للحراك الشعبي المتواصل للمطالبة بالتغيير و رحيل المنظومة الحاكمة بأكملها. و سار الآلاف من مواطني الولاية في سادس جمعة على مستوى ولاية بومرداس، الناصرية، دلس، يسر، برج منايل، بودواو و خميس الخشنة، رافعين شعارات تطالب بالتغيير الجذري للنظام و كل عناصره، فيما ثمن الكثيرون عبر هتافاتهم مبادرة قائد أركان الجيش الشعبي الوطني القايد صالح الداعية لتطبيق المادة 102 من الدستور. وسار المتظاهرون بعد صلاة الجمعة في أجواء سلمية لم تخل من روح التآزر بتوفير مياه الشرب، و فتح مكتب لتقديم الإسعافات الأولية في حال تسجيل إغماءات أو أي حالات استعجالية في أوساط المتظاهرين، وشاركت الكثير من العائلات في هذه المسيرات، واجتمعت على صوت واحد، بينما تعالت هتافات الشباب بترديد شعار «الشعب، الجيش خاوة خاوة»، وسط زغاريد نسوة رفعن الراية الوطنية و هتفن «تحيا الجزائر حرة ديموقراطية». و كالعادة، وفي الوقت الذي تظاهر أغلب المواطنين بمقر إقامتهم عبر مختلف بلديات الولاية، فإن آخرين كانوا قد حجزوا أماكنهم في وقت مبكر من صبيحة أمس على مستوى ساحة البريد المركزي بالجزائر العاصمة و ساحة أول ماي، و شارع ديدوش مراد، خاصة بالنسبة للأفراد الذي تعودوا على المشاركة في كل جمعة منذ بداية الحراك. وفي ولاية تيزي وزو ، المواطنون في مسيرة سلمية، انطلقت من أمام جامعة مولود معمري (حسناوة) مباشرة بعد صلاة الجمعة، وجابت مختلف الشوارع الرئيسية لجرجرة وصولا إلى ساحة الزيتونة ومبارك آيت منقلات بوسط مدينة تيزي وزو، أين تجمهر الجميع بالقرب من النصب التذكاري المخلد لأسماء شهداء الولاية. ورفع المتظاهرون الأعلام الوطنية وصور شهداء الثورة التحريرية ، وشعارات تدعو إلى الوحدة بين الشعب الجزائري بمختلف مناطقهم على غرار «خاوة خاوة»، كما رفعوا شعارات أخرى تنادي بالتغيير والرحيل الفوري للنظام مثل و»الشعب فاق» و»المادة 102 قديمة» و»نريد جزائر جديدة» ، كما نادوا ببناء دولة القانون وغيرها من الشعارات الأخرى التي تطالب بالتغيير الشامل والجذري في البلاد. وبوهران ، اتسمت مسيرة الجمعة السادسة من عمر الحراك الشعبي بجدية المتظاهرين في طرح شعاراتهم وهتافاتهم، بعد الاستبعاد شبه الكلي للطبل و المزامير، حيث أشرفت بعض الأحزاب والتنظيمات على تأطير مناضليها وارسال رسائلها السياسية، منها المؤيدة ومنها المنتقدة لقرار تطبيق المادة 102 من الدستور، بينما ارتكزت شعارات باقي المتظاهرين على أن الجيش و الشعب يد واحدة، وهي اللافتة التي كانت طاغية على الباقي، إلى جانب لافتات المادة 102 التي اعتبرها البعض نجاح في منتصف طريق الحراك، مصرين على المواصلة في التظاهر لغاية تجسيد مطلب تغيير النظام والانتقال لجزائر حرة ديموقراطية. للتذكير، وعبر نفس المسار بوهران ساد الجو السلمي والتضامني خاصة بجمع أموال لبعض المرضى المستعصية حالاتهم والتي تتطلب نقلهم للخارج. م –ح / المراسلون