شدد وزير الشؤون الخارجية، صبري بوقادوم، على ضرورة وجود أكبر قدر ممكن من الإجماع الوطني حول السياسة الخارجية للبلاد و حول الدفاع الوطني، وأكد تمسك السلطات العليا بإعطاء الجزائر المكانة اللائقة بها في إطار المبادئ التي عرفت بها الدبلوماسية الجزائرية، و العمل من أجل الحفاظ على المصالح العليا للبلاد و سيادة القرار الوطني. استعرض وزير الشؤون الخارجية صبري بوقادوم أمس في جلسة عمل مع أعضاء لجنة الشؤون الخارجية والتعاون بالمجلس الشعبي الوطني أهم المبادئ التي تتبناها الدبلوماسية الجزائرية ومواقفها من عديد القضايا الراهنة، وقال بهذا الخصوص إن السياسة الخارجية والدفاع كما هو معمول به في كل دول العالم هي من صلاحيات رئيس الجمهورية. وأضاف أن قيادة السياسة الخارجية التي تندرج ضمن مشمولات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تحظى باهتمام بالغ ضمن البرنامج الشامل للتجديد الوطني وبناء جزائر جديدة ، مؤكدا حرص السلطات العليا على إعطاء بلادنا المكانة اللائقة بها في إطار المبادئ المعروفة للدبلوماسية الجزائرية المتمثلة أساسا في احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامتها الترابية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام قواعد حسن الجوار، والتسوية السلمية للنزاعات ونصرة القضايا العادلة. وخلال مداخلته أمام أعضاء لجنة الشؤون الخارجية وبعض أعضاء الحكومة ونواب شدد صبري بوقادوم على ضرورة أن يكون هناك أكبر قدر من الإجماع الوطني حول السياسة الخارجية والدفاع الوطني، وقال بهذا الخصوص" السياسة الخارجية لابد أن تكون نتيجة أكبر إجماع داخل الوطن، إذا أردنا أن ندافع عن بلادنا هناك ميدانان لابد أن يحظيا بالإجماع، ولا يمكن أن يكونا محل نزاعات ولا مبالاة هما الخارجية والدفاع الوطني، وهما ميدانان خاصان بصلاحيات رئيس الجمهورية كما هو معمول به في كل دول العالم". وانطلاقا من هذا الهدف اعتبر بوقادوم جلسة العمل التي عقدها أمس مع أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في الغرفة السفلى للبرلمان "سابقة"، وقال إن رئيس الجمهورية يريد أن يرسخ مبدأ التواصل بين الحكومة وممثلي الشعب في إطار بناء الجزائر الجديدة، مضيفا بأن التواصل موجود و النية الصالحة قائمة، والإرادة متوفرة للسير اليد في اليد، "فقد نختلف سياسيا في الداخل، ولكن السياسة الخارجية والدفاع الوطني لابد أن يكونا محل إجماع وطني". وكمثال على ذلك قال بوقادوم" قد نختلف فيما بيننا كما حدث بخصوص قانون المالية فلكل منا رأيه وهذا أمر طبيعي ويعبر عن الديمقراطية في البلاد، ولكن فيما يخص السياسة الخارجية والدفاع، لابد على كل الجزائريين أو أكبر قدر ممكن من الجزائريين وممثليهم والحكومة أن يسيروا في طريق واحدة ويعبروا عن موقف واحد". وأوضح ذات المتحدث أنه يتم ضمن السياسة الخارجية للجزائر العمل المتواصل من أجل تكييف الأداء الدبلوماسي ضمن ثلاثية، "السيادة والأمن والتنمية"، وهذا بشكل "يضمن الدفاع عن المصالح العليا للأمة والحفاظ على الأمن الوطني وتحقيق استقلال القرار السيادي، والاستغلال الأمثل لفرص الشراكة والتعاون في سبيل خدمة التنمية. كما قال إن الجزائر تتبنى سياسة متوازنة وبراغماتية في تعزيز علاقاتها مع مختلف الشركاء دون استثناء ضمن مقاربة رابح رابح، وضمن الاحترام المتبادل والندية في التعامل وتوازن المصالح وذلك ما يسمح بتعظيم فرصة الشراكة الاقتصادية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية الترويج للصادرات الجزائرية، وترقية الجزائر كوجهة سياحية بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية. الجزائر تواصل جهودها للحل السلمي في ليبيا رغم خطورة التطورات ولم يفوّت رئيس الدبلوماسية الجزائرية بالمناسبة التذكير بموقف الجزائر الثابت من بعض القضايا الساخنة على المستوى الإقليمي والدولي، على غرار الملف الليبي الذي قال بشأنه، إنه "ورغم التطورات الخطيرة التي يعشيها هذا البلد الشقيق إلا أن بلادنا مازلت تواصل جهودها لحد اليوم من أجل تخفيف حدة التوتر وإقناع مختلف الأطراف بمواصلة مسار الحل السياسي، أي الحل السلمي، وتساعدها على ذلك الثقة الكبيرة التي تحوزها من مختلف الأطراف الليبية ، وستواصل الجزائر اتصالاتها وجهودها بشكل متصاعد بالتوازي مع تحسن الظروف الصحية على المستوى العالمي من أجل تشجيع الليبيين على الرجوع إلى طاولة المفاوضات، وهي تنظر باهتمام كبير لمختلف المبادرات الليبية الرامية إلى تفعيل المسار السياسي". وبشأن القضية الصحراوية جدد بوقادوم دعم الجزائر حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير ودعوتها إلى الإسراع في تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية. وحول القضية الفلسطينية، أكد رئيس الدبلوماسية أن الجزائر تواصل التأكيد بشكل مستمر على دعم حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف من خلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية ورفض سياسة الأمر الواقع جملة وتفصيلا. بالموازاة مع ذلك ، -يضيف صبري بوقادوم- فإن الدبلوماسية الجزائرية "تولي اهتماما كبيرا لترقية حركية التعاون والشراكة والاندماج في كل الفضاءات التي تنتمي إليها، حيث تعمل على ترقية الاندماج الإفريقي عبر تعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري وتعزيز التعاون في الإطار المغاربي والعربي والإسلامي كما تواصل تعاونها ضمن مختلف الأطر المتوسطية.