سجلت أسعار السيارات المستعملة ارتفاعا كبيرا بقسنطينة في ظرف 4 أسابيع، حيث يطالب الباعة بقيم مالية لا تقل في الغالب عن 120 مليون سنتيم، فيما يرفض الزبائن «الرضوخ» لها، في لعبة كر و فرّ جعلت عملية البيع تعرف ركودا، و هو ما لاحظناه بسوق الحامة الأشهر بالولاية و الذي استقطب هذه المرة المركبات التي تحمل ترقيم ولاية سطيف، بعد غلق المرفق الموجود بها منذ أشهر، ما جعل حجم العرض أكبر لكن دون أن يساهم ذلك في تراجع الأسعار. عند دخولنا لسوق السيارات المستعملة ببلدية حامة بوزيان صباح أمس الأول الجمعة، وجدناه مكتظا عن آخره بالمركبات من مختلف «الماركات» والأحجام، وبألواح ترقيمية معظمها لولايات شرقية مجاورة، كما لفت انتباهنا عبر جميع أنحاء السوق، نقص المركبات الجديدة والمصنعة محليا على غير العادة، فيما كان عدد تلك المرقمة بين سنتي 2012 إلى 2016 الأكثر حضورا، و الجل المعروض عبارة عن علامات ألمانية على غرار «سيات» و»فولغسفاغن» و فرنسية مثل «رونو» وبيجو»، إضافة إلى علامة «كيا» الكورية. الإشاعات تواصِل إلهاب السوق وعند مرورنا بمختلف الأماكن بالسوق، كانت الحركة بطيئة بسبب الازدحام الكبير لكثرة المتجولين، كما كان عدد المركبات قياسيا، حيث لم تُترك مساحة إلا و استغِلت في الركن، و رغم كثرة العرض والطلب ظاهريا، إلا أن عمليات البيع كانت قليلة جدا مقارنة بالكم الهائل من السيارات المتوفرة، وذلك بسبب الأسعار المرتفعة التي يطالب بها الباعة، فيما يرفض الزبون شراء مركبة ارتفع ثمنها في ظرف 4 أسابيع بأكثر من 10 ملايين سنتيم، وهو ما أكده بعض المتجولين و أصحاب السيارات في السوق. و قد أرجع أحد الباعة ارتفاع الأسعار إلى حلول فصل الصيف، إضافة إلى الإشاعات التي يطلقها سماسرة بشأن غلق بعض المصانع المحلية على غرار «كيا» و»هيونداي» و»سيات» و»فولغسفاغن» بسبب تواجد أصحابها بالسجن في قضايا فساد، حيث يتم تداول معلومات مفادها أن تصنيع المركبات مجمد حاليا، ما سيخلق أزمة في الأشهر القليلة القادمة حسب مروجي هذه الأخبار. وعند قيامنا بجولة استطلاعية، وجدنا أن العديد من السيارات لم يُعرَض على أصحابها أي مقترح لبيعها، رغم أن الساعة كانت تشير إلى التاسعة صباحا، فيما كانت العشرات قد أغلق مرآتها العاكسة، وهو ما يرمز إلى أنها بيعت، حيث كانت جل السيارات من نوع «سيات» إيبيزا» و «ليون» و»بولو» و»بيجو 308» تحمل ترقيما بين سنتي 2013 إلى 2015، و قد تم عرض 110 ملايين سنتيم لقاء «سامبول» لسنة 2013 فاق عداد سيرها 220 ألف كيلومتر، فيما تم اقترِح مبلغ 150 مليون سنتيم على «سامبول» 2018 وأكد صاحبها أن المقترح لا يزال بعيدا عن الثمن الذي يريده. «ستيبواي» المستعملة أغلى من المعروضة في الوكالات و قد اقترِح على صاحب سيارة «ستيبواي» ذات ترقيم سنة 2019 ذات محرك «دييزيل»، وعدادها لا يتعدى 4 آلاف كيلومتر سير، 197.5 مليون سنتيم، فيما طالب صاحبها بحوالي 210 مليون، يأتي ذلك في وقت يبلغ سعرها في مختلف وكالات البيع 190 مليون سنتيم. واصلنا طريقنا في الجهة العلوية من السوق أين توجد السيارات الجديدة، ولمحنا «إيبيزا» سنة 2018، حيث لم تكن تتوفر بأعداد كبيرة، ورد صاحبها بأن الثمن المقترح وصل إلى 210 ملايين سنتيم رغم أن عدادها يشير إلى قطعها مسافة تقارب 52 ألف كيلومتر، فيما تم عرض 150 مليون سنتيم من أجل سيارة «إيبيزا إديسيون سبور» سنة 2015 وعدادها تعدى مسافة 154 ألف كيلومتر. وكانت الأسعار المقترحة على السيارات الألمانية مرتفعة كثيرا، حيث تم مبلغ 150 مليون سنتيم من أجل شراء «بولو ماتش» سنة 2012 قطعت مسافة 130 ألف كلم، فيما فاق سعر «بولو لايف» بلسنة 2013 ال 175 مليون سنتيم وكانت المسافة المقطوعة 98 ألف كلم، و قد عرض على صاحب «بولو بلاك إيديسيون» سنة 2013 مبلغ 161.5 مليون سنتيم، بعد أن قطعت مسافة 170 ألف كلم، كما تلقى أحد البائعين اقتراحا ب 94 مليونا من أجل بيع «غولف 5» سنة 2006 وبمحرك بنزين بسعة 1.6، فيما يتعدى ثمن «ميغان 3» لعام 2015 مبلغ 190 مليون سنتيم، وتم اقتراح 155 مليون سنتيم على «كليو 4» ذات ترقيم سنة 2015. 50 مليونا لمركبات يزيد عمرها عن 25 سنة! كما كانت الأسعار جنونية فيما يخص السيارات القديمة ذات ترقيم سنة 2010 أو أقل، حيث بلغ ثمن «تويوتا ياريس سيدان» لسنة 2009 حوالي 130 مليون سنتيم، ورفض صاحب مركبة من نوع «لوغان» 2008 مبلغ 112.5 مليون و طالب بالمزيد، فيما يريد آخر بيع نفس السيارة لكنها ذات ترقيم سنة 2012 بمبلغ يفوق 121 مليون سنتيم، كما تم اقتراح 110.5 مليون سنتيم على «كونغو» سنة 2010. أما السيارات القديمة جدا و المستعملة منذ أزيد من 25 سنة، فإن سعرها لا يقل عن 50 مليونا، حيث بلغ ثمن «سيتروان ساكسو» من ترقيم 1998 مبلغ 60 مليون سنتيم، في حين وصلت قيمة «بيجو 406» لعام 1997 ما يفوق 80 مليون سنتيم، أما سيارة «ميغان 1» فتعدى سعرها 55 مليون سنتيم، و استفسرت النصر عن ثمن سيارة «رونو 4» التي صنعت في سنوات الثمانينيات فأكد صاحبها أنه يطالب بمبلغ يفوق 15 مليون سنتيم. وشد انتباهنا خلال الجولات التي قمنا بها سواء بالنسبة للسيارات الجديدة أو القديمة، أن عدد المركبات ذات الترقيم 19 أي القادمة من ولاية سطيف، تغزو السوق، وعلمنا في ما بعد أن سوق سطيف مغلق منذ أشهر وهو سبب التواجد الكبير للمركبات القادمة من هذه الولاية، كما يوجد عدد معتبر من المركبات من الولايات المجاورة على غرار ميلة و سكيكدة و جيجل، فيما كانت السيارات القسنطينية الأكثر طلبا من طرف المتجولين، خاصة وأن جلهم يفضل اقتناء مركبة من قسنطينة لتفادي عناء السفر إلى الولاية المجاورة من أجل تقييدها على اسمه بعد إتمام عملية الشراء. زبائن يترقبون انهيار الأسعار خلال الخريف و قد قام مسؤولو السوق باستغلال إحدى الفضاءات في الجهة العلوية كمكان لبيع المركبات، حيث تمت تهيئتها بأرضية مزفتة، عكس بقية المساحات التي تبقى عبارة عن أراض ترابية بها صخور كبيرة، حيث تم رفع قدرة استيعاب سوق الحامة بفضل هذه المساحة التي كانت تعج بالمركبات، خاصة و أنها موقعها يؤدي مباشرة إلى نقطة الخروج عكس بقية الأماكن الأخرى. وقبل مغادرتنا لاحظنا أن وجوه المتجولين كانت عابسة، بما يعكس عدم رضاهم عن أحوال السوق قبل نهاية شهر أوت بأيام، حيث كان العديد ممن تحدثنا معهم يمني النفس بشراء مركبة قبل نهاية فصل الحر و حلول الخريف، ولكن كل آمالهم تبخرت بسبب الأسعار التي يطالب بها أصحاب المركبات، فيما تساءل البعض إن كانت الأسعار تعكس القيم حقيقية أم أنها مجرد كذبة من البائعين والسماسرة، خاصة و أن المبالغ المقترحة مرتفعة جدا حسبهم. كما عبر جل الزبائن عن رغبتهم في انخفاض الأسعار وعودتها إلى ما كانت عليه قبل سنوات، حيث يعولون كثيرا على تطبيق استيراد السيارات التي يقل عمرها عن 3 سنوات، لعل هذه الخطوة تساهم في استقرار السوق، فيما ينتظر البعض الآخر حلول فصل الخريف طمعا في انهيار الأسعار وهو ما يروج له بعض المتجولين في السوق. و لاحظنا أيضا نقصا كبيرا في السيارات القديمة المسجلة في سنوات التسعينيات أو بداية الألفية الثالثة، ليصبح الظفر بمركبة مرقمة في عام 2014 و ما فوق و حتى 2013 و 2012، يتطلب أزيد من 150 مليون سنتيم، لكن الإقبال عليها ظل محتشما لاسيما المركبات التي تسير بالبنزين، فيما استغل البعض الوضع لفرض زيادات، فعلى سبيل المثال، وصل ثمن «كليو» مرقمة في 1997 من فئة ثلاثة أبواب فقط، ورقم عدادها تجاوز 500 ألف كيلومتر، إلى 50 مليون سنتيم، بما يعادل ثمن سيارة «ألتو» أو «كيو كيو» لعام 2014.