أحدث ملف المخطط التوجيهي المشترك بين البلديات للتهيئة و التعمير لولاية قسنطينة، جدلا ، انتهى أمس، برفض أعضاء المجلس الشعبي الولائي برفض المصادقة عليه، لتتواصل قصة المسلسل غير المنتهي، بسبب عدم تحديد ملكية أراضي تدخل ضمن المخطط، ليتقرر إبقاء الدورة مفتوحة استثناء في محاولة لرفع التحفظات المطروحة مجددا. وعرض مكتب الدراسات المشرف على المخطط التوجيهي المشترك بين البلديات للتهيئة والتعمير لولاية قسنطينة، خلال الدورة العادية للمجلس الشعبي الولائي المنعقدة أمس، تقريرا يتضمن توسعات جديدة وأفكار مبتكرة في محاولة لرفع التحفظات التي سجلتها وزارة السكن والعمران والمدينة، قبل فترة. وشمل العرض الذي يخص مشاريع مستقبلية تجسد على المستوى القريب والمتوسط والبعيد، تتماشى مع النمو الديمغرافي في ولاية قسنطينة، من سنة 2020 إلى 2040، ويخص خمس بلديات هي قسنطينة والخروب و ديدوش مراد وحامة بوزيان وعين اسمارة. ويعتبر هذا المخطط التوجيهي، أداة للتخطيط المجالي والإدارة الحضرية ويحدد المبادئ التوجيهية الأساسية للتخطيط واستخدام واستغلال الأراضي للبلديات الخمس، ويحدد شروط استخدام الفضاءات والحفاظ على الأنشطة الزراعية وحماية المناطق الحساسة والمواقع والمناظر الطبيعية. كما يحدد الوجهة العامة للأرضية حسب القطاع ويحدد مدى التجمعات البشرية ومواقع الخدمات والأنشطة وطبيعة ومواقع المعدات الرئيسية والبنية التحتية، إضافة إلى تحديد التدخل في النسيج العمراني والمناطق المراد حمايتها. وجاء في التقرير أن أبرز المشاريع تتمثل في توسعة الطرقات والخطوط السكك الحديدية منها خط الترامواي، كما بيّن مساحة الاحتياجات للمجمع البلدي قسنطينة، حسب الفترات والوظيفة، والتي بلغت 3543 هكتار على المستوى البعيد، وترتفع إلى 4665 هكتارا في حدود سنة 2040. مركبات سياحية ومسارح وقاعات سينما رهينة المخطط و تمثلت أبرز التجهيزات الكبرى المقترحة، في قطب رياضي يتوفر على مركبات سياحية وأرضيات مخصصة لمختلف الرياضات وملعب بمواصفات حديثة سعته 80 ألف متفرج، وقطب للأعمال عبارة عن نزل يخصص لاستضافة رجال الأعمال وقصر للمؤتمرات ووكالات عقارية وإشهار وسياحة، ومركز جامعي للصحة ومسارح وقاعات سينما ومقرات شرطة وغيرها من المنشآت، كما تم تداول بعض الاحتياجات المتمثلة في مساحات تستغل كمقابر وأخرى في انجاز مؤسسات تربوية ومساجد وسكنات مناطق نشاطات. كما تم اقتراح إنشاء قطب عمراني جديد، بالجهة الجنوبية الشرقية للولاية، أين تتمركز الأراضي القابلة للتعمير وذات مردودية فلاحية ضعيفة ، حيث يساعد هذا القطب حسب مقدم العرض، في رفع الضغط عن المدينة الأم والبلديات المحيطة بها من ازدحام وشيك ويلبي الاحتياجات المستقبلية للمجموعة على مدى سنة 2030 إلى 2040. وسبق وأن رفضت الوزارة السكن والعمران والمدينة، المخطط التوجيهي، بسبب عدم حيازة وثائق تؤكد قيام المجالس البلدية المعنية بتحقيقات حول القطع الأرضية التي تدخل ضمن المخطط، إضافة إلى سبب ثان يتمثل في ضعف المحتوى، ناتجة عن نقص في عدد المنشآت وخاصة المساحة التي ستستغل من أجل تنفيذ المشروع الضخم. ووصف مدير التعمير والهندسة المعمارية والبناء، بقسنطينة، حكيم غمري، خلال مداخلته، هذا المخطط ب»مستقبل قسنطينة الكبرى»، موضحا أن الدراسة مرت على ثلاث مراحل، وانتهت حسبه برفع كل التحفظات، لتبقى المرحلة الأخيرة والمتمثلة في مصادقة المجلس الشعبي الولائي قبل عرض المخطط مجددا على الوزارة الوصية، موجها رسالة إلى المنتخبين فحواها أن «مستقبل قسنطينة بين أيديهم، وبأن التاريخ سيكتب ما سيقررونه». كما قدمت رئيس لجنة التعمير على مستوى المجلس الشعبي الولائي، المكلفة بمراجعة المخطط، تقريرها، وتضمن مشاريع مقترح انجازها على المستوى القريب والمتوسط والبعيد أقصاه 20 سنة. وقالت المتحدثة، «إن الملف خضع للجانب الإجرائي، ويندرج ضمن الإجراءات القانونية والتي حددتها المراسيم التنفيذية، والتحفظات المدونة من الوزارة السكن والعمران والمدينة، قد تم رفعها، بعد المداولة وإقرار المخطط التوجيهي لمخطط التعمير والتهيئة من قبل المجلس الشعبي البلدي لقسنطينة بتاريخ 17 فيفري 2021، والخروب بتاريخ 4 فيفري 2021، وحامة بوزيان بتاريخ 3 جانفي 2021 وبالنسبة لديدوش مراد بتاريخ 10 جانفي 2021، وعين سمارة تم إجراء المداولة وإقرارها بتاريخ 4 فيفري 2021. أما بخصوص ما تبقى من نقص في الاحتياجات العقارية، أكدت المتحدثة أنه تم إدخال القطب العمراني المقترح قرب مدينة عين عبيد بمساحة 1500 هكتار، ضمن المخطط، ما ساهم في رفع المساحة، وتم اختيار هذه المنطقة حسبها، لأنها أبقيت جانبا من أجل استغلالها اضطراريا وعند الحاجة في صالح ولاية قسنطينة، ويبدو حسبها أن الوقت قد حان لاستغلالها، وعليه طلبت كرئيسة لجنة التعمير بمجلس الولاية من الأعضاء المصادقة على المخطط. تساؤلات حول مواقع الأراضي و أصحابها واتفق المنتخبون خلال مداخلاتهم، على أن التحفظات لم ترفع فعليا، ما جعلهم يتخوفون مرة أخرى من رفض الملف من طرف الوزارة المعنية، وذلك بسبب عدم إرفاق الملف بوثائق تثبت قيام المجالس البلدية المعنية بالتحقيقات العمومية والمداولات اللازمة، كما أكد أعضاء بالمجلس، أن اللجنة ولا مكتب الدراسات، لم يقوموا بتوضيح طبيعة الأراضي التي ستستغل ضمن المخطط، «وهل هي ملك للخواص أو عمومية حتى نكون على علم»، فيما أوضحت منتخبة، «أخطأنا في المصادقة على المخطط في المرة السابقة، ولحسن الحظ وزارة الداخلية تداركت الأمر ورفضت الملف»، مضيفة «لدينا لجنة تعمير بالمجلس، وترأسها خبيرة قضائية في الميدان، وصادقنا على ذلك المخطط لأننا كنا نجهل المعطيات»، وختمت «رئيسة اللجنة اكتفت بمناقشة بعض التحفظات مع الوالي السابق دون إعلام الأعضاء ونطالب بمعطيات أكثر دقة». كما وصف منتخب آخر، التقرير «بمجرد خرائط مبهمة المعالم»، مطالبا بوثائق وبيانات دقيقة، تحدد أماكن وقوع المساحات التي تدخل ضمن المخطط، وقال آخر «نحن ضد تسوية هذه الأراضي .. تم منح هكتارات من المساحات للخواص بمبالغ رمزية، ثم يبيعونها كقطع أرضية ما يجعلهم أثرياء على حساب التنمية المحلية»، وأضاف «لجنة التعمير لم تمنحنا التقرير وسمعناه فقط وهو ما تعودت عليه في كل مرة، وكأننا نعمل في الظلام، علمنا ببعض المعطيات مباشرة عند وصولنا، عوض تحضير أنفسنا مسبقا». والي قسنطينة قال أن القانون ينص على إرسال المخطط التوجيهي بعد تعديله مصحوبا بسجل استقصاء ومحضر قبل الاستقصاء والنتائج التي يستخلصها المفوض المحقق وبعد المصادقة على المخطط التوجيهي والمتمثل في الدراسة في حد ذاتها، وبأن كل ملاحظات المواطنين ترسل جملة، مذكرا بأن مهمة المنتخبين تقتصر في الموافقة على المخطط من حيث المضمون والمشاريع، بغض النظر عن طبيعة أو هوية أصحاب الأراضي إن كانوا خواص أو لا، والاهم حسبه هو تجسيد تلك المشاريع التنموية. وردت رئيسة اللجنة على مداخلات بعض الأعضاء مؤكدة أنها لم تتمكن من نسخ كل الملف لأنه يتوفر على أكثر من 2000 صفحة، وقامت بقراءتها في ظرف أسبوع وعوض أن تتلقى الشكر أصبحت تنتقد، واصفة الملاحظات «في غير محلها» مطالبة بسحبها»، لتعرف الأجواء توترا بين بعض المنتخبين، انتهت بتدخل رئيس المجلس الشعبي الولائي الذي دعا إلى طي صفحة الخلافات الشخصية وعدم إقحامها في القرارات المتخذة أثناء العمل، رافضا التعقيب على آراء الآخرين. وبعد الأجواء المكهربة بدقائق، انطلقت عملية التصويت والتي عرفت ارتباكا كبيرا من بعض الأعضاء الذين ترددوا في رفع أياديهم سواء بالقبول أو برفض المصادقة، ليتدخل رئيس المجلس الولائي، مطالبا إياهم بتحديد موقفهم، وبعد عملية حسابية أعيدت 3 مرات، تبين أن عدد الرافضين للمصادقة بلغ 15 صوتا، فيما كان عدد المصوتين 14، ليقرر رئيس المجلس الولائي، بترك الدورة مفتوحة إلى حين رفع التحفظات التي تحدث عنها المنتخبون.