الاحتراف.. مشروع فاشل وشركات مفلسة ككل بداية موسم رياضي في الجزائر، يطرح مشكل نقص التمويل ومعاناة الأندية سواء المحترفة أو الهاوية من الجانب المادي، حتى أن الكثير منها تصطدم بعد مرور جولات فقط، باحتجاجات لاعبيها ثم لجوئهم إلى مقاطعة التدريبات والإضراب، في محاولة للي يد المسؤولين لأجل منحهم المستحقات التي وعدوا بها. ومعلوم أن دخول البطولة الوطنية عالم الاحتراف قبل عشرية، حتى وإن بات الجميع يتفق أنه كان قرارا خاطئا ومشروعا فاشلا، لأنه لم يبن على حسابات دقيقة وقاعدة صلبة، بل تباهى به فقط رئيس الفاف السابق محمد روراوة، غير أن الأمر لم يكن متوقعا أن يكون كارثيا بالحجم الذي نعيشه الآن، حتى أن دخول الاحتراف ب32 ناديا، نصفها في الرابطة الأولى والنصف الأخر من أندية المستوى الثاني أو الرابطة الثانية، ما يعني التأسيس ل32 شركة تجارية بطابع رياضي، لم تجن منه الكرة الجزائرية سوى الفشل والديون المتراكمة، على عاتق هذه الشركات المفلسة كلها. مراجعة صيغة المنافسة وتغيير هرم البطولة، الذي تمت المصادقة عليه قبل أيام من قبل الجمعية العامة للفاف، يحمل الكثير من الجوانب المضيئة بغض النظر عن معارضيه، في مقدمتها تقليص عدد الأندية المحترفة إلى قرابة النصف، ومساعدة الأندية «الفقيرة» التي أجبرت على تملك رخصة نادي محترف»، للعودة إلى نظام الهواة، كما أن بعض تدابيره ستنقص حتما من مصاريف هذه الأندية، غير أن ثمة بعض التجارب التي وجب الوقوف عندها، لأن فشل الاحتراف لا يجب أن تتحمله الاتحادية فقط، والاكتفاء بتحميل المكتب المسير السابق للفاف مسؤولية استعجاله في مشروع الدوري المحترف «ظلم»، لأن مسؤولية رؤساء ومسؤولي الأندية تبقى أكبر بكثير، كونهم دأبوا قرابة العقد من الزمن، على صرف أموال الإعانات والسلطات العمومية بطريقة أقرب إلى «التبديد»، دون إرساء مشاريع تعود بالفائدة على النوادي، ومنها مراكز التكوين التي تبقى أهم عماد للتأسيس لنادي محترف، يبحث عن موازنة مصاريفه مع المداخيل، التي قد تتأتى ببيع «منتوجه» وهم اللاعبون المكونون في مدرسته، مثلما يفعل في الوقت الراهن نادي بارادو. زطشي فضح باجتهاده قصر نظر وضعف «رفاقه» إذا كان رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم خير الدين زطشي، قد نجح في تمرير مشروع صيغة المنافسة الجديد، فإن الميركاتو الصيفي أعاد النقاش في الجزائر حول ملف التكوين لكن بصورة مغايرة، وأنصف رئيس الفاف، الذي كان سباقا قبل أزيد من عقد، لبعث مشروع حلم به وحيدا والآن يقطف ثماره وهو أكاديمية بارادو، التي شكلت الاستثناء كونها ومنذ 3 سنوات، باتت المثل والقدوة التي للأسف يجد رؤساء الأندية الأخرى، لذة غير مبررة، في إدارة ظهورهم لنجاحاتها. نجاح أكاديمية بارادو في جني مبالغ فاقت 100 مليار سنتيم هذه الصائفة حسب ما قدمه زطشي من أرقام، كانت محصلة تحويل عدد من اللاعبين إلى بطولات أوروبية وعربية، غير أن هذا المبلغ الكبير، ومعه النجاح الواجب تثمينه، لا يجب أن يحجب نقاط أخرى، وهي كم المواهب الجزائرية التي تبقى بحاجة لمن يصقلها فقط، وكذا وجوب مراجعة شروط ترأس نادي رياضي أو عضوية مكتبه المسير من خلال وضع شروط جديدة، لمن يرغب في الوصول إلى هرم الأندية، لأن بمثل المسؤولين الحاليين ستتواصل سياسة «البريكولاج» وتبذير الأموال العمومية، لأنه من غير المنطقي أن تبقى الشركات التجارية للأندية المحترفة مفلسة بعد عشرية كاملة، عاجزة ودون برامج تكوينية. يحدث كل هذا في الوقت الذي أقر فيه المسؤول الأول في المنظومة الكروية الوطنية بفشل تجربة الاحتراف في الجزائر منذ دخولها حيز التطبيق، وأكد على أن المشروع بني بأساسات غير متينة، نتيجة الطريقة الفوضوية، التي تم بها المرور مباشرة من الهواة إلى الاحتراف بتركيبة إجمالية تضم 32 ناديا. تفعيل مديرية الرقابة خطوة أولى للقضاء على الفوضى ! اعتراف زطشي بالفشل جعله يبادر إلى فتح ورشة إصلاحات تزاوج بين العمل الإداري والواقع الميداني، فأصبح تفعيل المديرية الوطنية لمراقبة التسيير الرياضي ضرورة حتمية، أملتها الوضعية الراهنة للنوادي المحترفة، سيما بعد تكرر «سيناريو» منع الأندية من الاستقدامات في «الميركاتو»، بسبب القرارات الصادرة عن الغرفة الفيدرالية المنازعات، جراء عدم قدرة مسؤولي الفرق على الوفاء بالتزاماتهم تجاه اللاعبين، ولجنة المراقبة سترى النور نهاية شهر سبتمبر الجاري، على أن تشرع في عملها مباشرة، وذلك بالعمل على مرافقة النوادي في التسيير المالي والإداري، انطلاقا من الهيكلة الإدارية، والعمل على التكيف مع النصوص المدرجة في دفتر الشروط، وصولا إلى الشق المالي، سعيا لضمان التوازن، ومحاولة تقليص حجم الديون المتراكمة. هذا، وستكون مديرية المراقبة مسؤولة عن التصفية المالية للشركات الرياضية التابعة لأندية الرابطة المحترفة الثانية، وذلك من خلال امتصاص إجمالي الديون، تمهيدا للإجراء المتعلق بالحل النهائي للشركة، بعد ضمان التصفية الإدارية، تماشيا مع القرارات التي زكتها الجمعية العامة للفاف في دورتها الاستثنائية المنعقدة منتصف الأسبوع المنصرم، خاصة منها قرار تعليق «الاحتراف» في الرابطة الثانية، وتقليص عدد النوادي المحترفة. كريم - ك