تتواصل ردود الفعل الفلسطينية الرسمية و الشعبية الرافضة لقرار واشنطن "شرعنة" الاستيطان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، حيث لوح الرئيس محمود عباس بإمكانية اللجوء إلى "القطيعة الكاملة" مع الإدارة الأمريكية التي أظهرت منذ مجيئ دونالد ترامب "مواقف معادية" للشعب الفلسطيني، فيما لا يزال قطاع غزة مسرحا لعدوان إسرائيلي متكرر. و ردا على إعلان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الأسبوع الماضي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية "باتت تعتبر إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية عملا لا يتعارض مع القانون"، بدأت القيادة الفلسطينية قبل 3 أيام اجتماعات لاتخاذ مواقف حيال إعلان واشنطن "الباطل و غير الشرعي". وقال الرئيس الفلسطيني في هذا السياق أن "القيادة الفلسطينية تدرس الموقف الذي ستتخذه حيال إعلان واشنطن الأخير"، ملوحا إلى أن هذا الموقف "قد يصل إلى حد القطيعة الكاملة مع إدارة الرئيس دونالد ترامب" التي تخلت عن حل الدولتين عبر سلسلة من القرارات و الإجراءات التي إتخدتها ضد القضية الفلسطينية. وتابع الرئيس عباس قائلا أن "تجربتنا مع الولاياتالمتحدة منذ ما بعد اتفاقات أوسلو إلى الآن أنها لم تقدم أي عمل إيجابي للقضية الفلسطينية وهي بصراحة لا تؤمن بحل الدولتين، وإنما بدولة إسرائيل وحدها ولا وجود للفلسطينيين، ولقد عبرت عن ذلك إدارة الرئيس ترامب بكل وضوح". الرئيس الفلسطيني لفت إلى أن "الإدارة الأميركية منذ فترة طويلة وهي تقوم بإجراءات وتعلن عن مواقف كلها معادية للشعب الفلسطيني"، مستدلا بقرار الرئيس ترامب وقف كل المساعدات إلى السلطة الفلسطينية بما فيها المساعدات الخاصة بالمستشفيات والأموال المقدمة لوكالة الاممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وقال عباس "أن تصريح بومبيو ليس جديد، وإنما هو تكملة لما قام به ترامب وبما كان يفكر به نتنياهو" في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي. وأعلن بومبيو الأسبوع الماضي أن الولاياتالمتحدة الأميركية "أصبحت تعارض موقف الإدارات الأميركية السابقة من إنشاء المستوطنات الإسرائيلية، وباتت تعتبر إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية - التي احتلتها إسرائيل عام 1967 - عملاً لا يتعارض مع القانون الدولي"، في تراجع عن رأي قانوني صدر عن الخارجية الأميركية في عام 1978، يقضي بأن المستوطنات في الأراضي المحتلة "لا تتوافق مع القانون الدولي". وفي إطار ردود الفعل الرسمية، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أمس الثلاثاء، على هامش مشاركته بمظاهرة في مدينة رام الله رفضا لإعلان مومبيو، عن توجه الجانب الفلسطيني إلى "محكمة الجنايات الدولية ضد القرار الأمريكي" الأخير بشأن الاستيطان، مشيرا إلى أن القيادة الفلسطينية "ستطالب بتفعيل " قرار محكمة العدل الدولية القاضي برفض بناء الجدار الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية وآخر يتعلق ببناء المستوطنات. وقال اشتية للصحفيين "نرفض شعبيا ورسميا ومؤسساتيا كل الرفض، التصريحات من الإدارة الامريكية سواء كان ذلك بحق القدس والاستيطان" مجددا التأكيد على الموقف الفلسطيني القاضي بأنه " لا يمكن أن يكون هناك سلام على هذه الأرض، ما لم ينته الاحتلال". وعلى الصعيد الشعبي واصل الفلسطينيون التعبير عن رفضهم لدعم الإدارة الأمريكية البناء الاستيطاني الإسرائيلي بتنظيم مظاهرات حاشدة أمس الثلاثاء، عبر مختلف مدن الضفة الغربية وشرق القدسوغزة في إطار ما أطلق عليه "يوم غضب فلسطيني"، نددوا خلاله بإعلان بومبيو اعتبار أن "الاستيطان لا يخالف القانون الدولي". وجرى في إطار فعاليات "يوم الغضب" تعطيل الوزارات والمؤسسات الحكومية بما فيها المدارس والجامعات جزئيا من أجل المشاركة بالتظاهرات الرافضة للقرارات الأمريكية ضد القضية الفلسطينية. وأوضح نصر أبو جيش منسق القوى والفصائل الفلسطينية في مدينة رام الله إن تلك المظاهرات ما هي الا "بداية لتحرك فلسطيني" ، مشيرا إلى "وجود خطوات كفاحية أخرى الأيام المقبلة ...". كما جرت في غزة مظاهرة على مقربة من مقر الأممالمتحدة رفع المشاركون فيها لافتات تندد بالقرار الأمريكي الأخير. واعتبر القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" اسماعيل رضوان في كلمة خلال المظاهرة، أن القرار الأمريكي بشأن المستوطنات "باطل ويشكل انتهاكا للحق الفلسطيني ومخالفة للقانون الدولي و أن الإدارة الأمريكية تضع نفسها بذلك القرار في خط واحد مع الاحتلال الإسرائيلي الذي ما انفك عن التغول على الأرض الفلسطينية وارتكاب جرائم متلاحقة بحق الفلسطينيين". وفضلا عن القرارات الأمريكية "المعادية للشعب الفلسطيني" لازال هذا الشعب يعاني من الانتهاكات الإسرائيلية متعددة الأشكال و الأساليب حيث تعرض سكان قطاع غزة منذ مساء أمس الثلاثاء وإلى غاية فجر اليوم الأربعاء لسلسلة غارات نفذها الطيران الحربي الإسرائيلي . وقال شهود عيان إن مضادات أرضية تابعة للفصائل الفلسطينية المسلحة "تصدت" للطيران الإسرائيلي أثناء هجومه على القطاع ما جنب وقوع خسائر بشرية. وشهد قطاع غزة قبل أيام موجة توتر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، أدت إلى مقتل 35 فلسطينيا وجرح العشرات، وتدخلت على إثرها مصر والأممالمتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. واعتبر منسق القوى والفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية واصل أبو يوسف أمس في تصريح بمناسبة فعاليات "يوم غضب فلسطين" أن " الحكومة الإسرائيلية تحاول الاستفادة من الحرب المفتوحة التي تشنها الإدارة الأمريكية ضد القضية الفلسطينية ، لتوسيع جرائمها بحق الشعب الفلسطيني" ، داعيا إلى "ضرورة انجاز المصالحة الفلسطينية" لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية.