سجلت العديد من وكالات السياحة و الأسفار، تراجعا محسوسا في حجوزات المواطنين للاحتفال بنهاية السنة بالرغم من تزامن التاريخ مع بداية العطلة الشتوية، و قد أرجع وكلاء الأسفار السبب في ذلك، إلى الظروف التي تعيشها البلاد و تأثير جو الانتخابات الرئاسية الماضية، على الحياة العامة، ناهيك عن الانعكاسات الاقتصادية التي خلفها الوضع القائم منذ22 فيفري و حالة الحذر و الترقب التي قيدت حركة الأموال في السوق الوطنية. و خلال استطلاع قامت به النصر، للوقوف على حركية الحجوزات عبر عدد من الوكالات السياحية في قسنطينة لمسنا نوعا من العزوف، إذ أجمع غالبية الوكلاء على أن النشاط يعاني حالة من الركود و أن غالبية الحجوزات تخص تجار و رجال أعمال بالدرجة الأولى. حسب محمد الأمين يخلف، أمين تجاري بالوكالة السياحية «سيرتا للأسفار»، فإن حجوزات المواطنين من أجل إحياء رأس السنة و قضاء العطلة المدرسية في الخارج، قد تراجعت بشكل كبير مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، إذ اقتصر الأمر على عدد قليل جدا من الناس، إضافة إلى بعض المواطنين الذين يقصدون الوكالة من أجل الاستفسار و السؤال عن الأسعار ، مرجعا السبب إلى الانتخابات الرئاسية و حالة الحذر التي تميز الجو العام. من جهته أكد زين العابدين قاسيمي، من وكالة «بيشا للأسفار» التراجع الكبير في الحجوزات رغم اقتراب تاريخ نهاية السنة و العطلة الشتوية، مفسرا الوضع، بتزامن الموعد مع الرئاسيات وحالة الترقب التي فرضتها وكيف أن الجميع منشغلون بما ستفرزه من نتائج على المدى الطويل، و يعتقد محدثنا أن الحركية ستزيد خلال الخمسة عشر يوما الثانية من شهر ديسمبر و تحديدا خلال آخر ثلاثة أيام، كما هو معهود سنويا. تونس تحافظ على الصدارة و تركيا تتراجع و أجمع وكلاء السياحة الذين تحدثنا إليهم، على أن تونس لا تزال الوجهة الأولى التي يفضلها الجزائريون لقضاء عطلة رأس السنة رغم حالة الركود التي تعرفها الحجوزات، بالمقابل تراجع مؤخرا الإقبال على تركيا و تحديدا العاصمة اسطنبول كوجهة سياحية بسبب تشديد إجراءات استخراج تأشيرة السفر، وهو ما قلل الاهتمام بها بعدما كانت في وقت سابق، تتربع على عرش أكثر الوجهات طلبا، و حسب زين العابدين من وكالة «بيشا» فإن دبي تبقى الوجهة الأولى لرجال الأعمال خلال نهاية العام رغم غلاء أسعارها، مع ذلك فإن مناخها المعتدل في مثل هذا الوقت من السنة يستهوي الكثيرين، بالمقابل يفضل آخرون السفر إلى بعض العواصم الغربية للاستمتاع بأجواء الاحتفالات و تحديدا باريس و برشلونة، و يفضل البعض هذه الفترة بالذات للسفر نحو أوروبا لزيارة الأهل و الأقارب. أمام انكماش حجم الحجوزات خلال هذه الفترة تعرف الأسعار ارتفاعا محسوسا مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة، إذ تراوحت الزيادات حسب بعض الوكالات، مابين 20 إلى 30 ألف دينار جزائري، بالنسبة لكل الوجهات وبالأخص دبي و إسطنبول فيما قدرتها وكالات أخرى بالضعف، فمثلا تكلف تذكرة السفر إلى إسطنبول ذهابا و إيابا حاليا 60 ألف دينار جزائري بعدما كان سعرها يقدر العام الماضي ب 30 ألف دج، و بالنسبة لدبي فإن تكلفة تذكرة السفر في الفترة مابين نهاية ديسمبر و الفاتح من جانفي قد ناهزت حسب ما هو مطروح حاليا من أسعار 90 ألف دج إلى 100 ألف دج، أما بالنسبة لتونس التي تعتبر أسعارها مقبولة إلى حد كبير مقارنة بباقي الوجهات، فإن قيمة قضاء ليلة رأس السنة في أحد فنادقها المصنفة بأربعة نجوم تصل إلى 10 آلاف دج بدل 4 آلاف دج السعر المتداول في الأيام العادية. الوجهات الداخلية تخسر الرهان مرة أخرى و تعرف السياحة الداخلية حسب أصحاب وكالات الأسفار عزوفا كبيرا باستثناء منطقة الصحراء، التي يقبل عليها البعض من أجل قضاء عطلة الشتاء بإحدى مناطقها كتاغيت و تيميمون مع ذلك فإن الخدمات المقدمة فيها لا ترقى لتطلعات السائحين الباحثين عن الرفاهية، و اعتبر عدد من العاملين في الوكالات السياحية الذين تحدثنا إليهم، بأن الوجهات الداخلية لم تنجح مجددا في استقطاب السائح الجزائري إليها رغم المقومات الطبيعية التي تزخر بها الكثير من المناطق ، فمع أن الفرصة كانت مناسبة لربح الرهان و فرض المنتوج السياحي الوطني كبديل عن الخارج، غير أن الغلاء الفاحش في الأسعار و تراجع مستوى الخدمات كان سببا في عزوف الجزائري عن السياحة الداخلية فأول ما يسأل عنه الزبائن هو الأسعار خصوصا إذا ما تعلق الأمر بالسياحة الصحراوية، إلا أن الغلاء المفروض يقلص الاهتمام و يدفع بجلهم إلى اختيار وجهات بديلة، تكون خارجية في أغلب الأحيان بالنظر إلى الفارق في التكلفة و مستوى الخدمة. على سبيل المثال، يكلف قضاء عطلة نهاية السنة في فندق أو إقامة متواضعة جدا بتاغيت أو تيميمون مبلغ 60 إلى 70 ألف دج بينما تبلغ الكلفة في تونس ما بين 20 ألف إلى 35 ألف دج مع ضمان المتعة و التسلية. و في هذا الصدد يوضح زين العابدين قاسمي، بأن المناطق السياحية في الجنوب لا تزال غير مستغلة بالشكل الذي يليق بها خاصة في ظل العجز الكبير في هياكل الإقامة، فغالبا ما يتم إلغاء أو رفض بعض طلبات الحجز لعدم توفر الأماكن و تحديدا في فترة الشتاء التي تعرف تزايد إقبال السياح الأجانب على هذه المنطقة حيث أكد محدثنا أن الوكالة التي يشتغل بها قامت مؤخرا بإلغاء حجز 200 شخص بسبب عدم توفر أماكن الإيواء.