مصير الموسم .. اختلاف في الرؤى أو وقود حملة انتخابية مبكرة كشفت حالة «السوسبانس» التي خلفتها الأزمة الوبائية، بخصوص مستقبل الموسم الكروي في الجزائر، وجود فجوة «خفية» بين أعلى هيئتين كرويتين على الصعيد الوطني، لأن الاختلاف بين الفاف والرابطة المحترفة أصبح ظاهرا للعيان، والفجوة التي كانت قد طفت على السطح في فترة الشلل الكروي، التي تشهده البلاد منذ انتشار فيروس كورونا منتصف شهر مارس الفارط، أخذت في الإتساع أكثر، لتصل الأمور حد الحديث، عن صراع انتخابي مبكر على رئاسة الإتحادية خلال العهدة القادمة. وكان الإجتماع الأخير للمكتب الفيدرالي المنعقد يوم الثلاثاء الماضي، بمثابة المحطة الميدانية التي جسدت هذا الطرح، لأن رئيس الرابطة المحترفة عبد الكريم مدوار كان يراهن كثيرا على هذه الجلسة، لإيصال صوت رؤساء أندية الرابطة المحترفة بقسميها الأول والثاني إلى الهيئة التنفيذية للفاف، خاصة ما يتعلق بقضية مستقبل الموسم «العالق»، على اعتبار أن مدوار كان قد بادر إلى القيام بدوريات نحو الغرب والشرق، لتنظيم جلسات عمل جهوية مع رؤساء وممثلي الفرق، واستشارتهم بشأن المرحلة المتبقية من بطولة الموسم الجاري، وكان الإجماع على ضرورة توقيف المنافسة، والشروع في التفكير من الآن في موسم كروي جديد، رغم أن الرجل الأول في الرابطة المحترفة، ظل في كل مرة يتحدث بتحفظ كبير عن هذا المطلب، ويؤكد على أن القرار، يبقى بيد المكتب الفيدرالي وكذا السلطات العليا للبلاد. زطشي «صفى» حساباته مع مدوار في آخر اجتماع للمكتب الفيدرالي مشاركة مدوار في اجتماع الثلاثاء المنصرم، كانت على غير العادة «شكلية»، لأن رئيس الإتحادية خير الدين زطشي، أعطاه الكلمة وتركه يقدم حوصلة شاملة للجلسات الجهوية التي قام بها مع رؤساء الأندية، والتي حاول فيها استعراض المشاكل والصعوبات التي طرحها ممثلو الفرق، لكن هذه الحوصلة لم تلق أي رد فعل من طرف جميع أعضاء المكتب الفيدرالي، إلى درجة أن مدوار وبعد انتهائه من استعراض التقرير المفصل، أراد فتح باب النقاش أمام مسؤولي الإتحادية، إلا أن موقف الهيئة التنفيذية للفاف كان واضحا وصريحا، وذلك بإلتزام الصمت، وتفادي مناقشة هذه القضية إطلاقا، وكأن الأمر لا يستحق التشريح المباشر مع رئيس الهيئة المشرفة على تنظيم المنافسة، لتصل الأمور حد إعفاء مدوار من المشاركة في «الجلسة» المخصصة لاتخاذ القرار، وذلك بحصر المشاركة في النصف الثاني من أشغال الإجتماع في أعضاء المكتب الفيدرالي فقط، فكان قرار الفاف القاضي بالتشبث بالموقف السابق، والمتمثل في السعي لإكمال الموسم «العالق»، قبل التفكير في الموسم المقبل، بمثابة رد واضح من الإتحادية على الرابطة ورؤساء الأندية، دون مراعاة محتوى التقرير الذي قدمه مدوار، والذي كان حوصلة لخرجات ميدانية استوجبت تنظيم 3 جلسات مع رؤساء الأندية، على مدار 10 أيام. جلسة اتخاذ القرار حرم منها رؤساء الرابطات ! المعلومات التي تحصلت عليها النصر من مصدر جد موثوق، تفيد بأن أحد أعضاء المكتب الفيدرالي، كان قد اعترض على مدوار في اجتماع الثلاثاء الماضي، عند حديثه عن خارطة الطريق، التي اقترحها رؤساء الأندية بخصوص صيغة المنافسة للموسم الجديد، وذلك بالحديث عن هيكلة جديدة لنظام المنافسة، تقضي برفع عدد أندية الرابطة المحترفة الأولى إلى 20 فريقا، مع اعتماد بطولة الوطني الثاني بفوجين، يتشكل كل واحد من 16 ناديا، وهي النقطة التي دفعت بأحد أعضاء الفاف إلى التدخل، ومطالبة رئيس الرابطة بضرورة توضيح الرؤية أكثر حول هذه النقطة، سيما في الشق المتعلق بوضعية أندية الدرجة الثانية، سواء في الإحتراف أو الهواة، لأن الأمر له تأثير مباشرة على معطيات انتخابات تجديد المكتب الفيدرالي، المزمع تنظيمها في مارس 2021. هذه النقطة، كشفت عن «حسابات» ضيقة طفت على السطح في معادلة «حاسمة» ومهمة في المنظومة الكروية الوطنية، لأن الجميع كان يترقب القرار المتعلق بمصير الموسم «العالق» على أحر من الجمر، وبالتالي توضيح الرؤية أكثر بشأن البطولة في جميع مستوياتها، لكن الإتحادية إرتأت «الإنفراد» بالقرار، وقطع طريق المناقشة أمام مدوار، وذلك من خلال إعفاء رؤساء الرابطات من الجلسة المخصصة لإتخاذ القرارات، مع الإلحاح على ضرورة توسيع دائرة الإستشارة إلى القاعدة، وذلك بمبادرة الفاف إلى تنظيم جلسات عمل «جهوية» مع رؤساء فرق الهواة وما بين الرابطات، للحديث عن مستقبل الموسم الكروي والمقترحات التي تقدمها أندية الأقسام السفلى، والحجة في ذلك أن الرابطة المحترفة حصرت استشارتها في 32 فريقا، وهو ما يمثل 15 بالمئة من إجمالي تركيبة المنظومة الكروية الوطنية، بينما تراهن الإتحادية على حوارها مع القاعدة، التي تشكل 85 بالمئة من الهرم الكروي. أندية الهواة محور هجوم الفاف المعاكس توجه الفاف نحو الهواة يمكن تصنيفه في خانة الهجوم المعاكس للرد على خرجة الرابطة المحترفة، على اعتبار أن زطشي لم يتقبل إطلاقا ما قام به مدوار وأعضاء مكتبه، وذلك بفتح باب التشاور مع رؤساء الأندية، رغم أن القرار الخاص بمستقبل الموسم يبقى من صلاحيات السلطات العليا للبلاد، ومرهون بتطورات الأزمة الوبائية، وما يجسد هذا الطرح هو أن نادي بارادو كان الغائب الوحيد عن الجلسات التي نظمتها الرابطة المحترفة، لتضع الهيئة التنفيذية للفاف تزكية مطلب «توقيف» البطولة بالإجماع من طرف رؤساء الأندية في خانة ورقة «الضغط» التي عملت الرابطة على اللعب عليها لإرغام المكتب الفيدرالي على الرضوخ للأمر الواقع، والإعلان عن قرار كان مدوار قد قدمه كمقترح «شخصي» في الكثير من الخرجات الإعلامية التي كانت قد سبقت إجتماع المكتب الفيدرالي المنعقد أواخر شهر ماي الماضي، ليتحول الوضع إلى «لعبة» القط والفأر بين الفاف والرابطة، بإصرار الإتحادية على ضرورة «معاكسة» الرابطة في موقفها بخصوص مصير الموسم الكروي، والإلقاء بالكرة في مرمى السلطات العليا للبلاد. تحركات زطشي ومدوار لا تطابق التصريحات ولعّل إعلان زطشي مبكرا عن قرار عدم ترشحه لعهدة أخرى لرئاسة الاتحادية، كان قد فتح باب التأويلات على مصراعيه، فتم تداول إسم عبد الكريم مدوار كواحد من المرشحين لتولي كرسي الزعامة في قصر دالي إبراهيم، سيما بعد مبادرته إلى تنظيم جلسات عمل جهوية مع رؤساء الفرق، ولو أن المعني بالأمر كان قد سارع إلى تنفيذ هذا الطرح، وأكد بأنه لا يفكر «حاليا» في الترشح لرئاسة الإتحادية، وأن الإجتماعات التي نظمها ليس حملة انتخابية مسبقة، لكن زطشي عرج على هذه القضية خلال الاجتماع الأخير للمكتب الفيدرالي، وتحدث مع مدوار بشأن هذا الأمر، وذهب إلى حد الجزم بأنه يعتزم أن يكون «خليفته» من التركيبة الحالية للهيئة التنفيذية، رغم أن الجمعية العامة هي «السيّدة»، في الوقت الذي تسعى فيه الفاف إلى تقليص عدد النوادي المحترفة في الجمعية العامة للفاف، وذلك بتجريد فرق الدرجة الثانية من صفة «الاحتراف»، وبالتالي إنزالها بصورة أوتوماتيكية إلى «الهواة»، في إجراء يبقى المغزى منه حرمان مدوار من العديد من الأصوات، ولو أنه كان قد صرح بأن الحديث عن ترشحه لرئاسة الفاف سابق لأوانه.