وضع القرار الذي اتخذه المكتب الفيدرالي في اجتماعه الأخير، الفاف في مفترق الطرق، لأن الرمي بالكرة في معسكر الجمعية العامة فتح باب التأويلات على مصراعيه، وأبقى مصير الموسم الكروي معلقا إلى إشعار آخر، والفصل فيه مرهون بجملة من الإجراءات التي قد تكون «شرعيتها» على المحك. تنصّل المكتب الفيدرالي من مسؤولية اتخاذ قرار «حاسم»، انتظرته كل الأطراف الفاعلة في الساحة الكروية الوطنية على أحر من الجمر، وتسبب في طفو إشكال يخص المادة 82 من القانون الأساسي، لأن هذا النص القانوني، الذي تم اعتماده من طرف الجمعية العامة في مارس 2011 بعنابة، يمنح للهيئة التنفيذية للإتحادية، حق الفصل في القضايا الناتجة عن الظروف القاهرة، والوضعية الوبائية السائدة في العالم برمته، تعد من بين الحالات التي تندرج في هذه الخانة، لأن فيروس كورونا، وفضلا عن أنه تسبب في شلل كروي، فإن تدابير الوقاية منه دفعت بوزارة الشباب والرياضة إلى منع تنظيم الجمعيات العامة، وتعليق برمجتها إلى حين الحصول على ترخيص من الجهات المعنية، وقرار المكتب الفيدرالي، جسد تنازل زطشي وجماعته عن حق مخوّل لهم قانونا، مقابل اللجوء إلى حل يتناقض والإجراءات المتخذة في المرحلة الحالية، مادام الأمر يستوجب الحصول على موافقة وزارة الشباب والرياضة على هذه الخطوة، وبالتالي الترخيص ببرمجة دورة استثنائية، رغم أن موقف الوزارة كان ثابتا وواضحا منذ بداية الأزمة الوبائية، وذلك برفض فكرة استئناف المنافسة، مع تعليق برمجة الجمعيات عامة إلى غاية رفع الحجر الصحي، دون تجاهل لب القضية، والمتمثل بالأساس في موقف المسؤول الأول عن القطاع، من «الفكرة» التي إرتأت الهيئة التنفيذية للفاف اللجوء إليها، لأن رفض الوزير خالدي لهذا الإجراء، سيعود بحسابات المكتب الفيدرالي إلى نقطة الصفر، رغم أن زطشي، كان قد لجأ بالموازاة مع ذلك إلى طلب ترخيص من الفيفا لتنظيم استشارة كتابية بشأن مستقبل المنافسة، والحصول على الموافقة الرسمية من أعلى هيئة كروية عالمية، لا يعني مرور الفاف إلى مرحلة التنفيذ، بل يجب تجنب تحفظ الوزارة على هذا الإجراء، وبالتالي تجنب أي لبس حول شرعيته القانونية. ولئن كانت الإتحادية، قد بررت تنازلها عن الحق الممنوح لها في المادة 82، فإن استدعاء الجمعية العامة، وضع الفاف من زاوية أخرى في إشكال قانوني أبقى التساؤل مطروحا حول مدى «شرعية» هذه الخطوة، لأن الفقرة 6 من المادة 29 من القانون الأساسي تحدد النقاط التي تستوجب برمجة دورة استثنائية للجمعية العامة، وتنحصر في 3 نقاط فقط، تتمثل في تغيير مقر الإتحادية، تعديل القانون الأساسي وكذا حل المكتب الفيدرالي، دون التطرق إطلاقا إلى صيغة المنافسة، وهو الجانب الذي حاول مسؤولو الإتحادية تبريره، بالسعي لتوسيع دائرة التشاور بشأن مصير البطولة، بحثا عن قرار أكثر مصداقية وديمقراطية، لكن مع الحرص على ضرورة تجاهل «شرعية» الجمعية العامة الاستثنائية التي تعتزم الفاف تنظيمها، ولو عن طريقة الاستشارة الكتابية. جانب قانوني آخر، أبقى شرعية الخطوة التي قامت بها الإتحادية على المحك، ويخص «التعديل» الطارئ الذي قد تضطر الفاف إلى إجرائه على صيغة المنافسة، وذلك بإدراج مقترح توقيف البطولة مع اعتماد الصعود دون نزول، كواحد من الحلول المطروحة للخروج من الوضعية الراهنة، لأن هذا الاقتراح، والذي يبقى «الأرجح»، سيجبر الاتحادية على إدخال بعض «الروتوشات» على الهرم الكروي، وذلك بالرفع من عدد منشطي بطولة الرابطة المحترفة الأولى إلى 20 فريقا، مع إلغاء السقوط من المستويات الثلاثة الأعلى في البطولة، وهذا ما يعني بأن الجمعية العامة للإتحادية ستعمل على «تكسير» قرار كانت هذه الهيئة «السيّدة» قد اتخذته في دورة استثنائية كانت قد عقدت بتاريخ 17 سبتمبر 2019، رغم أن القوانين العامة للفاف تجبر الفيدرالية على ضبط كيفيات الصعود والسقوط في جميع الأقسام قبل انطلاقا الموسم الكروي، مع تأجيل أي تعديل إلى الموسم «الموالي»، رغم أن الفاف تسعى إلى تبرير ذلك بالحالات الاستثنائية. على صعيد آخر، فإن تركيبة الجمعية العامة للاتحادية في هذه الفترة بالذات تبقى محل طعن من حيث «الشرعية»، لأن رؤساء الرابطات انتهت عهدتهم بصفة قانونية في أواخر شهر جوان الماضي، وتواجدهم في هذه المناصب يبقى بصفة «الإداريين» منذ عقد الدورات العادية، وهذا بمراعاة مضمون التعليمة التي كانت الفاف قد أصدرتها في أواخر فيفري 2020، وتنهي عهدة المكتب التنفيذي لكل رابطة بمجرد عقد الجمعية العامة العادية، مع إعفاء كل الأعضاء من مهامهم، مقابل تكليف رؤساء الرابطات بمهمة التسيير الإداري فقط إلى غاية نهاية الموسم، والتمديد يبقى من الإجراءات التي فرضتها الأزمة الوبائية، في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الشباب والرياضة عن تأجيل الدورات الانتخابية إلى غاية تحسن الظروف الوبائية، مما يعني بأن الرؤساء الحاليين لمعظم الرابطات، لا تمنحهم صفة العضوية «الشرعية» في الجمعية العامة للفاف، بحكم أنهم ليسوا منتخبين في الوقت الراهن، وبالتالي فإنهم لا يستطيعون المشاركة في اتخاذ قرار «كبير»، مادامت الانتخابات قد تجبر بعضهم على التواجد خارج المنظومة.