يبدو أن التقشف عصف بحلم الاحتفال بالريفيون خارج الديار بسبب ارتفاع أسعار العملة الصعبة من جهة وغلاء تكاليف السفر للعديد من المواطنين، حيث تراجعت هذه السنة نسبة الحجوزات للاحتفال بعيد ميلاد رأس السنة 80 بالمئة مقارنة بالسنوات الماضية، غير أن برامج الوكالات السياحية هذه السنة ارتكزت على تسطير رحلاتها للاحتفال بالريفيون بالجنوب الكبير بغية منها في الحفاظ على السياحة المحلية من جهة وجذب رؤوس أموال من جهة أخرى كمداخيل مالية جديدة في ظل تراجع أسعار الذهب الأسود وزمن التقشف. تتسابق الوكالات السياحية هذه الأيام لاستمالة السياح ببرامج متنوعة من الاحتفال برأس السنة أو الريفيون واجتمعت على أن تكون الوجهة محلية ويكون الجنوب الكبير كتمنراست والطاسيلي ناجر وجانت وبسكرة وتيميمون ، تاغيت وبني عباس وواد سوف عنوانا للاحتفالات برأس السنة بعدما ضخ الجزائريون أزيد من 4 ملايير دولار بسبب توجههم للخارج. «البلاد" قامت بجولة استطلاعية عبر العديد من الوكالات السياحية بالعاصمة وعبر المواقع الإلكترونية، حيث وجدنا عروضا متنوعة قدمتها الوكالات السياحية للاحتفال بالريفيون، سواء برامج خاصة بالسياحة المحلية أو خارج الوطن. وارتكزت معظم الوكالات على تونس والمغرب واسطنبول وفرنسا كوجهات رئيسية خاصة بالخارج. أما بالداخل فركزت على الجنوب الكبير أو حجوزات بالفنادق الفخمة للسياح الأجانب الراغبين بزيارة الجزائر في رأس السنة. هذه وجهات الوكالات السياحية لبرنامج نهاية السنة وقدمت إحدى الوكالات بالعاصمة عرضا خاصا لشخصين يتمثل في الرحلة الأولى إلى تركيا وأنقرة ويشمل العرض الاستقبال والتوصيل إلى المطار ويشمل أيضا الطيران الدولي. كما خصصت رحلة الثانية إلى أندونيسيا وجاكرتا والعرض يشمل الاستقبال والتوصيل إلى المطار ويشمل أيضا الطيران الدولي. أما وكالة السياحة والأسفار "روتانا" بحسيبة بن بوعلي فقدمت عروضا خاصة بالجنوب الكبير كتمنراست والطاسيلي وجانت ويترواح سعر الرحلة ب65000 دج مع العلم أن الرحلة تكون عبر الطائرة، بالإضافة إلى تخصيصها لرحلات لتونس وتبلغ التكاليف ب30 ألف دج أما الرحلات إلى المغرب التي تكون فيها رحلات إلى مراكش والدار البيضاء فيبلغ سعرها 13000 دج، في حين بلغ سعر الرحلات إلى إسطنبول 85000 دج.من جهتها، كشفت المديرة التقنية لوكالة السياحة والسفر "أي ترافل الجزائر" في حديثها مع "البلاد"، عن أن نسبة الإقبال على الحجز للاحتفال بالريفيون تراجعت مقارنة مع السنوات الماضية، مؤكدة أن أصحاب الدخل المنخفض يفضلون التوجه إلى الجنوب الكبير باعتباره الأقل ثمنا من الحجوزات الأخرى خارج الوطن كدبي التي بلغ سعرها 159000 دج، في حين بلغ سعر الرحلات إلى إسطنبول 98000 دج رغم أن التكاليف تشمل عملية نقل الزبون من وإلى المطار نحو فندق 4 نجوم.وقالت المتحدثة إن تيميمون وتاغيت بني عباس بلغت الصدارة هذه السنة من حيث الحجوزات، سواء تعلق الأمر بالاحتفال بالمولد النبوي أو بالاحتفالات برأس السنة الجديدة وحسبها فإن الأسعار بلغت 3.7900 دج رحلة إلى بني عباس وتاغيت مدتها تدوم من 28 ديسمبر إلى 01 جانفي في حين الرحلة إلى تيميمون بلغت 47000 دج . الديوان الوطني للسياحية يتوقع زيارة 1000 سائح للصحراء ليلة رأس السنة من جهته، كشف المدير العام للديوان الوطني للسياحة أن الديوان يتوقع زيارة أزيد من ألف سائح إلى الصحراء احتفالا بالريفيون، مشيرا إلى أن هناك تخفيضات بلغت 50 بالمئة لمجموعة تتكون من 10 أشخاص لزيارة الجنوب الكبير.وقال المتحدث إن هذه التخفيضات تعد فرصة سانحة للوكالات السياحية بالشمال من أجل إبراز احترافيتها بترويج للسياحة المحلية خاصة الجنوب الكبير. وأفاد سلاطنية محمد شريف، أن برنامج الصحراء الكبرى هذه السنة ارتكز على تيميمون وبسكرة وواد سوف وتمنراست والواحات تاغيت وورڤلة. السيناريو يتكرر وتونس تخطف الأنظار رغم التقشف رغم أزمة التقشف الذي يمر به، البلاد والعباد، إلا أن الأسعار التي تروج لها الوكالات السياحية لا تزال مرتفعة مقارنة بتلك الموجودة بتونس، حيث يتضاعف الثمن عند الحجز في الفنادق الجزائرية بضعفين إن لم نقل ثلاثة، في حين تتراوح تكلفة أسبوع في تونس من 30 ألف دج إلى 25000 دج. وحسب رئيس الديوان السياحي التونسي بسام الورتيلاني الذي تحدث مع "البلاد"، فإن توقعات عدد الجزائريين الذين سيزورون تونس خلال شهر ديسمبر سيبلغ 2000 زائر. الأمين العام للفدرالية الوطنية لجمعيات الوكالات السياحية والأسفار: "الريفيون بالجنوب الكبير مصدر آخر للموارد المالية" من جهته، أكد الأمين العام للفدرالية الوطنية لجمعيات الوكالات السياحية والأسفار نجاح بوجلوة في حديثه مع "البلاد"، أن نقص الإشهار وتسويق السياحة الداخلية وراء تراجع الإقبال على السياحة المحلية. ولكن الفدرالية سطرت برنامجا خاصا للوكالات السياحية من أجل تبادل الخبرات بين أصحاب الوكالات في الشمال والجنوب.وأشار بجلوة إلى أن التسويق للسياحة الداخلية والمنتوج المحلي ناقص نوعا ما خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها الأكثر استعمالا من طرف المواطنين. مشيرا إلى أنه واجب اليوم على الوكالات السياحية أن تقدم الأحسن من أجل تحريك عجلة المنتوج المحلي وإبرازه للسياح مثلما كانت عليه في سنوات السبعينات والثمانينات وبعد تراجعها في العشرية السوداء. وقال بوجلوة إن السياحة في حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا تعد وجهة للعديد من السياح في العالم، حيث حققت ما يزيد عن 3000 مليون سائح خلال السنة لذالك على الوكالات السياحية أن تجذب على الأقل نصف هؤلاء السياح كمورد آخر خارج المحروقات.وقال بوجلوة ينبغي اليوم بناء وجهة سياحية ترقى للسياح الجزائريين والأجانب وهذا الأمر ليس مهمة الوكالات السياحية وحدها بل هي مهمة السلطات المحلية بإنجاز فنادق ومطاعم وحدائق وتحسين وسائل النقل والطرق، مفيدا أن هناك وكلاء سياحيون يعملون على تسويق المنتوج المحلي بامتياز ولكن آخرين ونظرا إلى نقص الإمكانات بالجزائر يفضلون توجيه سياح إلى الخارج بدل توجيههم إلى المناطق الداخلية. نائب رئيس الوكالات السياحية: نسبة تراجع الاحتفال بالريفيون بلغت 80 بالمئة من جهته، أكد نائب رئيس الوكالات السياحية الياس سنوسي أن تأخر تفعيل مكاتب الصرف وتراجع الدينار وأزمة التقشف أثرت على نسبة الاحتفالات برأس السنة مقارنة مع السنوات الماضية، مفيدا أن نسبة الإقبال هذه السنة محتشمة على الوكالات السياحية. وقدم سنوسي جملة من المعطيات كان لها أثر واضح على تراجع الإقبال على الاحتفال بالريفيون منها الغلاء المعيشي وادخار المواطنين أموالهم لضخها على سكنات عدل، حيث أصبحت السياحة والاحتفال بالريفيون من الكماليات التي غض الكثير من السياح الجزائريين البصر عنها وأكد سنوسي أن نسبة التراجع هذه السنة تتراوح بين 70 و80 بالمئة رغم أن بعض الوكالات السياحية قدمت عروضا مميزة وقلصت هامش الربح من أجل جذب عدد كبير من السياح. "الدوفيز" يلتهب تزامنا مع نهاية السنة وتزامنا ونهاية السنة قفز سعر الأورو والدولار مقارنة مع الأسابيع الماضية، حيث شرع الراغبون في السياحة نحو الخارج في تحويل مبالغهم المالية إلى العملات الأجنبية، أين وجد البعض منهم سعر الدينار لا يساوي شيئا أمام الارتفاع الذي عرفته العملات الأجنبية. حيث بلغ الأورو في البنك المركزي 117 ألف لورقة 100 يورو، في حين بلغ سعر الدولار 110 ألف لورقة 100 دولار. أما بورصة الأسعار بالسوق السوداء فقد بلغ أمس سعر الأورو بالسكوار 18600 دج مقابل ورقة 100 يورو. في حين بلغ سعر الدولار الأمريكي 17000 دج مقابل ورقة 100 دولار وهذه الفوضى بالسوق السوداء راجعة لغياب مكاتب الصرف التي بغيابها يتحمل المواطن تبعات السوق السوداء لتحويل الدينار إلى عملات أجنبية.