أكد الوزير الأول عبد العزيز جراد، أمس الاثنين، أن الاقتصاد الموازي ما يزال يمثل إجحافا أمام الامتثال الجبائي ما يرهن جهود الدولة في النهوض بالاستثمار وتشجيعه وكذا إخلاله بقواعد المنافسة النزيهة ويحرم الدولة من الموارد المالية المرجوة. قال الوزير الأول عبد العزيز جراد، إن بعض الأشخاص يكوّنون ثروة ولا يدفعون أو يدفعون شيء قليل مقارنة بمداخيلهم. وأشار جراد إلى أن هذه الأشياء تعطي انطباع بعدم وجود عدالة اجتماعية. وأوضح جراد في كلمته الافتتاحية لأشغال الجلسات الوطنية حول الإصلاح الجبائي «أن الاقتصاد الموازيِ، على الرغم من كل الجهود المبذولة من طرف السلطات العموميةْ لتسهيل إدماجه، لا يزال ينشط خارج القواعد القانونية، مما يشكل إجحافا أمام الامتثال الجبائيِ، باعتبار أن المتعاملين في السوق الموازيةْ لا يقدمون أي مساهمة جبائية مقارنة بالمتعاملين الذين ينشطون ضمن الأطر القانونيةْ الذين يتحملون العبء كله من خلال الوفاء بواجباتهم الجبائيةْ في تمويل الواردات المالية للدولة والجماعات المحلية». وحسب الوزير الأول، فان ظاهرة الاقتصاد الموازي قد تؤدي أيضا إلى التقليص من فعالية السياسات العموميةْ الرامية إلى التشجيعِ والنهوض بالاستثمار، لكونها تشكل عائقا يحول دون السيرِ السليمِ لمسار الاقتصاد الوطني، مما يخل بقواعد المنافسة النزيهة ويحرم الدولةَ من المواردِ المالية المرجوة» . في هذا الصدد حث جراد المشاركين في هذه الجلسات «تقديم اقتراحات وعروض يمكنها أن تضمن امتثال المكلفين بالضريبة إلى التوافق الجبائي، من خلال الموازنة بين القدرات التساهمية للأعوان الاقتصاديين واحتياجات تمويل الدولة، مع السهر على ضمان التوزيع العادل للعبء الجبائي». وأبرز جراد ضرورة أن يكون هذا الإصلاح مرفوقا بإعادة تأهيل الخدمة العمومية من خلال الإصغاء لانشغالات المواطن والقضاء الجذري على البيروقراطية ومكافحة كل أشكال الممارسات السلبية التي تضر الاقتصاد الوطني وتعيق مشروع إعادة بناءه. أشخاص يكونون ثروات معتبرة ولا يدفعون الضرائب وشدد الوزير الأول على ضرورة أن يكون هذا الإصلاح الضريبي مرتبطا بحتمية إيجاد التوازن الحقيقي للعِبءِ الجبائي بين مستوى مساهمة المداخيل من جهة وتلك التي تَسْتَوْجِبُ أن ترتكز على الثروة من جهة أخرى. وأشار الوزير الأول بهذا الخصوص «أن بعضَ الأشخاص يُحَقِّقُونَ مدا خيل هائلة ويُكَوِّنُونَ ثَرَوَات مُعتبَرَة دون أَيِّ مُساهمة منهم أو أَنَّهم يدفعون أَدْنَى حدّ من الضرائب التي تَقِلُّ بكثير عَمَّا يحققونه من دخل وما يملكونه من رؤوس أموال»، وأضاف الوزير الأول بان تلك التصرفات تخلق شعُورًا بعدم المساواة داخل المجتمع؛ وتِلْكم ظَاهِرَة سلبية يجب أن يُوضَعَ لها حَدّ. وتحدث الوزير الأول عن التحديات الاقتصادية المستقبلية التي يتعين رفعها والتي ستنجم عن تنفيذ البرنامج الاقتصادي الجديد، خاصة ما يتعلق بإِلْزَامِيَة وضع نظام جبائي يُوَاكِبُ الرؤية الاقتصادية الجديدة القائمة على ترقية المؤسسات الناشئة والاقتصاد الرقمي وَقَادِرٌ على إخراج بلادنا من تَبَعِيَّتِهَا للمواد الاستخراجية وَدَمْجِهَا في سلسلة القِيم الدولية والمساهمة في التَّعْجِيل بعملية التحديث، ورقمنه أَنْمَاطِ تَسيير خدمات الإدارة الجبائية، من أجل ضمان نجاعة الوظيفة الضريبية، وبالتالي محاربة التَّهَرُّب والغِشِّ الجِبائيين بشكل فعال. ضمان الحماية القانونية والاجتماعية لموظفي الضرائب وشدد الوزير الأول على إن إصلاح جباية الدولة لا ينفصل عن الإصلاح المتعلق بالجماعات المحلية، طالما أن الجباية المحلية تشكل المصدر الرئيسي للموارد المالية لهذه الجماعات، من أجل الإقلاع بالتنمية المحلية وتحسين النمط المعيشي للمواطن. وأكد على ضرورة إعادة النزر في الطابع المركزي الذي يميز النظام الجبائي في الجزائر عَلَى نَحْوٍ يَصُبّ في اتجاه المشاركة النشطة للمجالس المحلية المنتخبة، سواء على المستوى الولائي أو البلدي. واعتبر عبد العزيز جراد انه لا يمكن أن تُكَلَّلَ هذه الخطة بالنجاح، ولن تُحَققَ الأهداف المرجوة دون المشاركة الفعالة وَتَضَافُرِ جهود مُعْظَم الدوائر الوزارية، لتحقيق تَوَازِنٍ أفضل بين احتياجات الخدمة العمومية ذات الجودة ومُسْتَلْزَمَات الموارد المالية الكافية لميزانية الدولة. وأكد على ضرورة أن تترافق تلك الإصلاحات بتدابير ترمي إلى إرساء رُوحِ أَخْلاَقِيَات المهنة التي يتعين أن يلتزم بها كل عون أثناء أداء وظائفه، من خلال الابتعاد عن أيِّ سُلُوكٍ من شأنه إِلْحَاق الضَّرر بِوَظِيفَةٍ نَبِيلَة مثل تأسيس الضريبة وَتَحْصِيلِهَا. وقال بهذا الخصوص إن الحماية القانونية والاجتماعية لموظفي إدارة الضرائب، تشكل إحدى الانشغالات الرئيسية للسلطات العمومية، التي سوف لن تَدَّخِرَ أي جهد لتحسين الوضع الاجتماعي والمهني لأعوان الإدارة الجبائية، كما ستسهر على ضمان الحماية اللازمة للأعوان أثناء ممارسة وظائفهم.