تعد فرحة التتويج في مسيرة حياة الناس العلمية والاحترافية والفنية والمهنية عادة اجتماعية ونفسية حسنة، بل هي جبلية فطرية لأن الناس بطبعهم يبتهجون بكل المسرات ويأملون النجاح والتتويج في كل ما يقدمون عليه وينفرون من الفشل وآثاره ويتمنون لو أن مسيرة الحياة كلها أمال وانتصارات وتتويجات، لا آلام فيها ولا خيبات ولا هزائم. إعداد: د .عبد الرحمان خلفة وبغض النظر عن كون الحياة عادة مزيج من الفرحة والحسرة واللذة والألم لأنها دار اختبار بالأساس، فإن فرحة التتويج مستحسنة شرعا كما هي مستحسنة طبعا، لأن التتويج نعمة من نعم الله تعالى والمسلم مطالب بان يفرح ويبتهج بنعم الله ويظهرها عليه. قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)) ولئن كان الفرح حقا والبهجة طبعا، فإن المطلوب من المسلم تجاه النعمة التي حباه بها الله تعالى وسببت فرحه: (أولا) شكر الله تعالى المنعم على فضله وكرمه وتفضيله، لأن شكر النعم دليل وفاء واعتراف وترك الشكر جحود ونكران، والنعم تدوم بدوام الشكر، قال الله تعالى: ((وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم))، وقال أيضا: ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ))، وقال: ((وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ))، فلا ينسى المسلم في غمرة فرحه الله تعالى، وليتوجه إليه بالشكر والحمد والثناء. و(ثانيا)- أن يعلم المسلم أن النجاح والتتويج الذي يفرح به اليوم ما هو إلا محطة من محطات مسيرة الحياة وليست نهايتها فلا يغتر مهما كانت قيمة التتويج ومرتبته العلمية أو الاجتماعية أو المهنية، ولذلك يداوم المسلم على الحرص على الشكر والاجتهاد في قابل أيامه ولا يتكل أو يستغني في الحياة معتقدا الكمال، وليحضر للمحطة القادمة تتويجا أو فشلا وثالثا- ليعلم أنه ليس بالضرورة النجاح في كل امتحان وإن كان ذلك مطلوبا ومرغوبا؛ لأن الفشل أحيانا قد يكون خيرا لصاحبه قال الله تعالى: ((وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ))، لأن الإنسان ميسر لما خلق له، فليس بالضرورة النجاح في كل امتحان يجتازه المسلم وليثق في ربه بعد أن يقدم الأسباب ورابعا- أن يكتشف الإنسان قدراته الذاتية ورغباته ليحسن اختيار مسار حياته بعد كل تتويج بحيث يجعل هذا التتويج المرحلي محطة يحضر لما بعدها، فلعل قدراته لا تسمح له مثلا باختيار تخصص علمي أو فني أو رياضي أو مهني معين وتسمح له باختيار تخصص آخر يبدع فيه مستقبلا ويتوج، فالعامل الأول في النجاح مستقبلا هو حسن الاختيار اليوم ومن أساء الاختيار خاب مسعاه وتكبد الفشل، فلا يسمح للمحيط الاجتماعي بالضغط تجاه اختيار معين ليست له فيه رغبة أو قدرة لأن نجاحه سيصب في صالح الأمة برمتها وفشله كذلك. الفوز الحقيقي الأكبر هو الفوز يوم القيامة وخامسا-ليعلم المسلم انه مهما حق من نجاحات دنيوية وتتويجات وشهرة فإن النجاح الحق والفوز العظيم يكون يوم القيامة حين يقوم الأشهاد فمن فاز هناك فهو الفائز حقا؛ قال الله تعالى: "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ". وقال تعالى: "لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولئِكَ لهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ". ومادام الأمر كذلك فإن المسلم مطالب بأن يتحرى تقوى الله في حياته ومسيرته العلمية والمهنية، بحيث يتحاشى الغش والتدليس والكذب فكل المشاريع العلمية والتجارية والرياضية والاجتماعية والأسرية والعسكرية وغيرها ينبغي أن تحترم فيها الأخلاقيات، وعليه أن ينافس الآخرين منافسة شريفة، دون حسد أو دسيسة أو تزوير، أو عرقلة، أو محاباة وأن يكون مخلصا له تعالى فيها حتى تكتب له عبادة يجد ثوابها يوم القيامة، لذلك فلا ييأس مما قد يبدو له أنه فشل ولا يغفل عن شكر الله في كل ما يحسبه نجاحا. ع/خ سلوك خاطئ لا شك أن شعبنا يتميز بخصال جميلة، وخلال حسنة، وفيه من الصفات الحميدة ما صار به معروفا بين الأمم. لكن نتيجة ظروف اجتماعية وتراكمات، تسربت إليه سلوكات خاطئة وممارسات غير سليمة. من ذلك قطع الطرقات العامة ووضع الحواجز فيها، كاحتجاج وكوسيلة للتعبير، وكأداة لإيصال الرأي إلى السلطات. ولا يخفى ما في ذلك من مضرة تعود على عموم المواطنين، كتعطيل أعمالهم، ومنعهم من قضاء حوائجهم الضرورية، فهناك من هو ذاهب إلى عمله، وهناك من له موعد مع الطبيب، ومن هي على وشك وضع مولودها، إلى غير ذلك. فالغاية لا تبرر الوسيلة، فالقانون كَفَلَ لكل مواطن حقه في الاحتجاج والتظاهر والتعبير عن الرأي، ويمكنه إيصال رأيه بالطرق التي يقرها القانون، ومن حقه أن ينقل احتجاجَه إلى مسؤولي البلدية أو الدائرة أو الولاية، وحتى إلى جهات أعلى، لكن ليس بطريقة تعود بأضرار على الآخرين. فقطع الطريق العام وسيلة لا يجيزها ديننا الحنيف، ولا يقرها القانون، ولا يقول بها عرف إنساني طفلة سعودية تحفظ القرآن في عمر 6 سنوات تمكنت الطفلة المعجزة حنين، من حفظ القرآن الكريم كاملا وهي في عمر 6 سنوات، مشيرة إلى أنها حفظته في إحدى المدارس التابعة لجمعية «مكنون» لتحفيظ القرآن بالعاصمة السعودية الرياض. ونقلا عن وسائط إعلامية فقد أكدت والدة الطفل، أنها «كانت تحلم بأن تصبح ابنتها حافظة للقرآن الكريم»، وأشارت إلى أنها بدأت تحفظها السور القصيرة في عمر عامين. وقالت: «الحفظ الفعلي لكتاب الله بدأ منذ أن بلغت حنين عامها الثالث». وأوضحت أنها استغلت فترة الحجر المنزلي ومكوثها في المنزل معها في تحفيظها جزءا بعد آخر من القرآن، وأحيانا كانت لا تستطيع إكمال الجزء فكانت تكتفي بالنصف. ونوهت إلى أنها «بدأت في تحفيظها من سورة يونس حتى أتمت حفظ القرآن بالكامل رهينة فرنسية محررة تعلن إسلامها أعلنت الرهينة الفرنسية صوفي بترونين المحررة في مالي مؤخرا إسلامها، فور وصولها إلى الأراضي الفرنسية. ونقلا عن وسائط إعلامية فقد قالت صوفي لوسائل الإعلام إنها ستدعو وتطلب البركة من الله من أجل مالي، وفاجأت الجميع بأنها أصبحت مسلمة واسمها الجديد مريم. وقد رفضت في أول تصريح لها وصف خاطفيها بالجهاديين أو الإرهابيين بل قالت كنت مختطفة عند فصيل سياسي، وقد أحدث الكشف عن إسلامها فور هبوطها المطار واستقبالها من قبل الرئيس الفرنسي ارتباكا لدى محضري مراسيم الاستقبال، حيث ألغى الرئيس كلمة حضرها ليلقيها هناك بمناسبة استقبالها وألغى الندوة الصحفية. الجدال الفكري وفقه الأولويات قد تتصارع الأفكار والمواقف، ضمن المجتمع الواحد أو بين مجتمعات مختلفة،لكن قبل البحث عن سيطرة مشروع فكري ما،يجب الانتباه لأولويةاستمرارية المجتمع وبقاء الدولة وصيانة الأوطان، قبل التسويق لكل المشاريع والبرامج والتصورات. بمعنى، نحن بحاجة أكيدة للاطلاع على فقه الأولويات، وتجسيده في حياتنا، ليستفيد الفرد والمجتمع، ويعرف أبناء الوطن الواحد قيمة الحفاظ على الوحدة الوطنية والدفاع على التماسك المجتمعي والاتحاد حول المثل العليا الجامعة والضمير الهوياتي المشترك الموحد، قبل الدخول في جدل وسجال المواعيد الانتخابية والسياسية، وهي قد تتجاوز مساحات النقاش، لتكون، لا قدر الله، طريقا للصراع والعراك، لذا من الواجب تحرك العلماء والشرفاء، للتسويق لخطاب المحبة الوطنية ورفض خطاب الكراهية والتشتيت والخلاف العنيف. إن هذه المسألة تهم المؤسسات والشركات، وتمس أيضا الجماعة الوطنية في الجغرافيا الثقافية والحضارية الواحدة،ولنقدم بعض النماذج من الميدان،حيث نجد العاملين في شركة أو مؤسسة اقتصادية أو ادارية، قد تختلف قناعاتهم ونظرهم للتطوير وتوفير المنتج والخدمة، فتتباين النظرة والاستراتيجية، لكن ليكن الاختلاف في حدود التمدن والتحضر، ولا يصل للعراك والصراع والتكتلات، فيمتد التحرك من البناء للهدم، ومن البحث عن حل المشاكل لفتح مشاكل جديدة؟؟ وبالنسبة للأوطان، نجد التنافس السياسي وجدل الفكر والرؤى المختلفة، وقد نشاهد العراك الانتخابي، والتصارع الحزبي، واذا توقف الأمر عند حدود حوار البدائل وجدل المشاريع، لكان هذا الأمر بسيطا، واضحا، مألوفا، عبر كل دول العالم ومجتمعاته، لكن إن حدث ارتفاع الشتائم والقذف والتشكيك في الوطنية، ونشر الاشاعات والأخبار الكاذبة،لكان في الحوار السياسي انحرافا عن المواطنة والمدنية، وكان المساهمون في السجال جاهلين للأولويات، ولم يفهموا أن الأولوية للوحدة الوطنية قبل الفكرة الشخصية والقناعة الذاتية،والأولوية للوطن وليس للمذهب أو الحزب /الطائفة، والأولوية للتماسك وبقاء كيان الدولة وليس لطرح التصورات و التمسك بها وقتل ونفي الآخر المختلف مع هذه الأفكار؟؟ وقد سجل التاريخ نتائج حزينة /مؤسفة لبعض الدول التي تصارع أبناءها فحطموا الأوطان بحثا عن بعض ملامح سياسية وأيديولوجية (سوريا، الصومال، ليبيا،اليمن، لبنان..... في الحقيقة،لا تقتصر أهمية فقه الأولويات في النظر لمصائر الشعوب فقط، فعلى كل انسان أن يتدبر هذا الفقه ويتعمق فيه، ليعرف كيف يتحرك في يومياته، نحو التركيز على الأمور المهمة ولا يتوقف عند الأمور التافهة السخيفة،لينظر للمعالي والعظائم، ويفتح مجال تحقيق النجاح واستغلال الوقت والسير في طريق التقدم والنهوض، بتقدير المواقف ومعرفة ترتيب الأولويات في الحياة. فقد تضيع المجتمعات الكثير من الوقت والجهد، إن لم تعرف أولوياتها، وقد يتصارع أبناء الأسرة/العائلة الواحدة وتتشتت عواطفهم ومشاعرهم،كما اختلفت قناعاتهم ونظراتهم للقضايا،ويصدق الأمر على يوميات الأوطان؛ فيصيبها الهوان والذل ويحل بها الخراب، لأنها لم تدرك الأولويات، ولم تميز بين قيمة التمسك بالوحدة الوطنية وقوة الاتحاد،في مواجهة عواصف التخلف و التفرقة، وهنا نقرأ أصوات الحكمة، وهي تصرخ وتنادي بأعلى صوتها: الحذر الحذر من انتشار الجدل السياسي لدرجة التصارع والعنف، لأن الأولوية للوطن وصموده ولبقاء كيان الدول، قبل بقاء نزوات الأفراد وميولهم الإيديولوجية والمذهبية الضيقة، فمن يعي ويدرك. سر اختلاف عدد أقواس المآذن في المساجد العتيقة ينقل د. عثمان عثمان إسماعيل في تاريخ العمارة الإسلامية والفنون التطبيقية بالمغرب الأقصى كما أشار لي صديقي العزيز فوزي أن الغاية من وجود الاقواس بالمئذنة لم تكن جمالية فحسب بل كانت لها دلالة هامة للمصلين؛ حيث كانت هناك مآذن تحتوي على قوسين وثلاثة وأربعة وخمسة وست أقواس فما فوق ولكل واحدة رمزية ومدلول خاص فالمئذنة ذات قوسين تدل على أن هذا المسجد موجود في قرية معزولة المئذنة ذات ثلاثة و أربعة اقواس : تدل على أن هذا المسجد هو مسجد الحي تصلى فيه الصلوات الخمس. والمئذنة التي تحتوي على خمسة أقواس : تدل على ان هذا مسجد جامع للمدينة أي تصلى فيه الصلوات الخمس إضافة إلى صلاة الجمعة على غرار مسجد الحي.. بينما المئذنة ذات ستة اقواس فما فوق : تدل على أن هذا المسجد هو مسجد ملكي كانت تقام فيه كل الصلوات اضافة الى كونه مكانا للتشاور في الامور الدينية للدولة واقامة الحفلات الدينية.